أيُّها العزيز

عائشة البلوشيَّة

هل لك أيها الشهر العزيز أن تُخبرني كيف هو شعورك كل عام؟ هل لك أيها الشهر العزيز أن تُخبر العالم عن ماهية حبورك زهوا، منتشيا بين شهور العام؟ وهل لك أن تخبر الكون بأنك أجمل شهر لدينا ﻷنك تحمل لنا ذكرى هي أجمل الذكرى، صاغت قصيدة عشق بين أرض وشعب وخيرة الحكام؟

نوفمبر أيها الشهر العزيز، هل تذكر دخولك علينا في العام الماضي، وأعيننا تمسح صفحة السماء، وآذاننا تنصت لكل خبر يلوح؟ ننتظر عودة حبيب قلوبنا من دار غربة، بعد أن استوحشت الأرواح غيبته التي طالت؟ وهل تذكر يومك الخامس؟ عندما دبت الحياة في يباس النفوس، بكلمات هي وربي كقطر الغيث بعد جدب طويل، فأصغينا السمع لذلك الصوت الحنون، وبكينا سعدا برؤيته، وهو يربت بجلال أبوي بكلماته على قلب كل عماني أبي، في دقائق لم تتجاوز الأربع، مثلت لكل عماني عمرا من راحة وبشر وحبور.

نوفمبر أيها الشهر الجميل، هاتفتني مساء يوم الأحد الماضي جدتي الغالية، والتي ناهزت الثمانين من عُمر رسم أيامه على تلك العصى التي تتكئ عليها لتعينها على مشية لا تتعدى الخطوات، وقبل أن أنطق بحرف ناشدتني: "بشِّري!"، وهي المستبشرة بالخير دوما في كل ميلاد جديد، في زهور البل عندما تتفتح معلنة عن موسم جديد لجميع أشجار الحمضيات، وفي ركام مزون تلوح في الأفق الشمالي لبلدة العراقي، وفي بذور البر عندما تبدأ في الاستعداد لغرس موسم جديد؛ قلت لها: "بشرك الله بالجنة، وما الذي تريدين البشرى حوله؟"، أجابتني مسرعة: "قيل لي إن صاحب الجلالة سيظهر على شاشة التلفاز، ما مدى صحة الخبر؟"، فأجبتها: انتظريه بإذن الله في أخبار العاشرة، فجاءني ردها الممشق بسعادة المحب، رد هو لسان حال كل عماني عشق هذا السلطان الإنسان: "حتى وإن كان ظهوره فجرا، سأظل منتظرة"....

نوفمبر أيها الشهر الغالي، جئت هذا العام مُطلًّا بأبهى وجه نرتقبه بحب، وأنظر ابتسامة نتتظرها بشوق، فكأنك وضعت بلسما من حنو على قلوب تشتاق إكسيرَ حياتها لتطمئن على ساكنها؛ فسكنت أرواحنا به ومعه وله، ما أسعدنا به وهو بيننا، على ربوع بلاده التي تعشقه، تظلنا معه ذات السماء، ونستنشق معه ذات العبير الصباحي الجميل، وتمر علينا ذات النسائم العمانية الجميلة.

نوفمبر أيها الشهر العزيز، تمرُّ الأعوام ونحن نمر معها، ونراك تكبر معنا في الجديد والنمو والتطور، لتأتي بوجهك الاستثنائي هذا العام، وعمان تراقب عن كثب أبناءها وقد انتخبوا أعضاء مجلس شوراهم، في عملية ديمقراطية سلسة، واجتمع المجلس لاختيار رئيس المجلس ونائبيه، فأضفيت على الأجواء روح من طمأنينة على قادم الأجيال.

نوفمبر أيها الضيف المجيد، رغم الخوف والترقب الذي يعيشه العالم اليوم بسبب سعر الذهب الأسود، ولكننا دأبنا منذ العام 1970م ننتظرك لنستقبلك كل عام بحب وترحاب وبشر، فثناياك دوما محملة بالجديد المبهج، فأنت لست بضيف اعتيادي يحل ويرحل كأي ضيف، بل ما نلبث أن نستقبلك بحبور إلا ونجد أنفسنا نرتدي أردية الشوق لك في مقبل الأعوام، ونحن نبتهل للعاطي الوهاب أن يسبغ نعماءه على من جعل الفرحة في قلوب شعبه مقرونة بذكره ورؤياه، وأن يحفظه ويمد في عمره الغالي في صحة وعافية، وأن يسعد قلبه بشعبه وأمنهم وأمانهم واستقرارهم على هذه الأرض الغالية.

----------------------

توقيع: "لكل من تفقَّد سطوري، فأرسل متسائلا: هل هي النقطة آخر السطر؟ أرد شاكرة وأقول: كانت استراحة كي أملأ دواتي بسحر الحبر، وكل عام وعماننا سلطانا وشعبا يرفلون في السعد والخير في كل شبر".

تعليق عبر الفيس بوك