مؤتمر الجمعية الاقتصادية العمانية يناقش تحديات التنمية الاجتماعية ويستشرف منهجية تحقيق الاستدامة

يتدارس الاستفادة من تجارب وخبرات الدول من أجل التنمية الشاملة

 ◄ الحارثي: التنمية الاجتماعية على رأس أولويات المرحلة المقبلة لأهميتها في تحقيق الأمن الاقتصادي

◄ التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تقوم في غياب سوق عمل ورأس مال ناضج وقوي

◄ يحتاج القطاع الخاص إلى رفع مستوى ثقته في الأداء الحكومي للقيام بدوره المأمول

انطلقتْ، أمس، أعمال مؤتمر الجمعية الاقتصادية العمانية الثامن، تحت عنوان "التنمية الاجتماعية بين المزايا والاستدامة"، وذلك بقاعة المؤتمرات بالجامع الأكبر.. ويهدف المؤتمر -الذي يستمر لمدة يومين- إلى مُناقشة أهم التحديات التي تواجه التنمية الاجتماعية في السلطنة عبر تعريفها وتحقيق التنمية المستدامة في السلطنة واقتراح أهداف وبرامج خاصة، وتدارس العلاقة بين التنمية الاجتماعية والتنمية الشاملة، واستشراف منهجية العمل المطلوبة لتحقيقها والاستفادة من تجارب وخبرات الدول من أجل تنمية مستدامة.

وفي مستهلِّ المؤتمر، ألقى الشيخ مُحمَّد بن عبدالله الحارثي رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية، كلمة؛ أشار من خلالها إلى الخطاب السنوي لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- أمام مجلس عُمان في العام 2011م، والذي تحدَّث عن أهمية التركيز على التنمية الاجتماعية عند صياغة ووضع الخطط المستقبلية للبلاد؛ وذلك تفاعلا مع التطورات الاجتماعية، ونظرا للدور المهم للسياسات الاجتماعية في عملية التنمية الوطنية كأداة لتعزيز رفاهية المواطن من جميع النواحي، ودورها في توفير فرص العمل وفي الحد من الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي والحفاظ على الاستقرار والأمن الاجتماعي.

الرُّؤية - أحمد الجهوري

وبيَّن الحارثي أنه على أثر ذلك، قام المجلس الأعلى للتخطيط بصياغة رؤية للتنمية الاجتماعية تقوم على أهداف أساسية؛ هي: إيجاد فرص عمل للمواطنين من خلال رفع مخرجات التعليم والتدريب والاهتمام بالتنمية البشرية؛ وذلك عن طريق توسيع الخدمات الصحية والمجتمعية كالأنشطة الرياضية والشبابية والثقافية وتطوير المدن والمجتمعات المحلية والإسكان وتطوير قطاع المواصلات وتوفير الحماية الاجتماعية؛ من خلال التأمينات الاجتماعية وصناديق التقاعد وشبكة الحماية الاجتماعية ووضع مسار واضح للتنفيذ والتقييم والمتابعة؛ من خلال تطوير وتحديث الأطر التشريعية والمؤسسية، ومن خلال توفير معلومات وبيانات دقيقة وشاملة ومحددة وقابلة للقياس.

تساؤلات

وطرح الحارثي مجموعة أسئلة.. قائلا: إننا ومنذ الخطة الخمسية الأولى نتحدَّث عن نفس الأهداف، ونعد إستراتيجيات ونصرف المليارات، ومع الإقرار بالتحسن النسبي لمستوى الرفاه المعيشي للمواطنين، إلا أنه في المقابل لم تتغيَّر لا التركيبة الاقتصادية ولا منهجية التخطيط ولا الأداء الحكومي. وتساءل: هل المشكلة في تحديد الأهداف؟ وما الجديد في هذه الأهداف؟ ألم تتبني الحكومة أهدافًا مشابهة لهذه منذ الخطة الخمسية الأولى؟. وهل إقرار توليد فرص عمل للمواطنين وتنمية الموارد البشرية وتوفير الحماية الاجتماعية والتقييم والمتابعة هي غاية التنمية الاجتماعية؟ وهل هذه الأهداف كفيلة بتحقيق "الانطلاق الاقتصادي" كما يُسمِّيها المجلس الأعلى للتخطيط؟ وهل هي ذاتها "أهداف الانطلاق" المشار إليها في الرؤية 2020؟ وهل يمكنها الحد من إعادة تدوير ثروات النفط والغاز وتحقيق فك الارتباط بالاقتصاد النفطي الريعي؟ وما السياسات التي يمكن العمل بها لتحقيق تنمية اجتماعية مستدامة؟ وما المقصود بالتنمية الاجتماعية الفعلية؟ وما هي المؤشرات الكمية التي يمكن قياس نتائجها على المجتمع ومواكبتها بما يفيد في إنجاز المشروع المجتمعي المنشود؟

