أين الجهات المسؤولة عن مواقف حدائق الصَّحوة؟

زينب الغريبيَّة

بدأ الجو بالاعتدال، وأقبل الناس من جديد على الخروج في الهواء الطلق مع عوائلهم، وهنا تجد تجمعات نسائية وهناك أخرى رجالية.. حدائق الصحوة بما تحتويه من بيئة طبيعية متنوعة في أشكالها من مكان لآخر، من مساحات خضراء ونافورات مياه متنوعة الأشكال وأماكن مختلفة للعب الأطفال وممرات لممارسة رياضة المشي، وتتسع لأعداد كبيرة من المواطنين، وأنت فيها تشعر بنوع من الاسترخاء في وسط طبيعة ليست مصطنعة، بل مناظر شكلت بمزج رائع طبيعي ولطيف يبعث في النفس الراحة والهدوء.

عندما ذهبت إليها الأسبوع الماضي بصحبة أطفالي لنقضي فيها ساعات مع الطبيعة، تفاجأنا بمواقف السيارات المخصصة لرواد الحديقة، وقد أوقفت فيها -بشكل شبه كامل- سيارات ربما لأشخاص مسافرين أو يعرضونها للبيع، حتى إنَّ بعضها قد تم تغطيتها بالكامل بغطاء معتم لا يكشف عمَّا تحته، حتى إنه لا يشكل وضعا آمنا؛ فقد نصحت أبنائي بعدم الاقتراب من تلك السيارات المغطاة؛ فمن الممكن استغلال مثل هذا الوضع لترك سيارة مفخخة إذا ما أريد فعل مثل ذلك، إلا أنَّ المشكلة أننا بحثنا عن موقف لسيارتنا قريب أو بعيد عن البوابة لم نجد موقفا إطلاقا، مما اضطرنا للنزول أمام باب الحديقة، ثم يأخذ السائق السيارة؛ ليبحث لها عن مكان بعيد في الأماكن المقابلة للحديقة ليوقفها، ثم يذهب لإحضارها عندما يحين وقت ذهابنا.

أصبحت ظاهرة بأن تستغل مواقف الحديقة لترك السيارات لفترات طويلة، ومرتادي الحديقة لا يجدون موقفا لسياراتهم، ألا يجد أولئك الناس مكانا آخر لترك سياراتهم أثناء سفرهم أو غيابهم، أيُعتبر ذلك الوضع آمنا من ناحية أنه من الممكن أن يتم سرقة مثل تلك السيارات أو أجزاء منها، أو أن يستغل مثل هذا الوضع لاستخدام فكرة وجود سيارات مغطاة لأغراض حفظ ممنوعات مثلا في مكان لا يخطر ببال أحد تخزينها فيه، أو أن تستغل كسيارات مفخخة لا سمح الله إن أراد من قاموا بتهديدات مسبقا لفعل ذلك في البلاد، حفظ الله بلادنا من كل سوء.

غير أن المنظر العام غير لائق: سيارات عليها الغبار، وأخرى مغطاة بغطاء قد غيرت أشعة الشمس الحارقة لونه وأكملت ذرات التراب المتراكمة عليه اللوحة الفنية ليعطي صورة لا تليق بأن توصف بها مسقط التي عرفت بجمالها ونظافتها وحصدت جوائز في هذه جانب، فضلا عن صورة المواطن العماني بأن يضع سيارته في مثل تلك الحالة بلا مبالاة بأنه يتعدى بذلك على حقوق آخرين في مرافق خُصِّصت لهم نتيجة ارتيادهم هذا المكان، ولا يلتزم بالنظام الذي وُضع لتنظيم الحياة المدنية، وحصول كافة المواطنين على الحقوق المخصصة لهم، فلا يتعدى أحد على حقوق الآخرين بكسر مثل تلك القوانين والأنظمة، حينها يحتاج مثل ذلك الشخص إلى من يوجهه إلى التصرف الصحيح ليمارس أحد واجباته كمواطن بشكل صحيح، وإن اقتضى الأمر مخالفته على ذلك أو حجز سيارته بعد تنبيهه وإنذاره قبل ذلك.

إلا أن الوضع يستحق النظر فيه، حفظا للأمن، وحفاظا على حق مرتادي الحديقة لإيجاد مواقف لسياراتهم، ومن الممكن أن نجد حلا لمثل تلك الاحتياجات للمواطنين الذين يرغبون في إيجاد موقف لسياراتهم لفترات طويلة وبشكل آمن، بأن يخصص لتلك السيارات مكان يكون قد تمت تهيئته بشروط الأمان من حائط لا يتيح عبوره للداخل إلا من أتى من البوابة وسجل اسمه وأشهر بطاقته الشخصية وبياناته الأخرى كالغرض من إيقاف سيارته والمدة التي يرغب فيها باستخدام الموقف، ويعزز المكان بكاميرات لتحقيق الأمان للسيارات من السرقة أو التفتيش، وأن يتم فحص السيارة والتأكد من خلوها من أي شي غير آمن أو ممنوع قبل وضعها في الموقف، مقابل أن يدفع المواطن الذي يستخدم الموقف مبلغا رمزيا كمساهمة في التكلفة التشغيلية للمكان، وبذلك نكون قد حافظنا على السيارات بشكل آمن من ناحية، وحافظنا على النظام والأمن الذي قد يختل جراء جعل العملية سائبة مثل ما هي عليه الآن.

ربما لا يعي تأزم الموقف إلا من ارتاد المكان، فأنا لم أكتب إلا بعد أن رأيت أن الوضع قد زاد على حده؛ فعدد السيارات التي تقف في مواقف حدائق الصحوة تكاد تكون بعدد المواقف جميعها؛ فالأمر يستحق أن نطلق عليه ظاهرة؛ وبالتالي فإنَّ الأمر يستحق النظر من الجهات المختصة ربما البلديات أو شرطة عمان السلطانية، أو بالتعاون بينهما، للقضاء عليها وإيجاد الحلول لها، من أجل الحفاظ على كل ما يمت بصلة للموضوع من أمن واستقرار، ونظافة ونظام، وحقوق لمراتدي الحديقة باستخدام كافة المرافق المخصصة لهم أثناء ذهابهم للحديقة.

Zainab_algharibi@yahoo.com

تعليق عبر الفيس بوك