(QNB): تحديات وفرص مرتقبة أمام اقتصاد نيجيريا.. وتعزيز دور القطاع الخاص يعزز الآفاق المستقبلية

الرُّؤية- خاص

قال التقريرُ الأسبوعيُّ لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إن زيادة مشاركة القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد النيجيري، من شأنه أن يحدث تغييرا في آفاق مستقبل البلاد.. مشيرا إلى أنَّإحرازالتقدم على المستويين السياسي والأمني يمثل أمراً أساسيا في هذا الخصوص.

وأضاف التقرير بأنَّ الرئيس النجيري الجديد محمدو بوهاري يمتلك القدرة على تحرير الاقتصاد وفتح المجال أمام القطاع الخاص للعب دورأكبر؛ مما قد يؤدي إلى ارتفاع النمو بشكل كبير، كما يتعين على الرئيس تشكيل حكومته قريبا من أجل إضفاء وضوح أكثر على السياسة الاقتصادية والمالية، وبالتالي تحفيز الثقة والاستثمارات ودعم التعافي التدريجي للنمو باتجاه المعدلات المرتفعة التي حققها الاقتصاد النيجيري في الماضي.

وأوضح التقرير أن الاقتصاد النيجيري يتيح فرصاً كبيرة، في بلد يبلغ تعداد سكانه 179 مليون نسمة، معظمهم من الشباب، ويزداد نمواً بسرعة بنسبة 2.7%سنوياً. كما أن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ نسبة 7.7% على مدى السنوات الخمس عشرةالماضية، مع وجود برنامج استثماري ضخم لإنفاق واحد تريليون دولار أمريكي حتى عام 2030، وهو ما من شأنه أن يوفر فرصاً للمشاركة من قبل القطاع الخاص، إضافة إلى أن هناك عدداً من القطاعات غير النفطية الكبيرة التي لديهاالقدرة على النمو بقوة. ويمثل قطاع الخدمات 38% من الناتج المحلي الإجمالي، والزراعة 20% والصناعات التحويلية 10%،وتتشكّل أساساً من المواد الغذائية والمنسوجات والملابس. علاوة على ذلك، فإن هناك ثمة مؤشرات باحتمال تحسّن البيئة السياسية.

وتمخضت الانتخابات الأخيرة في شهر مارس الماضي عن فوزالرئيس الجديد، محمدو بوهاري، ودخول حزب جديد إلى السلطة بعد 16 عاماً من حكم حزب الشعب الديمقراطي، للمرة الأولى في تاريخ نيجيريا التي يتم فيها إبعاد رئيس للبلاد عن السلطة ديمقراطياً. ويسود تفاؤل كبيربأن السيد بوهاري بإمكانه أن يعزز من الشفافية ويرفع كفاءة أداء الحكومة. بالإضافة لذلك، فإن مخاطر التمرد في شمال البلاد آخذة في الانحسارحالياً بعد أن استعاد الجيش معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها المتمردون.

لكن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد تباطأ إلى النسبة المتوقعة التي تبلغ 4.0% في عام 2015، حيث يواجه الاقتصاد بعض التحديات. أولاً، أثر تراجع أسعار النفط سلباً على الأداء الاقتصادي، فنيجيريا تعتمد بشكل كبير على النفط الذي يشكل 90% من إيرادات التصدير و85% من إيرادات الحكومة، ويعني تراجع الأسعار وانخفاض الانتاج أن حجم الإيرادات قد تقلص بواقع النصف تقريباً في عام 2015. وقد ظل إنتاج النفط يتراجع منذ 2011 بسبب ضعف الاستثماروعدم الاستقرارفي مناطق الإنتاج. وتم تخفيض سعر صرف العملة المحلية بواقع 21% خلال العام الماضي، حيث قاد تراجع إيرادات التصدير إلى عجز في الحساب الجاري وأدت المخاوف بشأن الاقتصاد إلى هروب رؤوس الأموال. وهبطت الاحتياطات الأجنبية من 6 أشهر من غطاء الواردات في بداية عام 2014 إلى حوالي 4 أشهر، أي أعلى بقيل من المعدل الذي يوصي به صندوق النقد الدولي والذي يبلغ 3 أشهر للاقتصادات ذات سعر الصرف الثابت. وقد أدى تراجع سعر صرف العملة المحلية واختناقات الإمداد إلى ارتفاع معدل التضخم (9.4% في سبتمبر 2014)، الأمر الذي أجبر البنك المركزي على إبقاء أسعار الفائدة على ارتفاع (تم رفعها آخر مرة إلى 13.0% في نوفمبر 2014)، مما تسبب في إبطاء النمو الاقتصادي.

ثانياً، أدى ضعف الاستثمار إلى تردي البنية التحتية الأساسية وزيادة اختناقات الإمداد. وبلغ إجمالي الاستثمار 17% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية مقارنة مع نسبة 28% في كافة الأسواق الناشئة و20% في بقية اقتصادات منطقة إفريقيا جنوب الصحراء. وتنتج نيجيريا طاقة كهربائية أقل من دولة قطر على الرغم من عدد سكانها الكبير، فالطاقة الكهربائية باهظة الكلفة وتشهد أجزاء واسعة من البلاد انقطاعات في التيارالكهربائي، بالإضافة إلى ازدحام الموانئ وتردي وضع السكك الحديدية، ويتم نقل كل الوقود المخصص للاستهلاك المحلي عبرطرق برية غير معبدة إلا بنسبة 20% فقط. ويُتوقع أن تؤدي فجوة البنية التحتية في نيجيريا إلى تقليص النمو بنسبة 2% في السنة على الأقل. ويعتقد البنك الدولي أن نيجيريا بحاجة إلى استثمارات في البنية التحتية تتراوح قيمتها بين 30 و50 مليار دولار أمريكي في السنة، وهذه الأرقام أكبر بثلاث مرات تقريباً من المستويات الحالية.

ويعد تمويل مشاريع البنية التحتية تحدياً كبيراً تواجهه الحكومة في ظل تراجع أسعار النفط الذي أضربالقدرة على الإنفاق. لذلك، أعطى الرئيس الجديد الأولوية لإعادة هيكلة قطاع النفط والغاز. فقد قام السيد بوهاري بتعيين مدير جديد لشركة النفط الوطنية النيجيرية، الذي بدوره قام بترشيد وتحديث الإدارة، وهو حالياً بصدد إخضاع الشركة ككل لتدقيق قضائي. ومن شأن زيادة الشفافية والفعالية في شركة النفط الوطنية النيجيرية أن يقود إلى نتائج مذهلة. فعلى سبيل المثال، نجد أن قطاع الطاقة بحاجة ماسة إلى الغاز من أجل تشغيل محطات توليد الطاقة في الوقت الذي تحرق فيه شركات النفط والغاز ما يقدر بـ 1 مليار دولار أمريكي من الغاز سنوياً بسبب تدني اسعارالغازنتيجة ضعف البنية التحتية والافتقارإلى التشريعات والضوابط الملائمة. علاوة على ذلك، لدى نيجيريا الإمكانية لتضاعف تقريباً إنتاجها من النفط الذي يبلغ حوالي 2 مليون برميل في اليوم حاليا.كما من شأن زيادة مشاركة القطاع الخاص أن تجلب تمويلاً أكثر لمشاريع البنية التحتية. ويقوم البنك الدولي حالياً بمساعدة نيجيريا على تطويرالقدرة والقوانين لعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص من أجل الاستثمار في البنية الأساسية.

تعليق عبر الفيس بوك