وأشار رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية، إلى العديد من الدراسات والبحوث المختلفة؛ منها: زيارة خبير التنافسية العالمي مايكل بورترز من جامعة هارفارد إلى السلطنة منذ عشر سنوات، وتحدث في مجلس الوزراء وفي جامعة السلطان قابوس عن تأثير التنافسية والتنمية الاقتصادية على السلطنة. وقدم عرضا قيما ومقترحات محددة لم يتعدَّ صداها قاعات المحاضرة، وأعلن قبل سنتين عن مؤشر جديد يراهن من خلاله على زوال مؤشرات القياس المادية واستبدالها بمؤشرات تقيس التطور الاجتماعي يستخدم إلى جانب المؤشرات الأخرى لقياس التنمية واطلق عليه اسم "مؤشر التطور الاجتماعي" وهو مؤشر يقوم على قياس 52 مؤشراً فرعياً في المجتمعات وتقع ضمن 3 مجالات؛ الأول: الحاجات الأساسية للإنسان كصحة الغذاء، والماء، والهواء، فضلاً عن السلامة الشخصية. والثاني: يتعلق بأساسيات الرفاهية مثل مؤشرات تقيس مستويات التعليم الأساسي، والصحة، وتوافر وسائل الاتصالات، والاستدامة البيئية والاقتصادية. والثالث يتناول الفرص؛ ويتضمن: الحقوق والحريات الشخصية، والعدالة الاجتماعية، والاندماج الاجتماعي، إضافة إلى توافر فرص متابعة التعليم العالي.
هيمنة القطاع النفطي

كما تطرَّق الحارثي الى دراسة "عمان التي نريد" التي نشرتها الجمعية الاقتصادية العمانية في العام 2013م "الدليل الوطني للتنمية"؛ حيث اتضح أن القطاع النفطي يهيمن على هيكلية الإنتاج، وحوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي يعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على أداء القطاع النفطي ويشمل ذلك قطاع الخدمات الذي يعتمد على القطاع النفطي، كما أن مساهمة الإيرادات النفطية لإجمالي الإيرادات الحكومية زادت في الخطة الخمسية الثامنة عما كانت عليه مع بداية الخطة الخمسية الأولى، وهذا ما كنا نحذر من أنه سيؤثر -وبشكل مباشر- في حالة انخفاض الإيرادات النفطية على مقدرة الحكومة على تمويل الإنفاق على المشاريع التنموية والنفقات الجارية المتزايدة بوتيرة متسارعة.

وقال الحارثي: لقد مثلت نسبة الايرادات الحكومية من الضرائب والإيرادات الأخرى المختلفة غير النفطية إلى حجم إيرادات النفط والغاز خلال النصف الأول من هذه السنة حوالي 28% وحوالي 22.5% من إجمالي الإيرادات، بينما بلغت حصة الدفاع والأمن في سنة 2014 أكثر من 200% من حجم المصروفات الإنمائية لكافة الوزارات المدنية، كما بلغت أكثر من 52% من صافي إيرادات النفط خلال النصف الأول من هذه السنة.

قيمة أساسية

وأضاف: إنَّ الأمن يعتبر القيمة الأساسية في الحياة ووفق النظريات الاقتصادية هنالك أنواع مختلفة من الأمن؛ فهنالك الأمن الاقتصادي والاجتماعي والإنساني بجانب العسكري، وَيدْرس الأمن الانساني علاقة التنمية بالأمن القومي للدول، ويُعنَى ببناء الدولة من الداخل، ويدرس بجانب مدى تأثير عدم استقرار الأوضاع الامنية على السياسات التنموية، مدى تردي الاوضاع التنموية على الامن والاستقرار الداخلي، وتوجد العديد من المحاولات لتحديد ماذا يعني الامن، كما يوجد جدل موسع بين ما يسمى المدرسة الواقعية والمدرسة الليبرالية حول العلاقة بين الأمن والتنمية.

وأشار الحارثي إلى أن -ووفق تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة في العام 1949- الجوانب المختلفة من الأمن الإنساني تشمل: الأمن الاقتصادي الذي يعني بالحرية من الفقر، والأمن الغذائي الذي يعني بالوصول إلى الغذاء والحرية من الجوع، والأمن الصحي الذي يعني بالحصول على الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض، والأمن البيئي الذي يُعنى بالحماية من التلوث ومن الأخطار البيئية المختلفة، والأمن الشخصي الذي يُعنى بالحماية الجسدية للسكان من التعذيب والحرب والجريمة والاعتداء والعنف المنزلي...وغيرها، والأمن المجتمعي الذي يُعنى بضمان بقاء العادات والتقاليد والجماعات العرقية وتوفير الامان المادي لجميع المجموعات، والأمن السياسي الذي يُعنى بالتمتع بالحقوق السياسية والمدنية وحرية التعبير.

 

أهمية بالغة

ولفت الحارثي إلى أنه وبناءً على ذلك، خرجت العديد من الدراسات والمؤشرات الدولية التي سعت لتطبيق هذه الأبعاد والعناصر لقياس الأمن الإنساني للدول ومدى الارتباط بين التنمية والأوضاع الأمنية للدول؛ فبجانب تقارير التنمية البشرية صدرت تقارير الدول الفاشلة وتقارير السلام والصراع وتقارير الصراع والأمن والتنمية وعلى المستوى العربي صدر تقرير التنمية الانسانية العربي وتقرير تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية، كما تم تطوير العديد من المؤشرات لقياس مدى متانة وثبوت الأمن.

وأكد أنه وفي ظل عدم الاستقرار الاقتصادي الراهن وما تواجهه السياسات المالية من ضغوطات في الدول المصدرة للنفط الخام بالمنطقة، فإنَّ أهمية التركيز على التنمية الاجتماعية تأتي في مقدمة أولويات المرحلة المقبلة؛ وذلك لما تشكله من أهمية بالغة في تحقيق الأمن الاقتصادي والسياسي؛ لذا قرَّرت الجمعية الاقتصادية العمانية تخصيص مؤتمرها السنوي لاستشراف منهجية العمل المطلوبة لتحقيق التنمية الاجتماعية المنشودة ولإلقاء مزيد من الضوء على الموضوع وللإجابة عن التساؤلات المطروحة من خلال دعوة الخبراء والمتخصصين والمهتمين من خارج وداخل السلطنة لمناقشة سياسات التنمية الاجتماعية وعلاقتها بالتنمية المستدامة والاستفادة من تجارب وخبرات الدول من خلال المحاور التي حددتها للمؤتمر بما يخدم الأجيال القادمة.

فخ المديونية

وقال الحارثي إنَّ التحدي الاقتصادي لدولنا اليوم يتمثل في عدم معالجة خطورة الإشكالية بين زيادة الإنفاق الحكومي والسقوط في فخ المديونية العامة، وطرح هذه الإشكالية لا يمثل بالضرورة الدعوة إلى تخلي الدولة عن دورها في استعادة النمو الاقتصادي عن طريق الإنفاق الحكومي، كما أنها ليست دعوة لتبني نظام الضرائب المباشرة. ولكن محاولة للبحث عن آليات جديدة يشترك فيها المجتمع ككل في تمويل التنمية المستدامة. علما بأنَّ الفكر الاقتصادي مليء بالخبرات والتجارب التي يمكن الاستفادة منها بما يفيد تنمية اقتصادنا وضمن خصوصية نموذجنا الاقتصادي.

وأضاف: كما أن التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تقوم في غياب سوق عمل وسوق رأس مال ناضج وقوي؛ حيث إنه من المتعارف عليه أن قطاع سوق العمل وقطاع البنوك من الدعامات الاساسية للاقتصاد الوطني والتي تلعب دوراً محورياً في التنمية باعتبارهما من أهم عوامل الإنتاج التي يقوم عليها الاقتصاد. وتابع: في المرحلة السابقة عوضت قوة سوق رأس المال النسبية عن ضعف قطاع سوق العمل وتشوهاته، ومع التحديات الجديدة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط وآثاره السلبية المحتملة على القطاع المصرفي من الضروري استباق الاحداث وتعديل بعض السياسات النقدية تجنباً للمخاطر التي ستترتب على ذلك فالاقتصاد لن يتحمل غياب الدور الفاعل للسوقين في وقت واحد.

وفيما يتعلق بسوق رأس المال ودور البنوك في التنمية الاقتصادية، قال الحارثي: يلاحظ صغر حجم السوق المالي في السلطنة وقلة تنوع أدواته وضحالة عمقه على الرغم من تشريعاته الجيدة وتميزه بحسن التنظيم من خلال ميثاق حوكمة الشركات المساهمة العامة والذي يعتبر الافضل بين أسواق المنطقة. وبالنسبة لقطاع البنوك -والتي تمثل الحجم الأكبر بين قطاعات سوق المال- فإنها لعبت دوراً محدوداً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الفترة الماضية من خلال توجيه الائتمان المصرفي نحو الجوانب الاستهلاكية للأفراد والخدمية للمؤسسات دون التركيز على القطاعات الإنتاجية التي تخدم التنمية الاقتصادية بشكل مباشر. وهذا التوجه لنشاط البنوك مرده لعاملين أساسيين وهما البيئة التشريعية غير المرنة والتي لا تركز على الدور المحوري للبنوك في التنمية الاقتصادية وضعف المنافسة في هذا القطاع مما نتج عنها قلة الكفاءة بين البنوك وتزايد الاعتماد على المالية العامة وخاصة فيما يتعلق بالودائع العامة في المصارف وضعف قدرتها على التكييف مع التقلبات الحادة في النشاط الاقتصادي الناتج عن الانخفاض الحاد في أسعار النفط بالأسواق العالمية كما هو الحال في الوقت الراهن. إن صغر حجم القطاع المالي مقارنة مع حجم النشاط الاقتصادي بالسلطنة وصغر حجم قطاع البنوك وقلة كفاءتها بالمقارنة مع مثيلاتها في المنطقة، ساهم بلا شك في ضياع فرص التنمية المنشودة ومحدودية القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية. كل ذلك يدعو إلى أهمية مراجعة أداء السوق المالي وقطاع البنوك ورسم سياسات جديدة تهدف إلى تعزيز دورهما في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالسلطنة في المرحلة المقبلة.

إصلاح سوق العمل

وأضاف الحارثي: إنه مما يحتم ضرورة سرعة إصلاح سوق العمل الأوضاع الحالية المتمثلة في عدم قدرة الحكومة على استيعاب المزيد من الموظفين، ومحدودية قدرة القطاع الخاص على توليد فرص عمل جديدة في ظل بيئة العمل الحالية، ولقد أدى نظام التعمين الحالي دوره ووصل الى مرحلة الجمود ولم يعد قادرًا على الاستدامة ولا تحقيق أهدافه فهو لم يتمكن من تحقيق أهدافه في السنوات العشر الماضية حيث انخفضت نسبة العمانيين العاملين في القطاع الخاص، مقارنة بإجمالي العاملين في القطاع بسبب افتقاد النظام للمرونة في التعامل مع التغييرات التي تطرأ على السوق، وتؤدي إلى زيادة العمالة الوافدة، ومن المؤكد كذلك أنه لن يكون بوسعه الصمود في السنوات المقبلة بسبب اعتماده على نسب غير واقعية والافتقار للمنهجية العلمية، وأصبح العائق الرئيس أمام توفير فرص عمل حقيقية وجديدة للمواطنين، وأمام نمو القطاع الخاص؛ وبالتالي تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية، وهنالك حاجة ماسة لتغييره تغييرا جذريا بهدف توسيع القاعدة الانتاجية وإيجاد فرص عمل حقيقية للعمانيين الباحثين عن عمل والداخلين إلى سوق العمل لأول مرة خلال الفترة الممتدة بين الآن وسنة 2020م.

وقال إنه من الوهم استناداً إلى بيئة العمل الحالية، أن نعول على القطاع الخاص القيام بدور مهم وأساسي والمساهمة في التنويع الاقتصادي وتوليد فرص عمل للمواطنين قبل تحقيق تلك التغييرات ورفع مستوى ثقته في الأداء الحكومي الذي تسبب في انحدار مستوى تنافسية السلطنة، وذلك يتطلب معالجة ضعف منهجية التخطيط وتحسين مستوى الأداء الحكومي في الحوكمة والمساءلة وعدم تعطيل المعاملات في الأجهزة البيروقراطية للحكومة.

