لابد من "الكوتا" لوصول المرأة إلى الشورى

عائشة العلويَّة

ما الذي حال دون وصول (نا) لمجلس الشورى؟ وما الذي يسهِّل وصول (هم) إلى مجلس الشورى؟ وهل لدى الحكومة رغبة أو إرادة لتواجد المرأة تحت قبة المجلس؟.. أسئلة سنحاول الإجابة عنها عبر هذا المقال.

كما يعلم القارئ الكريم، فإنَّ عددَ المترشحات لعضوية مجلس الشورى للفترة الثامنة بلغ عشرين مترشحة، ولم تظفر منهن سوى واحدة فقط هي في الأصل موجودة في الدورة السابعة (نعمة البوسعيدية) ممثلة ولاية السيب، فيما فشلت الأسماء الأخرى وحالت إرادة المجتمع دون وصولها.. حدث ذلك رغم أنَّ النساء هن وقود الانتخابات، ويشكلن كتلة انتخابية بل هن غالبية الكتلة الانتخابية في مختلف محافظات السلطنة، ولكنها كتلة مسيَّرة في قرار الاختيار، وهي لا تعي مفهوم الديمقراطية والاختيار، ويعاني بعضها أمية قانونية، وهذه كلها عوامل تسهل انقيادها إلى تأييد المعسكر الآخر، الذي يصل إلى مجلس الشورى في كل مرة، ويكتسح كافة المقاعد وتمثل النساء اللائي أشرن إلى معضلتهن العامل الجوهري لذلك الوصول.

وسوف يستمر الوضع على هذا النحو، طالما أنَّ مفهوم عضو مجلس الشورى في الذهن الجمعي مفهوما خدميًّا اجتماعيًّا يريد منه بسطاء المجتمع تخليص معاملاتهم العالقة لدى الجهات الحكومية -سواء خدمات الإسكان أو الصحة أو التوظيف أو الضمان- ويريدونه أيضاً داعماً لإقامة السبل والمجالس العامة ودوري الفرق الرياضية ومساعداً لهم في نقل بعض الحالات الحرجة من وإلى المستشفيات؛ فهذا هو ما كُرِّس في وعي المجتمع، ولا يزال حتى اللحظة، وعلى المرأة أن تتعاطى مع هذا المفهوم بإيجابية إذا أرادت أن تصل أو تحوز على ثقة ناخبيها. عليها أولاً أن تشتغل بكل تلك الأدوار الاجتماعية في المجتمع ومهام العلاقات العامة في الجهات الحكومية، كما أنه يفضل أن ترصد موازنة مالية جيدة تسهل وصولها إلى قلب وعقل المجتمع الذي يواجه غياباً لبعض الخدمات نتيجة البيروقراطية وفشل قيام بعض المؤسسات الخدمية بأدوارها الفعلية في تقديم خدماتها للمواطن؛ فأصبح رجاؤه في عضو مجلس الشورى كبيراً كي يعينه في الحصول على حق من حقوقه، وهذا الكلام ليس من قبيل المبالغة، بل هو حقيقي لمسته شخصيًّا.

نعود في حديثنا إلى المرأة وأهمية تمثيلها أو مشاركتها السياسية؛ حيث أُتيح لها حقُّ الترشح والانتخاب كجزء من التمكين السياسي لها، وعلى الرغم من تراجع أعداد المترشحات، إلا أنَّ ذلك جزءٌ من الإصرار على الوصول والمشاركة، ولأنَّني لا أريد أن أُكرِّر ما ذكرته آنفا، والذي لمسنا فيه الأسباب المباشرة لعدم وصول المرأة بما يُلبِّي طموحها الوطني، ولكون الحكومة بلا شك تلمس ذلك، فلا بد إذن من العمل على بلورة قرار سياسي يُتيح للمرأة ضمان المشاركة السياسية تحت قبة المجلس؛ من خلال ما يُسمَّى بنظام "الكوتا" النسائية، وهو مفهوم "لاتيني الأصل يقصد به نصيب أو حصة"، استخدم هذا المصطلح بدرجة كبيرة للإشارة إلى تخصيص نسبة، أو عدد محدد من مقاعد الهيئات المنتخبة؛ مثل: البرلمانات والمجالس البلدية للنساء؛ وذلك لضمان إيصال المرأة إلى مواقع التشريع وصناعة القرار. باعتبار الكوتا يمثل أحد الحلول المؤقتة، التي تلجأ إليها الدول والمجتمعات لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة.

... اقتُرح نظام "الكوتا" أو تخصيص حصص للنساء خلال المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، في بكين عام 1995، كآلية يمكن استخدامها كحل مرحلي لمشكلة ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية، وعزوفهن عن المشاركة في مراكز صنع القرار، وللحد من الإقصاء وعدم تمثيلهن أو ضعف هذا التمثيل.

وهو ينقسم إلى عدة أنواع:

- الكوتا المغلقة: التي تحدد مقاعد مخصصة للنساء فقط، ولا يحق للمرأة الترشح خارجها.

- الكوتا المفتوحة: حيث يُمكن للنساء أن يخترن بين أن يترشحن على نظام الكوتا المحددة للنساء فقط أو خارجها؛ وبالتالي يمكن للمرأة أن تتجاوز نسبة الكوتا المخصصة لها.

- كوتا الحد الأدنى: حيث يُحدد حد أدنى تستطيع المرشحات أن تتجاوزه؛ كأن يكون على الأقل 30%، فإذا حصلت النساء على نسبة أعلى من خارج الكوتا، فإن ذلك يعتبر انعكاساً لتطور المجتمع واتجاهات الناخبين والناخبات.

- كوتا الحد الأعلى: حيث يحدد الحد الأقصى لمقاعد النساء، ولا ينجحن إلا صاحبات أعلى الأصوات بين المرشحات على أساس هذا الحد الأعلى.

- الكوتا الاختيارية: التي تفرضها الأحزاب على لوائحها. وهنا، يجب أن يكون مراعاة لإمكانية فوز النساء؛ وذلك حسب ترتيبهن على اللوائح، خصوصاً في ظل النظام الانتخابي النسبي على أساس اللائحه (وهذا الأخير لا يمكن تطبيقه في السلطنه لعدم وجود أحزاب فيما يمكن النظر في دراسة تطبيق ما ذكر أعلاه).

ومع وجود الإرادة السامية والتحفيز المباشر من لدن مولانا جلالة السلطان -أبقاه الله- لضرورة مشاركة المرأة العمانية، فإن بلورة ذلك ينقصه فقط هذه الخطوة لحين تنامي ونضج الوعي المجتمعي الذي يقف حجر عثرة أمام وصولها حالياً وحرمان الأجندة الوطنية من عطائها السياسي تحت قبة مجلس الشورى.

تعليق عبر الفيس بوك