قطاع التعليم بالسلطنة بحاجة إلى قرارات مصيريَّة

د.خالد الجرداني

قطاعُ التعليم بالسلطنة بحاجة إلى إعادة نَظَر في كلِّ المجالات والمستويات؛ سواء بما يتعلَّق بالتعليم ما قبل المدرسة، أو التعليم المدرسي، أو التعليم الجامعي.. فما يُقدَّم للمجتمع هو نتاج هذه العملية؛ فبالقَدْر الذي يُراعَى فيه حاجات المجتمع وتطلعاته في قطاع التعليم، نستطيع أنْ نحكُم على هذا القطاع بالنجاح أو الفشل.

فقطاع تعليم ما قبل المدرسة بحاجة إلى وقفة واضحة ومراجعة شاملة، فما زلنا نجهل نسبة التحاق أطفالنا بمدارس ما قبل المدرسة ومراكز رياض الأطفال، والذي من خلاله يُمكننا أنْ نقدِّم وسائل وحلولًا ناجحة تكون أكثر فاعلية؛ كإضافة فصول ما قبل المدرسة في المدارس الحكومية وتقديم مناهج معينة من أجل الالتحاق لاحقاً بالتعليم المدرسي... تساؤلات عديدة لا تزال تحوم حول التعليم ما قبل المدرسة: هل من الحكمة ترك هذا الأمر تحت مسؤولية الأسرة والأبوين بالتحديد؛ فهم من يُقرِّران إرسال طفلهما لهذه المراكز وباختيار الأنسب لهم بالنظر الى إمكانياتهما المالية غالبا، أو تركه في المنزل إلى أن يأتي وقت المدرسة الإلزامي؛ ممَّا يُسبِّب ضغطا كبيرا على معلمات الحلقة الأولى، وظهور الفروق الفردية بين المتعلمين بشكل واضح وملموس؟!

التعليمُ المدرسي -بما يحتويه من طلاب ومعلمين ومساندين لهم وإداريين في المدارس، إلى جانب مختصي الوزارة في المناهج والتدريب والإشراف والتقويم التربوي...وغيرهم من الفنيين في الوزارة- بحاجة ماسة هو الآخر إلى المراجعة لأدوار كل واحد من القائمين عليه، ومدى ما يقدمونه إلى العناصر الأساسية في العملية التعليمية وهم المعلمون والطلاب؛ فبقدر ما يقدِّمه كلُّ هؤلاء للمعلم والطالب من اهتمام ومساندة معرفية وتقنية ومعنوية ومادية تتولَّد الإيجابية بين الطرفين، والعكس صحيح.

فمع ظهور المشكلات والمظاهر السلبية في قطاع التعليم المدرسي، وجبت الحاجة إلى إعادة النظر في كلِّ مُكونات العمل التربوي، والنظر أيضا في إمكانية التغيير المبني على البحث العلمي الصحيح.

أما التعليم الجامعي بتحدياته، فهو بحاجة أيضاً إلى قرارات حاسمة من قبل المؤسسات نفسها، ومن قبل القائمين على التجويد من جانب آخر. فمع وجودنا في مستويات مُتدنية -مقارنة بمؤسسات تعليمة أخرى- يتبادر إلى ذهننا السؤال عن ماهية الإجراءات التي نحتاج إليها من أجل بناء مؤسسات قائمة على المهنية الصرفة، والتي تشجع الابتكار والبحث العلمي والنشر؛ من أجل بلوغ مستويات تتناسب مع تطلعات هذا الوطن.

ومن هُنا.. تظهر الحاجة الماسة في وقتنا الحالي إلى هذه المراجعات بشكل أوضح وأدق، ليس فقط بإقامة الندوات والمؤتمرات التي لا نُتابع نتائجها وتوصياتها عادة، أو حتى بالإعلان عن لجان عمل لا وُجُود لها على أرض الواقع، أو أنها ليست لها الكفاءة التي تمكنها من الإنتاج، بل نحن بحاجة إلى النظر بشكل واقعي مبني على تلمُّس الواقع الذي يطمح من أجل بناء نظام تعليمي مُترابط من خلال وضوح المراحل والمعايير في كل مستوى من مستويات التعليم، والتي تُبنى ويُتَّفق عليها من قبل جميع المعنيين بالنظام التعليمي؛ بناءً على وسائل واضحة للمراجعة والتقويم المستمر؛ وبالتالي يتحمَّل كلُّ شخص معني بالنظام ما يقوم به من عمل.

تعليق عبر الفيس بوك