جلسات العمل

وبعد ذلك، بدأت جلسات العمل تضمنت العديد من المحاور؛ حيث كان المحور الأول حول محددات التنمية الاجتماعية بين تدوير ثروات النفط عبر مزايا اجتماعية متنوعة وتحقيق تنمية مستدامة؛ حيث قدم الدكتور زياد عبدالصمد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، ورقة عمل له بعنوان "بين أهداف التنمية المستدامة وتحديات التنمية العربية"؛ أوضح فيها أنَّ دول وشعوب العالم دخلت في حوار حول أهداف التنمية المستدامة استمر لأكثر من خمس سنوات وأدى إلى إقرار وثيقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة تتضمن خلفية وأهدافاً تنموية وآليات لمتابعة التنفيذ. وقد سبق ذلك قمة انعقدت في يوليو الماضي في أديس أبابا حول "تمويل التنمية" لتتكامل الجهود في المسارين لمواجهة التحديات التنموية التي تعيشها دول العالم في القرن الحادي والعشرين مسلطا الضوء على أبرز العناوين التي توقفت عندها الوثيقة الدولية وتحدياتها من الإشارة إلى أبرز النقاط الخلافية من خلال قراءة نقدية، مع الأخذ بالاعتبار التحولات في التوجهات الدولية حول القضايا التنموية منذ إعلان الألفية للتنمية عام 2000 وصولا إلى إقرار الوثيقة حول التنمية المستدامة عام 2015م.

وفي ورقة عمل بعنوان "من مفارقات التنمية والثقافة الاجتماعية في السياق العربي" للدكتور فايز الصياغ مستشار تقارير التنمية الإنسانية العربية وتقارير المعرفة العربية السنوية -الصادرة عن الأمم المتحدة- ناقش جوانب من ظاهرة التلكؤ الثقافي التي تشير إلى الفجوة أو التناقض بين جملة من المنظومات القيمية الثقافية التقليدية التي توجه أنماط السلوك والممارسات في المجتمعات العربي من جهة، ومظاهر التنمية المتحققة في مجالات الحياة المادية العينية الملموسة اقتصاديا وتعليميا وتكنولوجيا من جهة أخرى. وتبيّن المناقشة أن المفارقة بين تلك المنظومة القيمية ومنجزات العملية التنموية تطرح تحديات اجتماعية جدية قد يسفر استمرارها عن أزمات عظيمة الخطر كالانفجار السكاني، أو متلازمة الفقر (البطالة المقنعة) والهجرة الإقليمية والدولية.. وتتطلب مواجهة هذه التحديات سلسلة متكاملة من برامج العمل الإستراتيجية التي تنَفّذُ مرحليا بالتنسيق بين القطاعين العام والخاص وتقترح الورقة عددا من الخطوات والبرامج التي يمكن الأخذ بها للمساهمة بتحقيق هذه الغاية.

كما قدم الدكتور أديب نعمة مستشار إقليمي باللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ـ (الإسكوا) ورقة عمل بعنوان: "التنمية الاجتماعية...الإطار المفهومي والمكونات"؛ تطرق فيها إلى تقديم تعريف عملي للتنمية الاجتماعية، وربطها بمفهوم التنمية البشرية المستدامة، كما عرض المقاربات المختلفة للتنمية الاجتماعية في ضوء النقاشات الراهنة، وكيف تم تناول الموضوع في وثائق اجندة التنمية لما بعد 2015.

ثم قدِّمت ورقة عمل بعنوان "الحوكمة والمساءلة في المؤسسات الاجتماعية" قدمها صلاح الغزاليمؤسس جمعية الشفافية الكويتية رئيس المنظمة العربية للشفافية والنزاهة عضو المجموعة الاستشارية العربية-منظمة الشفافية الدولية؛ تناولت أصحاب المصلحة المستفيدين من تطبيق الحوكمة وأطراف الحوكمة.

فيما ناقشت ورقة عمل قدمتها د.فاطمة بنت أنور اللواتية بعنوان "الأصول المادية لتطور الحياة الاجتماعية للبشر غير ثابتة"، أن الحياة الاجتماعية تتغير بتغير العوامل البيئية والاقتصادية...وغيرهما من العوامل على المستويين المحلي والعالمي، إلا أن الأصول المادية تخضع أساسا للعامل البشري الذي هو المحرك الأساسي في إنتاج تلك الأصول المادية التي تسهم في رفاهية الحياة البشرية.

وفي ورقة عمل بعنوان "جسور..شراكة للتنمية المستدامة" -قدمها علي بن صالح بن ناصر الحشار- فتطرقت إلى تجربة مؤسسة جسور التي تعد التجربة الأولى على مستوى السلطنة في اجتماع ثلاث شركات كبرى بمنطقة ميناء صحار في مؤسسة تعنى بالمسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات وتكون هذه المؤسسة متفرغة تفرغا تاما وذات استقلالية بمجلس إدارة معتمد من مجلس الوزراء.

تعليق عبر الفيس بوك