تكريم المجيدين

طالب المقبالي

بَيْنما كنتُ أنظِّم ملفَّاتي في الحاسوب، عثرتُ على هذا المقال الذي كتبته قبل أشهر ولم أنشره في حينه لأسباب لا أتذكرها، وأعتقد أنَّه جاء في وقته كَوْن "الُّرؤية" احتفلتْ، مؤخرًا، بتكريم الشباب المبدع من أصحاب المبادرات.

فكلُّ إنسان يعمل، ولكن يبقى هناك فارق بين مَنْ يعمل من أجل العمل، وبَيْن من يجد ويجتهد، ويحاول إثبات وجوده بتقديم أقصى ما لديه من فكر وإبداع وإتقان.

حينها يَظْهر جليًّا العمل المخلص، والذي يستحقُّ الثناءَ والتقديرَ والتكريمَ، من العمل المبتذل والذي غالباً ما تندسُّ وراءه نوايا وأهداف ليس المراد منها التفاني والإخلاص وتأدية الأمانة بالوجه الذي يجب أن يكون، وإنما لغايات ولقضاء مآرب أخرى، لا سيما الصحفي الذي يستغل مهنته في عمل علاقات خاصة لقضاء مآربه الشخصية.

فالذي يَعْمل يجب أن يُراعي الله فيما يقوم به من عمل؛ لأنه في النهاية يتقاضى أجراً مقابل عمله؛ فالعمل أمانة، ويجب مراقبة الله والإخلاص في كل عمل يقوم به الإنسان.. فعَنْ عَائِشَةَ أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ".

فإذا أتقن الإنسان عمله، وعمل بإخلاص ووفاء، فإنَّ ذلك لا يخفى على أحد، وستكون عاقبة ذلك التكريم في الدنيا والثواب في الآخرة.

ويقودني هذا المقال الذي أطلقت العنان لكتابته فتوقفت لأسباب خاصة إلى التكريم الجميل الذي أقامته "الرُّؤية" لمراسليها المجيدين والمتميزين يوم الخميس 26 فبراير 2015م، بمقر المؤسسة بمسقط، والذي ضمَّ مجموعة من المراسلين ومن أسرة التحرير بالجريدة.

وقد حرصت إدارة "الرُّؤية" على استقدام أحد عمالقة الإعلام العربي وهو الكاتب الصحفي الكبير فؤاد أبوحجلة الذي يُعدُّ أحد مؤسسي صحيفة "الغد" ورئيس تحريرها، قبل تركه العمل بالصحيفة، كما يُعد أبوحجلة أحد عمالقة الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، متنقلا بين عواصم العالم؛ حيث استعرض أبوحجلة أساسيات وقواعد العمل الصحفي مدعوما بالشرح الوافي وضرب الأمثلة حسب الواقع الذي نعيشه في سلطنة عُمان وما تزخر به من مقومات طبيعية ومعالم وآثار ومواقع سياحية جميلة تُعتبر مادة إعلامية خصبة تتيح للصحفي الإبداع والتنوع في مجاله الصحفي، وقد استعرضَ أبوحجلة تجاربه المتنوعة في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، مما أتاح لنا الإطلاع على هذه التجارب الجميلة والاستفادة منها.

وتُعتبر هذه اللفتة الكريمة التي تُوليها المؤسسة لمراسليها المتميزين إنما ناتجة عن تقدير إدارة المؤسسة للكوادر التي تتفانى في عملها وتؤديه بإخلاص دونما كلل أو ملل؛ مما يدفعنا لبذل مزيد من الجهد والعطاء كي نفي الجريدة حقها ونرد هذا الجميل والرعاية التي تغمرنا بها.

وقد حَضَر الحلقة النقاشية الأستاذ الفاضل عباس مدير تحرير جريدة "الرُّؤية" الذي أضاء لنا الطريق في عملنا كمراسلين لهذه الجريدة، وبيَّن لنا كثيرًا من الأمور التي كانت غائبة عن أذهاننا، كما حضرت اللقاء كلٌّ من الزميلات مدرين المكتومية وفايزة الكلبانية، اللتان كان لهما دور فاعل في إثراء هذا اللقاء لتبادل الأفكار وإكسابنا مهارات سوف تنعكس مستقبلا على مسيرة عملنا الصحفي، ولا أنسى هنا أن أشيد بدور الزميل عادل البلوشي من القسم الرياضي الذي سهل لنا طريقة التواصل معه من أجل الأخبار الرياضية.

فتحيَّة لهذه المؤسسة الرائدة بقيادة المكرم حاتم الطائي التي منذ أن أُنشئت وهي تأخذ بأيدي المبدعين، وتقيم المسابقات للشباب المبدعين ولأصحاب المبادرات الفردية والجماعية؛ فهناك "جائزة الرُّؤية الاقتصادية"، و"جائزة الرُّؤية لمبادرات الشباب"، وهناك الكثير من المبادرات التي تقوم بها "الرُّؤية".

فمتى ما كان الإبداع والتفاني والإخلاص حاضراً كان التكريم حاضراً.

وقد سمعنا عن الكثير من الوزارات والهيئات والمؤسسات التي كرَّمت موظفيها المبدعين، لا سيما الموظفين القدامى؛ مما يعطي الدافع للموظفين الآخرين بالعطاء وبذل الجهد للتميز والمنافسة للوصول إلى منصة التكريم أسوة بالموظفين الذين تم تكريمهم، بمعني أن التكريم حق مكتسب لكل مبدع سواءً كان صحفيًّا أو موظفاً في أي مؤسسة كانت حكومية أو خاصة، لينال كل ذي حق حقَّه.

muqbali@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك