المناسبات الوطنيّة وعدالة الفرح

إضاءة

مسعود الحمداني

(1)

فرحة العيد الوطني لهذا العام كانت متميّزة، والفرحة استثنائيّة، اختلفت عن كل الأعوام السابقة، وتسابقت المحافظات على صياغة لوحات الفرح، كلٌ بطريقتها، ولاقت بعض العروض استحسانًا، ولم تخل أخرى من ملاحظات فنيّة، وإخراجيّة وتنفيذيّة، غير أنّ الملاحظ أنّ كتابة لوحات المحافظات الشعرية كانت حكرًا على أسماء شعريّة محدودة دون غيرهم.. وهذا ما يطرح تساؤلا عن تكرار هذه الأسماء في معظم المحافظات، وحرمان شعراء تلك المحافظات من شرف المشاركة في صياغة تلك اللوحات..

ولو أنّ اللجنة العليا للاحتفالات، أو لجنة الاحتفالات المحليّة في تلك المحافظات أعلنت في وسائل الإعلام عن مسابقة لاختيار أفضل اللوحات للمشاركة في العروض، على أن تكون الأولوية لشعراء المحافظة لكان ذلك أكثر عدالة في توزيع هذا الشرف السنوي على الجميع..

أمّا أن يحتكر بعض الشعراء المشاركة، ويتم ترشيحهم في مكاتب الولاة والمحافظين، وكأنّ السلطنة خلت من الشعراء الجيدين فتلك مسألة يجب إعادة النظر فيها، لأنّ الوطن للجميع، والفرحة يجب أن توزع بعدالة أكبر.

(2)

في كثير من المحافظات هناك كفاءات عمانيّة ساهمت طوال سنوات في إضفاء طابع الأصالة على الاحتفالات الوطنية، كما أنّه أصبحت لديها خبرة تراكميّة تستطيع خلالها المساهمة في الارتقاء بمستوى العروض، غير أنّ استبعاد مثل هذه الكوادر في بعض المحافظات، وإسناد إخراج الاستعراضات إلى مجموعة من (الخبرات) غير المواطنة يطرح أكثر من علامة استفهام عن مدى الإضافات النوعية التي قدّمها هؤلاء لروح المناسبة.. وعن الفاعلية التي أسهموا في توظيفها.. والتي عجزت الكفاءات الوطنية عن تقديمها..

أعتقد أنّه من العدالة إسناد مثل هذه المهمات الوطنية إلى الخبرات العمانية، أولا: لأنّها أحق من غيرها للمساهمة في هذه المناسبة، وثانيًا: لأنه لا ينقصها شيء لتقديم أفضل ما لديها لوطنها وقائدها، وثالثا: لأنّها أقل كلفة من (الخبرات) الوافدة.. أليس كذلك؟!!

(3)

ترصد الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون مئات الآلآف من الريالات على إنتاج وتصوير عشرات الأغاني والقصائد لبثها في المناسبات الوطنية، وهذا هدف محمود، إلا أنّ أغرب ما في هذا الأمر، هو أن تبث الهيئة أغنية أو قصيدة جديدة لشاعر ما مرة أو مرتين، ثم تعود لبث أغانٍ قديمة لأسماء معينة وبشكل متعمّد، مما يحرم الآخرين من مساحة البث، كما أنّ ذلك يشير إلى أنّ الهيئة تركّز على أسماء بعينها، لتسجل حضورها في أذهان الجمهور، وتهمل أخرى قد تكون أكثر جودة، بل إن مثل هذا الوضع يؤكد على أن تسجيل وتصوير هذه الأعمال هو مجرد تسجيل حضور، وتحصيل حاصل لا أكثر..

بث أعمال الشباب الفنية والشعرية يحتاج إلى عدالة أكبر من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، حتى لا تتحول المناسبة إلى التركيز على أسماء بعينها، وكأنها مقرر دراسي سنوي، وتتحول الأموال المرصودة للأعمال الجديدة إلى هدر للمال العام دون قيود.

(4)

في المناسبات الوطنية تنهمر قرائح الشعراء والفنانين، الذين يتسابقون لتسجيل أعمالهم وحضورهم في هذا الكرنفال السنوي، ويقوم البعض بتسجيل عمله بجهوده الذاتية، ويدفعون لأجل ذلك مئات أو آلاف الريالات أحيانًا، إضافة للجهد والوقت المبذول، ومن ثم يسلّمون العمل للتلفزيون والإذاعة جاهزًا، إلا أنّهم يتفاجأون بأنّ الهيئة تطلب (إجازة) هذه النصوص من (لجنة تقييم النصوص) في وزارة التراث والثقافة، وهنا يقع الفنان أو الشاعر في إشكاليّة إجازة هذه النصوص، كما أنّ اللجنة تكون في وضع حرج، فإمّا عدم إجازة العمل لوجود ملاحظات عليه، وإمّا إجازته دفعًا للضرر عن الشاعر أو الفنان.. ولأنّ الجميع (يتكدّسون) في وقت واحد، وفي فترة زمنية محدودة للغاية، والجميع يريد إجازة عمله، فإنّ ذلك يسبب إرباكًا للعمليّة برمتها..

وهنا أقترح أن يتم نشر إعلان واضح وصريح بالخطوات التي يجب على الفنان أو الشاعر اتباعها قبل تسليم عمله للتلفزيون أو الإذاعة حتى لا يذهب جهد الشباب الذين يجهل معظمهم هذه الإجراءات سدى.. وحتى لا تكون للجميع حجة بعد ذلك.. أعتقد أنّ ذلك سيكون أكثر عدالة من الإرباك الحاصل حاليًا.

وكل عام وعمان وقائدها ـ حفظه الله ـ في أعياد وسعادة..

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك