داعش فزاعة دولية غير مألوفة!!

عبيدلي العبيدلي

أبوبكر البغدادي واسمه الكامل إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي... أبو علاء العفري هو نائب أبوبكر البغدادي وهو أحد أبرز قيادات جماعة داعش. اسمه الحقيقي عبد الرحمن مصطفى... أبو علي الأنباري هو الاسم الحركي لحاكم الجانب السوري الذي تُسيطر عليه جماعة "داعش. قام بخلافة أبو أيوب المصري كوزير للحرب في داعش أو تنظيم القاعدة في العراق سابقاً بعد مقتل المصري وأبو عمر البغدادي... أبو سليمان الناصر هو الرئيس الحالي لمجلس الحرب والقائد العسكري لجماعة "داعش" وذلك بعد مقتل أبو أيمن العراقي في غارة جوية أمريكية... وأخيراً صلاح عبد السلام، الذي يترأس قائمة المطلوبين للعدالة، ويُعد أحد أخطر المطلوبين للسلطات في فرنسا.

روسيا تنفذ بسوريا أكبر عملية عسكرية جوية منذ عقود... تزامناً مع العمليات الروسية في سوريا... "الناتو" يبدأ غداً أكبر تدريبات عسكرية له في المتوسط. يبدأ حلف شمال الأطلسي (الناتو) تدريبات عسكرية ضخمة في البحر المتوسط... تزامنًا مع العمليات العسكرية الروسية في سوريا... تنسيق عسكري نادر يُحقق أهدافا وأخيرا، وليس آخرا، كما يقال، "داعش" يشهد أكبر عملية انشقاق في صفوفه.

تلك كانت تغطيات إعلامية نقلتها حرفياً كما تمّ نشرها على مواقع كثيرة من شبكة "الويب"، تنشر أسماء لقادة "داعش"، سوية مع العمليات التي نفذت ضده.

وما يلفت النظر فيها، عندما تقرأ، ومن ثمّ تلخص، على نحو متكامل ومترابط، أن "داعش" تحول إلى ظاهرة متغولة، فشلت في مواجهتها؟ آلة الحرب الحديثة التي لجأ إليها أكبر تحالف دولي، ربما لم يشهده العالم من قبل، إذا استثنينا ذلك الذي واجهه طاغية العراق صدام حسين.

بل إنّ داعش، كما تقول تلك التغطيات، لم "تهن" قواها حتى وهي تُعاني من بعض الانشقاقات التنظيمية العمودية.

بقدر ما تلفت هذه الظاهرة "الداعشية" النظر، بقدر ما تثير علامة استفهام كبيرة مجسمة حول الأهداف الحقيقية الكامنة وراء مثل هذا التضخيم الإعلامي، وعلى الصعد كافة: حجم "داعش" الحقيقي، حجم التحالف الذي تكون لمواجهته، جدية الحروب التي تشنها قوات التحالف ضده... إلخ من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابة جدية مسؤولة، التي في غيابها من حق المتابع لمشهد تلك المعارك التي تدور رحاها بين "داعش"، ومن هم ضده، منطلقاً من قاعدة رئيسة أنّه بغض النظر عن الموقف من طبيعة الصراع، فمن المستحيل، بل ومن غير المنطق ألا يُدين المرء سلوكيات "داعش" وممارساته التي تتنافى وأبسط القيم الإنسانية، دع عنك الدينية، أن يثير القضايا التالية:

1. طالما هناك شبه إجماع سياسي عالمي، تنضوي تحته، حتى، منظمات دولية مثل الأمم المتحدة، فما هو السبب الحقيقي الكامن وراء عجز هذا التحالف السياسي الدولي من تشكيل تحالف عسكري، بحجمه وكفاءته، يضع حدًا لهذه الظاهرة "الداعشية". لا يستوي هذا الاستمرار في المناوشات العسكرية التي تُطيل من عمر "داعش"، إلا عندما تكون هناك قوة مؤثرة في هذا الصراع لها مصلحة مباشرة في استمراره كتنظيم وأكثر منه، كظاهرة.

