مَنْ يستحق صوتي؟

سَيْف المعمري

الحديث عن انتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة، يتصدرَّ الآن أحاديث المجالس العُمانية؛ خصوصا بعد انطلاق العرس الانتخابي في الثامن عشر من الشهر الجاري؛ بعد فتح مركز التصويت الموحد لناخبي محافظتي ظفار ومسندم المقيمين بمحافظة مسقط، وأعضاء اللجان الانتخابية والإعلاميين بجميع ولايات السلطنة، إضافة إلى فتح المراكز الانتخابية في سفارات السلطنة بدول مجلس التعاون الخليجي والمكتب التجاري للسلطنة بإمارة دبي.

وسيشهد الخامس والعشرون من أكتوبر الجاري توافد الناخبين على 107 مراكز انتخابية موزَّعة على جميع ولايات السلطنة، وقد جاء تحديد مواقعها بناءً على الكثافة السكانية وسهولة الوصول إليها من قبل الناخبين، وقد هُيِّأت بالأجهزة التقنية والاحتياجات التنظيمية التي تكفل إجراء العملية الانتخابية بكل سهولة ويسر، كما خُصِّصت مداخل ومخارج منفصلة للنساء والرجال في المراكز المشتركة، وتم تعزيز الإجراءات الإدارية والتنظيمية والأمنية لتلك المراكز؛ بهدف الوصول بالانتخابات إلى مستويات عالية في التنظيم والتبسيط.

ومع بداية العد التنازلي ليوم الخامس والعشرين من أكتوبر الجاري، لا يزال المترشحون يكثفون حملاتهم الدعائية لكسب مزيد من الأصوات. وفي المقابل، لا يزال الكثير من الناخبين لم يحسموا قرارتهم النهائية في مَنْ يستحق أصواتهم؟ والبعض الآخر اتخذ قرارا نهائيا للشخص الذي يرى فيه الكفاءة والأهلية لعضوية مجلس الشورى، بينما اتخذ ناخب آخر قراره بانتخاب شخص ما بناء على قناعته الشخصية ربما للقرابة وربما للقبيلة -وهي الأكثر رواجا للأسف الشديد بين معظم الناخبين- وربما لزمالة العمل أو الدراسة أو الصداقة. أما فريق آخر من الناخبين، فاتخذ قرارا بعدم التصويت لأي مرشح لقناعته بأن مجلس الشورى لم يحقق تطلعات المواطنين خلال الفترات الماضية -من وجهة نظره الشخصية- وبالتالي يرى أنَّ أدوار المجلس يجب أن تكون أكثر ملامسة لمعيشة المواطنين وهمومهم اليومية، وأن يكون عضو مجلس الشورى قريبا من جميع مواطنين الولاية وملبيا لمطالبهم التي تستعصي عليهم في مختلف مؤسسات الدولة.

ومن الإجحاف أن ننسف جهود مجلس الشورى خلال الفترات السابقة -خاصة الفترة السابعة- بل إنَّ المجلس قدَّم الكثير من الرؤى والتصورات التي تلامس حياة المواطنين وتسهم في تنمية المجتمع وتطوير قدراته، ولا يتسع المجال هنا لذكر إنجازات المجلس خلال الفترة السابعة، ولكن علينا جميعا -أولا كمواطنين، وناخبين ثانيا- أن نعي رسالة مجلس الشورى ومهامه وصلاحياته وأهمية وجوده ضمن مؤسسات الدولة كمنصة برلمانية لا غنى عنها وهو يتطور فترة بعد أخرى، والتطور يأتي لقناعة الحكومة بأهميته أولا، ولمواكبته لتطور المجتمع العُماني على جميع المستويات.

نعم.. يجب علينا جميعا أن ندرك الدور الذي تقوم به المجالس البرلمانية في مساندة الحكومة وإبداء الرأي والمشورة وإعداد الدراسات والبحوث التي تلامس حياة المواطنين، وتعزز قناعة الحكومة في خططها وبرامجها التنموية، مع تطلعنا لمزيد من الصلاحيات والمهام التي يمكن أن تمنح لمجلس الشورى.

ولكون مطالبات أعضاء مجلس الشورى لا يتم التفاعل معها من قبل الحكومة بطريق فورية؛ فهذا ليس من الحكمة في شيء؛ فهناك مطالبات يتم تداولها من الجهات المسؤولة بالدولة وتأخذ حقها من النقاش ويتم تنفيذ البعض منها على فترات زمنية متباينة، وهناك مطالبات ربما لا تلقى العناية الكافية من المجلس، فلا بأس من إعادة طرحها مرات عدة، ونحن نطالب المجلس بمزيد من الشفافية في الطرح والرد، وأن تكون المقترحات والرؤى التي يتبناها أعضاء المجلس محل اهتمام من جميع مؤسسات الدولة، ومتى ما كان في تقصير من تلك المؤسسات يقوم المجلس بدوره في الجوانب التشريعية والرقابية.

ولكن تبقى الخطوة الأولى في مضرب الناخبين؛ فبقدر ما نتطلع إلى أن يأخذ مجلس الشورى الدور الذي ينشده المواطن، علينا أن نحسن اختيار المرشح، وهذه أمانة، فمن أجد فيه الكفاءة والقدرة على إيصال صوتي إلى الجهات المسؤولة في الدولة هو من يستحق صوتي، وأنْ لا نغلِّب القبلية في تفضيل مرشح على آخر، وأنْ لا يكون المؤهل معيقا أمام منح صوتي للأكفء بين المترشحين، صحيح أن المؤهل يبقى مؤشرا على اتساع أفق المترشح، لكن هناك جوانب لا يمكن أن نتجاهلها وهي الثقافة العامة ومهارات التواصل الاجتماعي، وروح المبادرة، واتزان الفكر، وسعت الاطلاع على التجارب البرلمانية الناجحة في الدول الشقيقة والصديقة، إضافة إلى دافعية المترشح لتقديم الأفضل لولايته، وأنْ لا تكون وعوده وكلماته فضفاضة، وشعاراته براقة.

فلإن كنا غير راضين عن المجلس، فقد حان الوقت لنبدأ تصحيح المسار وأن نتجرد من العواطف القبلية والأجتماعية والفئوية، وأن نغلب مصلحة عُمان على كل الاعتبارات الأخرى؛ فعُمان تستحق منا الأفضل، ولن نجد أفضل من يستشعر بمصالحنا ومستقبلنا سوى نحن.. فهل نستحضر لحظة التصويت ونقف عند السؤال التالي: مَنْ يستحق صوتي؟

Saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك