قومي تحلي الواجب!!

طالب المقبالي

عند الساعة الخامسة والربع فجرًا تسلل إلى أذناي صوتٌ خافتٌ قادم من الغرفة المجاورة التي تنام فيها ابنتي الصغيرة ذات العشرة أعوام.

تتبعت الصوت الذي لم أتبين حقيقته منذ الوهلة الأولى، فإذا به المنبه الصادر من جهاز الآيباد الخاص بابنتي.

ففي الوهلة الأولى انتابني نوع ٌمن الاستغراب حين سمعتُ المنبه في مثل هذا الوقت المُبكِّر من الفجرِ ممزوجاً بالفرحة والبهجة حين وجدت ابنتي الصغيرة تضبط منبه جهازها تزامناً مع وقت صلاة الفجر.

إلا أنّ تسمية التنبيه للاستيقاظ كانت غريبة وفيها نوعٌ من الطرافة وبديهية الطفولة البريئة. فقد كان المنبه مضبوطاً حسب مفهوم التسمية من أجل المذاكرة " قومي تحلي الواجب " .

في بادئ الأمر وعند قراءتي للمُسمى تبسمت ضاحكاً من تركيبة الجملة باللهجة الدارجة العمانية البحتة وهو من أجل التذكير بالاستيقاظ المُبكر لمذاكرة واسترجاع الدروس في مثل هذا الوقت بعد أن أخذ الجسم غايته من الراحة، وتهيأت النفس لاستقبال يوم دراسي جديد. بدون تردد قلت في نفسي هذا عنوان جميل يمكنني توظيفه لمقالي القادم.

وبما أنني أرغب في التعمق أكثر كي أكون موضوعًا وأكتب مقالاً متكاملاً لابد من استيضاح الأمر من صاحبة الشأن عن سر هذه التسمية الطريفة، وبالفعل سألتها عن سر ضبط المنبه في مثل هذا الوقت المبكر ولماذا اختارت هذه الجملة التي شدتني لكتابة مقالي هذا فقالت : لقد ضبطت المنبه في هذا الوقت أولاً من أجل أن أصلي صلاة الفجر ليُساعدني الله في النجاح والتفوق في المدرسة، ومن ثمّ من أجل حل الواجبات واستذكار الدروس بحيث يسهل عليّ استذكار ما راجعته عندما تسألني المُعلمة عن الواجب وذلك لقصر الفترة بين المذاكرة ووقت المدرسة.

لقد أُعجبت بردها حفظها الله وحرسها من أيّ مكروه ووفقها فيما تصبو إليه من نجاح.

وهنا استحضرت الحديث النبوي الشريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإذا ما نشأ الطفل في بيئة طيبة فإنّه سينشأ نشأة طيبة، ولا أدعي أنني من غرس فيها هذا الطبع وهذا الشعور، وإنما هناك عوامل مشتركة من الأسرة غرست فيها هذه القيم وهذه النشأة الحسنة، وكذلك معلماتها أسأل الله أن يوفقهن في عملهن.

فابنتي دائمًا تثني على مُعلماتها وتذكرهن بالخير على تحفيزهن المستمر لها ولزميلاتها المتميزات من أمثالها.

أسأل الله أن يثُبتها على طاعته وأن يجعلها من الصالحين .

وإنّه إذا ما اجتمع تعاون الأهل مع جهود المدرسة فإنّ النتائج بإذن الله طيبة، فالمنزل مُكمل لدور المدرسة. وإذا ما عدنا إلى العنوان الذي شدني فإنّ له مدلول واحد وهو الأمر والتوجيه والزجر .

فهي لم تجد ربما من يوجهها ويطلب منها الاستيقاظ في مثل هذا الوقت رأفة بها لصغر سنِها، لكنها استنبطت واقع الحال الناتج عن التنشئة والتربية الحسنة التي توجه الطفل نحو الأعمال الصالحة وبالتالي ابتكرت هذا الطلب من أجل حثِّ نفسها على الاستيقاظ المبكر للصلاة والمذاكرة وحل الواجبات كما جاء في نص التنبيه.

تعليق عبر الفيس بوك