2. من الصعوبة بمكان القبول ببروز بعض التعارضات الثانوية على سطح ذلك التحالف الدولي، مثل إسقاط الطائرة الروسية بيد المؤسسة العسكرية التركية، ثم ارتقائها إلى مستوى التناقض الرئيس بين دول التحالف الدولي، ثم تتطور كي تتحول إلى أزمة، يدرك المتخاصمون، أكثر من غيرهم، أن ليس هناك مستفيد منها أكثر من "داعش". ومن ثمّ فمن غير المنطق السوي أن نشهد استمرار هذا "التخلخل" في المعسكر المضاد لـ"داعش"، الذي يمده بالقدرة ليس على الاستمرار فحسب، وإنما أيضاً لتوسيع نطاق أنشطته، حتى وصلت إلى عواصم ذلك التحالف الدولي ذاته، وبعمليات مُتقدمة نوعياً كمجزرة باريس الأخيرة.

3. الأمر ذاته ينطبق على القوى السورية المحلية، ويشمل تحالفاتها الإقليمية، التي لم يعد مقبولاً، ولا حتى منطقياً، هذه الخلافات التي تنخر جسدها التنظيمي السياسي والعسكري، حتى بات الاقتتال بينها، والذي يفوق في بعض معاركه ذلك الذي يدور بين أيّ منها والنظام السوري، منهكاً لها، ومثيرًا لمدى جديتها في مشروعها السياسي المركزي الذي ينطلق من إسقاط نظام الأسد القائم. تحذر هذه الصورة من تحول ساحة الحرب السورية إلى مجرد اقتسام الغنائم أكثر منها مشروعا وطنيا متكاملا، يضع حدًا للحالة "الداعشية".

4. الحاجة إلى تفسيرات مقنعة حول التمويلات المالية والعسكرية التي تمد "داعش" بالقدرة على الاستمرارية أولاً، والتوسع ثانيًا. فما يزال العالم يتابع صفقات النفط التي يوقعها "داعش" مع جهات عالمية، تباع بعدها كميات من النفط في الأسواق السوداء، تدر مليارات الدولارات على "داعش". والكل يعلم أن أسواق النفط من أكثر الأسواق تنظيمًا، ويجري التحكم في عملياتها وفق أنظمة كفؤة ومعقدة، تجعل احتمالات اختراقها ضيقة، اللهم إلا إذا كانت هناك قوى عالمية مؤثرة، من مستوى واشنطن، وموسكو لها مصلحة مباشرة في التغاضي عنها.

5. القدرة التنظيمية الفائقة التي تتمتع بها أجهزة "داعش"، والتي تسمح لها باختراق الأنظمة الأمنية لدول عريقة، مثل فرنسا، وتنجح في تنفيذ عملية بحجم تلك الأخيرة التي هزت أجهزة باريس الأمنية من الجذور. وتزداد علامات الشك حجماً وحضورًا عندما "يتبجح" الأمن الغربي، بما فيه أجهزة الاستخبارات المركزية الأمريكية، بأن من قاموا بتنفيذ العمليات كانوا تحت أنظار "رادارهم الأمني" لما يزيد على ثلاث سنوات قبل تنفيذ عملياتهم.

كل ذلك مجتمعًا، يضع الظاهرة "الداعشية" تحت مجهر شكوك كبيرة، ويطالب القوى التي تدعي محاربتها لهذه الظاهرة بأن توفر إجابات مقنعة تفسر استمرار هذه الظاهرة الإرهابية من جانب، وعجز التحالف الدولي الذي يدعي أنّه يحاربها من جانب آخر، حتى تحول "داعش" إلى فزاعة عالمية غير مألوفة.

تعليق عبر الفيس بوك