أسر الضمان.. العيش على حد الكفاف !

 

صرخة استغاثة من معاق فقد قدمه بسبب مرض عضال

 

الرُّؤية - مُحمَّد قنات

إنَّها مُتلازمة الفقر والمرض، تلك التي تُلاحق أولئك الذين يعيشون على الكفاف ولا يسألون الناس إلحافا، فيكتفون بما قسمه الله لهم، ويرضون بما تخطه يد القدر من محن وضيق عيش، آملين في مستقبل أكثر إشراقا، فهم لا ييأسون من رحمة الخالق، وينظرون إلى ما ترسله السماء من فيض كريم، عبر أصحاب الأيادي البيضاء والجهات المعنية التي تتولى رعايتهم.

وفي ظلِّ الظروف الاجتماعية والمعيشية الصعبة في مختلف المجتمعات، تعيش بعض الأسر في ظروف عنيفة ربما تعصف بهم؛ فهناك من لا يملك مأوى يعيش فيه، ويستره عن أعين الناس، وآخرون رحل عنهم والديهم، فسقطوا في براثن الفقر والعوز، أو أرملة فقدت زوجها وراعيها، وباتت تعيش على منح الضمان الاجتماعي..

ومن بين القصص التي اطلعنا عليها، كانت قصة (م.ع.أ)، البالغ من العمر 58 عاما، وهو أبلولدينوبنت قاصر، توفيت عنهم والدتهم منذ سنوات. تفاصيل حياته أكثر إيلاماً ووجعامن أي قصة أخرى قد نشاهدها في السينما أو المسلسلات الاجتماعية، فقد واجه هذا الرجل شتى صنوف المعاناة، من مرض وفقر وفقدان للمسكن، لكنه لم يفقد الأمل في فرج قريب من رب الأرض والسماء.

 

أوضاع مأساوية

ويشكوم.عمن فقر مدقع وعوز شديد، بعد أن أقعدهمرض عضالتسبب فى بترقدمه اليمنيليصبح بعدهابلا عمل يعينه علىتربية أبنائهالثلاث، الذين يعيشون أوضاعا مأساوية، وباتت حياتهم فى كبد ومشقة، ليقف والدهمعاجزاً عن تلبيةمتطلبات الحياة اليومية من مأكل ومشرب وعلاج.

يقولالأب والحزن يعتصر قلبه: "إنمنأصعب ما يمكن أن يمر به الانسانهو أن يقف عاجزاأمامأبنائه وعدمتلبية احتياجاتهم البسيطة".

ويعيشم.عمُعاناةمُضاعفة، قوامها الفقر المُدقع وثلاثةأبناء، ويأمل من الجهات المعنية وأهل الخير أن يجدوا حلاً لوضعه الصحى والمعيشي،وكل مايتمناهأن يعيش الحياة على أدني مستوياتها، وأن يتحصل على رزقه اليومي دون معاناة.

ويضيف بأنه منذ سنوات يعيش أوضاعامادية وصحية قاسيةويصارع الظروف فى تلك السنوات من أجل تربية أبنائهالثلاثة، بعد أن رحلت والدتهمفى العام 2009، وتركت له مسؤولية تربيةالأبناء والوقوف على احتياجاتهم، إلا أن الإعاقةالتى ألمَّت به جعلته عاجزاً عن الحركة بعد أن أصيب بمرض عضال؛ فقرَّر الأطباء بترقدمه اليمنىلتزداد المعاناة أضعافا مضاعفة. ويتابع:"لم يكن لدى حيلة أومعين سوى الله تعالىالذى سخر لى بعض أصحاب القلوب الرحيمة الذين يمدونلى يد العونفى لحظات كثيرة ولم يتخلوا عني،إلى جانب هذا كله كنت أواجه مشكلة سكنيأوينىوأبنائي؛ حيثقام أحد أقاربىبتهيئةمنزل خاص به، وسكنت فيهبرفقة أبنائى الذين لم يُكملوا دراستهم، وأتمني من الله -عزَّ وجلَّ- أن يكتب لهم النجاحفى مشوارهم التعليمي".

 

معاناة المرض

ويتحدَّث م.ع عن معاناته الصحية، فيقول إنَّالمرض الذى ألمَّ بهوتسبَّب فى بتر قدمهليتهتوقف عند هذا الحد،بل إنه تسبب في إصابته بحالة نفسية صعبة، سرعانماتحولت إلى مرض نفسياستدعي الأمر فى النهايةأنتردد على الأطباءلتلقي العلاج فى أحدالمستشفيات المختصة؛ الأمر الذي زاد معاناته سوءاً حيثأصبح اتردد علىالمستشفى فى مرات كثيرةبحثاً عنالعلاج، وأخيراً استقر به الأمر حسب رؤية الأطباءالذين خلصوا إلى أنشفاءهيكمُن فى تناول بعض الأدوية بصورة دائمة، و"فيكثير من الأحيان لا توجد لدي الاستطاعة الماليةالكافية لشراء تلك الأدوية".

ويمضي قائلا: إنَّتعطلي عن العمل تسبب في ضائقةمالية كبيرة وجعلني عاجزاً عن توفيرمستلزمات البيت اليوميةليقعالعبء الأكبر على إخوتي وأقاربي وبعض من أهل الخير، وهم يمدوننى بدعمهم فى مرات كثيرة ويساندوننى مادياً ومعنويا،وقبل أن تسوء حالتيويتمكَّن منى المرض كنت أداومفى الحقل الصحي فأقعدنيالمرضوأُصبحتفى عداد المتقاعدينعن العمل، ويصرف ليراتب من الضمان الاجتماعي فى ذلك الوقت كان عبارة عن 80 ريالا، إلى أن وصل اليوم إلى 200 ريال، لكنها لاتكفى لمعيشتى أنا وأبنائى لمدة شهر فى ظل ازدياد متطلبات الحياة اليومية من تعليم وصحة، وارتفاع تكلفة المعيشة. ويمضي يقول: إنه فى ظل هذه الضغوط وارتفاع تكاليف العلاج بصورة مستمرة، اضطررت إلى الاقتراض البنكي، وحصلت على قرض بقيمة ألفين ريالعلى أن يُخصم من راتب الضمانالاجتماعي مبلغ مائة ريال شهريا، ليصبح المبلغ المتوفر بالنسبة لى ولأبنائي مائة ريال فقط، وهذا المبلغ الضئيل لا يفي أبدا ليسد رمق الأسرة، ففي اليوم الواحد يكون متوسط الإنفاق عشرة ريالات، ولولا الإعانات التى أحصل عليها من أهل الخير ومساعدتهم لى ووقوفهم بجانبي لما استطعت أن أواجه كلَّ هذه المتطلبات من أجل أن أبقي حيًّا، خاصة وأن أبنائى ما زالوا فى مرحلة الدراسة ولم يصلوا لإلى السن التى يمكن بعدها أن يتحملوا المسؤولية وينخرطون في العمل،ولولا فضل أحد أقاربي الذيوفرلى مسكنا لكانت معاناتى أشد، وما أطلبه من الجهات الحكومية المختصة أن تنظر إلى حالتي بعين الرأفة، وكل ما أطلبه أنأحصل على فاتورة العلاج، لأن راتبيالشهري لايفى كل هذه الالتزامات.

تعليق عبر الفيس بوك