المدرب القادم وشراكة القرار

حسين الغافري

لا حديثَ يشغل الوسط الرياضي في هذه الفترة أكثر عن الترقُّب في هوية "المُدرب الجديد لمُنتخبنا الوطني".. انتظارٌ يُقلق الجميع أكثر من القلق الذي عشناه خلال المرحلة الماضية للفرنسي بول لوجوين من نتائج لم ترتقِ لمستوى الطموحات، وغياب كُلي لهوية الأحمر خلال فترته "السلبية" بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. فلم يُوفق لوجوين في ترتيب الأحمر وبناء مجموعة قوية لها ثقلها في الميدان، ولها هويتها الفنية الواضحة. عموماً، هي فترة أصبحت من الماضي والحديث عنها يجب ألا يتجاوز تعلم الدروس وأخذ العِبر والتجربة، مغبَّة تكرارها في المستقبل، وهو ما يُحتِّم ضرورة العِناية في الاختيار المقبل، والتريث ولو طالت فترة البحث عِوَضاً عن الاختيار المتعجل غير المناسب، وتكرار ذات المشهد الذي ذُقناه خلال السنوات الماضية!

قبل كُل شيء، وقبل التركيز وطرح الأسماء في الخيارات التدريبية المُفضلة والملائمة لِمُنتخبنا، علينا أن نكون واضحين مع أنفسنا في الطموحات التي نتطلع إليها في قادم الوقت، والنتائج التي نُمني النفس بتحقيقها والوصول إليها كي تكون مقياسًا لنجاح أي عمل يُكلَّف به المدرب الجديد. ومن هذه المقاييس: هل طموحاتنا لا تزال قائمة في مركز أول عن المجموعة التي نصارع فيها ضمن التصفيات المزدوجة للتأهل لكأس العالم في روسيا 2018 وكأس أمم آسيا في أبوظبي 2019؟ أم أنَّ التأهل بات حُلماً وردياً تبخر وعلينا أن نستفيق بعد صفعة تركمنستان الموجعة، وأن بطاقة التأهل أصبحت محسومة نظرياً وورقياً لمُنتخب إيران -ولو أن كرة القدم لا تعترف لا بالنظريات ولا بالأمور الورقية!. أيضاً وكخطط مستقبلية: هل تحقيق بطولة كأس الخليج القادمة مطلب رئيسي؟ أم هي كما عشناها في خليجي 22 بالرياض والتلميحات من لوجوين واتحاد اللعبة بأنها استعدادية لكأس آسيا في أستراليا، وخرجنا بخفي حُنين، لم نحقق هذا ولم نقدم أي نتيجة وشكل يشفع لنا في الثانية، ولم نرَ شكل بناء منتخب للمستقبل كما نسمع عنه. ومن هُنا، علينا فعليًّا أن نضع نقاطا واضحة وطريقة عمل جادة نضعها على طاولة أي مُدرب قادم.. ولنترك شماعة "بناء فريق للمستقبل" جانباً، فما هي إلا مدعاة للتغاضي عن النتائج السلبية، ولحرق أعصابنا جميعاً في هشاشة الحضور والمنافسة، وورقة باتت ضعيفة ومكشوفة نعلق عليها "الفشل"!.. دعونا نعمل بشفافية مع جمهور الأحمر من خلال خطط فعلية وحقيقية، ولنؤمن جميعاً بأنَّ المُنتخب هو مُنتخب السلطنة وليس لأحد سُلطة مُطلقة عَلَيْه.

ولعلَّ مُبادرة جريدة "الرُّؤية" الإيجابية، يوم أمس، وحرصها على أن تجمع صُناع القرار في الاتحاد الكروي للعبة، والمُهتمين وذوي الخبرة الواسعة في الوسط الرياضي، ضمن حلقة نقاشية "المدرب المِناسب لمنتخبنا"، خير شاهد على ضرورة استماع كُل الأطراف المعنية لبعضها البعض، وتعمل على تَقريب البعيد ونقطة التقاء لمختلف وجهات النظر، وتُوحيد القرار الفيصل في عملية الاختيار. ولـ"الرُّؤية" السبق في ذلك بعد ندوة مشابهة عُقدت مطلع العام الحالي بالنادي الثقافي تحت عنوان: "الرياضة العمانية.. التجربة والمُستقبل"، خرجت بتوصيات مُثرية، وضمت عدَّة محاور مهمة ننشدها باستمرار. ومن هنا، نتمنَّى حقيقةً أن نشاهد أدوارًا أكثر كثافة لكل وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة في ضرورة طرح مثل هذا المواضيع بشكل موسَّع، وأخذ زمام المبادرة والتعاطي مع ما يهم الجمهور الرياضي، وطرح الرؤى التي من شأنها أن تكون عاملًا مساعدًا فعليًّا، وإضافة نوعية في مسألة: الشراكة في الاختيار".

HussainGhafri@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك