مختصون: التفاهم بين الزوجين بشأن الإنجاب يُسهم في تماسك العلاقة.. والعلم الحديث يساعد على الحل

د. نهال عفيفي اللجوء إلى الدجل والشعوذة مخالف للعقيدة ويضر بالأسرة

الزعابي:الحكمة والتعقل من السمات الواجب توافرها لدى الزوجين لحل المشكلة

الزدجالي: النظر إلى الحياة بإيجابية أبرز أسباب تفادي تداعيات العقم

الرؤية- محمد قنات

أكد عدد من المختصين وخبراء النفس أنّ مشكلة عقم الأزواج تتطلب تفاهمًا بين الطرفين، إذ إنّ تداعياتها يمكن أن تعصف بعش الزوجية، مشيرين إلى اهمية التعامل مع هذا النوع من المشكلات بجانب من الحكمة والتعقل.

وقالوا إن الأمر يختلف من شخص لآخر، فهناك من يتعايش مع الموضوع باعتبار أنّه "قضاء وقدر" والبعض الآخر يحوله إلى مشاكل وخلافات مع الطرف الآخر، ربما تؤدي في نهاية الأمر إلى الانفصال.

وقالتالدكتورة د.نهال عفيفي (طبيبة أخصائية) إن المجتمع ينظر إلى مشكلة العقم على أساس أنّها مشكلة كبيرة ومعضلة حقيقية يمكن أن تعيق مسيرة الزواج وتسبب له الكثير من المشاكل سواء كانت اجتماعية أو نفسية، وتأثر في العلاقات بين الأسر في المجتمع. وأضافت أنّ هذه المشكلة يمكن أن تفكك أواصر الترابط والمحبة والمودة بين أفراده، وفي حالات كثيرة تسبب في انفصال الزوجين خاصة لو كان سبب العقم المرأة وليس الرجل، حيث يشعر أحد الطرفين- لاسميا الطرف سبب المشكلة- بالذنب والنقص، لأنّه لا يقدر على النسل، مما يُسبب مشاكل نفسية واجتماعية تخلق نوعاً من التوتر في العلاقات الزوجية بين الطرفين. وتابعت أن العقم يمكن أن يكون دافعا رئيسيا عند الرجل للزواج بأخرى حتى يحصل على الإنجاب، حيث يمكن للزوجين أن يتجاوزا مشكلة العقم حال تحليهما بالصبر والإيمان ويوقنا بأنّ تلك المشكلة اختبار من الله، وعليهم أن يكونوا صادقين فيما بينهم ويفتحوا باب التحاور الحقيقي، دون جرح لمشاعر أيّ منهما بما يدور بداخلهم من مشاعر، وأن ينظروا إلى تلك المشكلة التي واجهتهم بطريقة إيجابية بحيث. وأوضحت أنّه يتعين على الأزواج إيجاد حل لأنّ الزواج غير متوقف فقط على الإنجاب، وإنما هو علاقة اجتماعية مهمة، وبها روابط إنسانية أعمق من ذلك، وينبغي على الأزواج التحدث مع الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين لمعالجة مشاكلهم الاجتماعية والنفسية. ومضت تقول إنّ العقم يمكن أن يحول عش الزوجية إلى جحيم، إذ يتسبب في مشاكل زوجية كثيرة بسبب عجز أحد الطرفين عن الإنجاب أو كليهما، ويُمكن أن تكون تلك المشاكل شبه يومية ومتكررة، تسفر عن مشحانات لا تنتهي بين الطرفين، مما يجعل الحياة الزوجية صعبة، ويمكن أن يتسبب في حالة عزلة بين الزوجين، بمعنى أن كل طرف يتجنب التحدث إلى الآخر مما يؤدى إلى بعد الطرفين عن بعضها. وتطرقت عفيفي إلى أن التعامل مع مشكلة العقم يختلف من شخص لآخر، ويعتمد الأمر على طبيعة الشخصية والنفسية والبيئة الاجتماعية والثقافية لكل طرف، لكن عادة ما تتعامل المرأة بمحاولة أن تجد حلاً للمشكلة وخاصة إذا كانت هي سبب العقم، وحتى وإن كانت تلك الحلول ليست منطقية أو علمية. وأوضحت أنها للأسف تلجأ أحيانا إلى الشعوذة والدجالين وغيرهم، بينما يلجأ الرجل عادة إذا لم يكن السبب إلى الزواج من أخرى، إذا فشلت كل الطرق لحل مشكلة العقم عند زوجته، أما إذا كان هو سبب العقم فهو عادة يشعر بالنقص في رجولته فيحاول تعويض ذلك النقص أما بالحنان والحب الشديدين مع زوجته أو العكس فتتحول الحياة للزوجة إلى جحيم.

