"QNB": الأسواق الناشئة في قلب الموجة الثالثة من الأزمة المالية العالمية.. والصين والفائدة الأمريكية بالواجهة

الرؤية- خاص

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إنمن المتوقع أن تكون الأسواق الناشئة فيقلب الموجة الثالثة من تداعيات الأزمة المالية العالمية، فقد جاءت الموجة الأولى بسبب أزمة القطاعين العقاري والمالي في الولايات المتحدة في 2008-2009، وتبع ذلك أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو في الفترة 2011-2012، والآن، فإن الأسواق الناشئة قد أصبحت في خضم الأزمة التي أثارها احتمالتطبيعالولايات المتحدة لسياستها النقدية وإعادة هيكلة الاقتصاد الصيني للتحول من التركيز على الاستثمارات والصادرات باتجاه الاستهلاك والخدمات.

وقد توقع تقرير"آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي، أن يتراجع نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.1 في المئة في عام 2015، نزولا من 3.4 في المئة في عام 2014، وهذاهوأبطأ توسع في الاقتصاد العالمي منذ الكساد الكبيرعام2009.ومنالمقدّر أن يتباطأ النشاط الاقتصادي في الأسواق الناشئة للعام الخامس على التوالي، في حين يتوقع حدوث تحسن طفيف في انتعاش الاقتصادات المتقدمة. وقد كانت الأسواق الناشئة هي محرك النمو في الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة، حيث نمت بمعدل سنوي قدره 5.3 في المئة بين الأعوام 2010-2014. كما أنها أسهمت بأكثر من 80 في المئة من النمو العالمي الذي بلغ في المتوسط نسبة 3.6 في المئة سنوياً خلال تلك الفترة.

ويرى تقرير بنك قطر الوطني أن الأسواق الناشئة تواجه عدداً من الظروف المعاكسة. أولاً، هنالك المؤثرات الهيكلية السلبية طويلة الأجل على النمو؛ حيث تتسبب عملية إعادة التوازن الاقتصادي في الصين إلى تباطؤ النمو. ويؤثر هذا التباطؤ على الطلب الخارجي، ولا سيما في الأسواق الآسيوية الناشئة؛ حيث يوجد عدد من الاقتصادات التي تعتمد اعتماداً كبيراً على الصين في صادراتها. وأدى تراجع الطلب الصيني إلى خفض أسعار عدد من السلع، وترتب على ذلك تأثير سلبي على الاقتصادات المصدرة للسلع الأساسية، والتي هي في غالبها من الأسواق الناشئة. ثانياً، هناك المؤثرات السلبية الدورية على النمو، وتتعلق تلك المؤثرات أساساً بارتفاع مستويات الديون وتأزم الأوضاع المالية. كما أدت توقعات ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى هروب رؤوس الأموال، وضعف العملات، وارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة. وفي ذات الوقت، أدت قوة الدولار إلى زيادة قيمة ديون الأسواق الناشئة بالعملات الأجنبية، وزادت بذلك مصاعب خدمة الديون. وأخيراً، يؤدي تخفيض المديونيات إلى تباطؤ نمو الائتمان ومزيد من البطء في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

مستقبلاً، يُرجح أن تستمر العوامل الهيكلية التي تعيق النمو. كما ستستمر على المدى المتوسط عملية إعادة التوازن ومعالجة الديون الكبيرة المتراكمة في الصين. ونظراً لأن انخفاض أسعار السلع الأساسية يرتبط بقوة الاقتصاد الصيني، فإن تعافي هذه الأسعار قد يستغرق أيضاً بعض الوقت. لكن العوامل الدورية المعيقة للنمو، والتي تعد في الأساس عوامل مالية، قد لا تستمر بنفس القدر. وربما تكون الأسواق المالية قد شهدت بالفعل تصحيحات جزئية بفعل توقعات ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك يُفترض أن تنحسر عوامل إعاقة النمو الناتجة عن هروب رؤوس الأموال وضعف أسعار الصرف بحلول عام 2017. ونتيجة لذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي تعافي نمو الناتج المحلي الإجمالي للأسواق الناشئة من 4.0 في المئة في عام 2015 إلى 4.5 في المئة في عام 2016 و4.9 في المئة في عام 2017.

وفي الوقت ذاته، نمت الاقتصادات المتقدمة بنسبة 1.8 في المئة في عام 2014، وهو معدل بطيء نسبياً لكنه يظل أعلى من إمكاناتنموها التي ضعفت بسبب انخفاض عدد السكان وارتفاع معدل الشيخوخة وتباطؤ نمو الإنتاجية. وقد ساهمت عوامل دورية إيجابية في هذا النمو الذي فاق الإمكانات. ومن بين هذه العوامل تراجع العائق المالي الحكومي الناتج عن سياسات التقشف،وانخفاض أسعار الطاقة الذي عزز من دخل الأسر القابل للإنفاق، بالنظر إلى كون أغلب هذه البلدان مستوردة للنفط،وتخفيف السياسة النقدية بشكل غير مسبوق، والتأثيرات الإيجابية على الثروة نتيجة تعافي سوق الاسكان في الولايات المتحدة وسوق الأسهم في اليابان. كما استفادت بعض المناطق كمنطقة اليورو واليابان من الانخفاض الكبير في قيمة عملاتها، مما ساعد على تحفيز صادراتهما. فمنذ شهر مايو 2014، تراجعت قيمة اليورو والين بنسبة 18.5 في المئة و17.0 في المئة على التوالي مقابل الدولار الأمريكي. وبشكل عام، أدت هذه العوامل الدورية الإيجابية إلى خفض معدلات البطالة في الاقتصادات المتقدمة.

مستقبلاً، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تواصل الاقتصادات المتقدمة نموها بمعدل يفوق امكاناتها الحالية. ومن المتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من معدل 1.8 في المئة في عام 2014 إلى 2.0 في المئة في عام 2015 و2.2 في المئة في عام 2016 مع توقع استمرار معظم العوامل الدورية الايجابية على الرغم من التطبيع المتوقع للسياسة النقدية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

عموماً، فإن التعافي في الاقتصادات المتقدمة ليس قويا بما يكفي لتعويض التباطؤ في الأسواق الناشئة. ونتيجة لذلك، يتوقع أن يظل النمو العالمي في المستقبل المنظور أقل من المستويات التي كان عليها في فترة ما قبل الأزمة. كما يتوقع أن تظل المخاطر أعلى في الأسواق الناشئة، وخصوصاً في الصين.

تعليق عبر الفيس بوك