وبينت الدكتورة نهال عفيفي أن هناك نوعين من العقم؛ فهناك عقم أولي وهو العقم الذي يصيب المرأة منذ بداية حياتها الزوجية، ونوع آخر هو عقم ثانوي؛ وذلك يصيب المرأة بعد إنجاب طفل أو حدوث حمل ينتهي بإجهاض أو حمل خارج الرحم.

وأشارت إلى أنّ عقم الرجال قد يحدث بسبب خمول الحيونات المنوية، وعدم استطاعتها الوصول إلى بويضة الأنثى وتخصيبها، وأن العقم عند الرجل تعود أسبابه لعوامل تتعلق بخلل في وظائف الغدة النخامية، في قاع المخ، أو الغدد الأخرى التي تؤثر على وظيفة الخصية مثل الغدة الدرقية والغدة فوق الكلوية والبنكرياس.

وزادت الدكتورة نهال قائلة إنّ الطب الحديث توصل لمعالجة الكثير من أسباب العقم؛ حيث يعتمد أسلوب العلاج على مسببات العقم سواء بالنسبة للرجل أو المرأة أو كليهما معاً، ويمكن تحديد الأسباب التي تقف وراء ذلك من خلال الفحوصات المختبرية، وغالباً ما يتمكن الكثيرون من وضع طرق المعالجة اللازمة، وعندما يُحدد الأطباء الأسباب التي تقف وراء العقم من خلال هذه الفحوصات غالباً ما يتمكنون من وضع طرق العلاج اللازمة، وفي حال عجزهم عن معرفة السبب وتأكدهم من صعوبة الحمل الطبيعي، فإنهم ينصحون المريض بمراجعة الأطباء المختصين بالهرمونات، بغية الوقوف على مدى ضرورة اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي، ولهذا التلقيح عدة طرق تختلف باختلاف نوع المشكلة التي تعيق عملية التلقيح الطبيعي.

ومضت تقول إنّ البعضقد يحتاجون إلى علاج هرموني، وقد يحتاج البعض الآخر إلى علاجات أخرى كحالات مرض البطانة الرحمية ولكن الأغلبية تحتاج إلى العلاج الهرمونيوذلك بإعطاء أنواع مختلفة من الهرمونات لتحفيز البويضات على النمو والنضج لتصبح صالحة للإخصاب كما يوجد العلاج الجراحيفي حالة وجود انسداد في قناتي فالوب لأيّ سبب من الأسباب فتعالج إما بمحاولة إصلاح هذا الخلل، حيث يمكن فتح الانسداد في قناة فالوب باستعمال قسطرة خاصة تُمرر عن طريق عنق الرحم عبر الرحم للوصول على قناة فالوب وفتحهاTranscervical Selective Salpingography وتعتبر طريقة تشخيصية وعلاجية في آن واحد.

وبينت أنّ التدخل الجراحي يكون في حالات مرض البطانة الرحمية وفي حالة وجود ألياف رحمية تعيق الحمل، وكذلك في حالات وجود حاجز في داخل الرحم، التصاقات داخل الرحم، فإذا كانت هناك التصاقات يتم تحريرها بواسطة منظار الرحم. وعملية تدعى Salpingolysis Or Adhesiolysis، ويمكن إجراؤها عن طريق منظار البطن. ونتائج هذه العملية جيدة عادة وتُغني المريضة عن عملية فتح البطن لإصلاح الانسداد.

ومن جهة أخرى، قال سامي الزعابي المهتم بشؤون الأسرة إنّ العقم من أهم الأمور التي تجلب الشعور بالخوف من المستقبل للمرأة، أن تكون عاقراً، لأن ذلك قد يؤدي إلى فشلها في حياتها الزوجية، وفي كثير من الأحيان قد قد تشعر الزوجة بأن تكون نهايتها الطرد من البيت أو الطلاق، لتواجه وحدها نظرة المجتمع القاسية، واستدرك على العموم تعد هذه النظرة ظالمة في حق من ليس له حول ولا قوة في وجود هذه المشكلة الصحية.

وأضاف أنّ وجود مثل هذه المشكلة في الأسرة قد يكون سبباً في انفصال الزوجين للأسف، إن لم يكن الطرفان على وعي تام بأسباب هذه المشكلة والعمل على علاجها صحياً ونفسياً، لاسيما وأن تجاوز الزوجين لهذه المشكلة يتوقف على مدى فهمهما لأسبابها واحتمالات العلاج المتوفرة؛ إذ إنّ أسبابها متعددة بالنسبة للرجل والمرأة. وبين أنّ الرغبة في الإنجاب غريزة أساسية عند الزوج والزوجة وليس من المستبعد أن يحول العقم عش الزوجية إلى جحيم لا يطاق وقد يؤدي إلى أبغض الحلال ألا وهو الطلاق. وحثّ الزعابي الطرفين (الزوج والزوجة) على التعامل مع هذه القضية بنظرة ملؤها الحكمة ويحكمها المنطق، لأنّ أيّ قرار قد يتخذ في هذا الموضوع له أثر بالغ في حياة كلا الطرفين.

وأوضح أنّه منذ آلاف السنين ربط الإنسان المرأة بالأرض فكما تنتج الأرض النبات بعد أن يرمي بها البذر كذلك تنجب المرأة الأطفال بعد أن يعاشرها الرجل، ومع التكريس للنظام الذكوري في المجتمعات فإنّ المرأة الأرض أصبحت مسؤولة عن عملية الإنجاب والتناسل؛ حيث استمرت المرأة في حمل مسؤولية العقم وحدها (حتى فترات قريبة)، ولم تكن فكرة الرجل العقيم واردة، لولا البحوث الطبية في بدايات القرن العشرين عندما أثبت العلم وجود حالات عقم عند الرجل كما المرأة، ولكن المفارقة المجتمعية التي بقيت مستمرة هي تجريد المرأة من كل إنسانيتها لأنّها عاقر فقط.

وقال محمد بن محمود سالم الزدجالي إنّ الذين ابتلاهم الله بالعقم يحتاجون في الغالب إلى دعم ومساندة المجتمع، ودعم الأفراد المحيطين بهم حتى يتجاوزوا الآثار التي تترتب على عدم الإنجاب؛ حيث يمكن أن يعيش الزوجان في أمن وسلام بعيدا عن المشاكل، شريطة أن يراعي كل منهما مشاعر الآخر، وألا يحاول أن يرمي كل من الزوجين اللوم على بعضهما ولا يسمحان لأحد أن يتدخل في حياتهما بالصورة السلبية التي يمكن أن تهدم عش الزوجية. وأضاف أن الإنجاب أو العقم قضاء الله، ومنحة يعطيها من يشاء، ويمنعها عمن يشاء، فإذا تصالح الإنسان مع هذه القاعدة بصورة عميقة سيعيش حياته بصورة طبيعية.

وتابع أن هنالك حالات كثيرة لأزواج منذ سنين طويلة لم يرزقهم الله بالانجاب ولكن رغم ذلك يعيشون في حياة هادئة وسعيدة ويقومون بواجبهم في الحياة، وقد اقتنعوا بأنها مشيئة الله عز وجل الذي قدر لهم ذلك ويتعاملون مع المجتمع الذي يعيشون فيه بكل إيجابية، وفي المقابل هناك أزواج صبروا على عدم الإنجاب لسنوات طويلة وعوضهم الله سبحانه وتعالى بإنجاب الأبناء، فالصبر على الابتلاء دائماً تكون نتائجه مبشرة بالخير.

تعليق عبر الفيس بوك