مؤتمر الدور العماني في حفظ اللغة العربية يسلط الضوء على جهود السلطنة في خدمة الأمة فكرا وثقافة

انطلاق الفعاليات في ماليزيا بمشاركة كوكبة من الباحثين والمختصين

-السيابي: لأهل عمان قدم السبق في صناعة المعجمية العربية

- إصدار "مجلة حضارة عمان" لتأصيل الإسهام العُماني في الحضارة الإنسانية

خالد المويتي - كوالالمبور

انطلقت مؤتمر الدور العُماني في حفظ اللغة العربية وذلك في رحاب الجامعة الإسلامية العالمية بكوالالمبور في ماليزيا تحت رعاية الشيخ أحمد بن سعود السيابي الأمين العام لمكتب الإفتاء بالسلطنة.

ويُعد هذا المؤتمر الدولي الثاني ويهدف إلى مد الجسور الثقافية والحضارية بين السلطنة وماليزيا؛ توثيقاً للعلاقات الأخوية، وتعميقا لدور اللغة العربية بوصفها لسانا دينيا وعلميا بين الأمم، ووسيلة تواصل مهمة لنقل العلم والفكر والقيم والسلوك.

شارك في هذا المؤتمر كوكبة من الباحثين والمختصين في مجالات عدة من مجالات العربية لغة ونحوًا وبلاغة وأدباً وتخلل عرض البحوث مناقشات ومداخلات حوارية أغنت بمادتها جوانب البحث. وعمل الباحثون من خلال هذا المؤتمر على كشف العديد من العناوين البحثية الأخرى التي تمكن طلاب الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه من الاستفادة منها والكتابة والتوسع في موضوعاتها ورفدهم بقوائم من المصادر والمراجع المتخصصة في المجالات الأكاديمية الهامة للطالب الباحث من إعداد مكتبة يسهل عليه الرجوع إليها والرشف من معينها.
وافتتح المؤتمر بآيات عطرة من كتاب الله العزيز ، أعقب ذلك كلمة الشيخ أحمد بن سعود السيابي الأمين العام لمكتب الإفتاء ذكر فيها رموزا عمانية لها قدم السبق في اللغة العربية وكل من أتى بعدهم إنما هو يستمد منهم كالخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي والمبرد وابن دريد وغيرهم، وختم كلمته بالشكر الوافر للجامعة الإسلامية والمعهد العالمي لوحدة المسلمين، وأعلن عن عنوان المؤتمر الدولي الثالث للسنة القادمة بعنوان "عمان ودول شرق آسيا والصين.. آفاق ثقافية وتاريخية وسياسية حضارية" .

خدمة الأمة

إثر ذلك تحدث مدير مركز ذاكرة عمان الشيخ سلطان بن مبارك الشيباني استعرض فيها دور الذاكرة في إقامة هذه الموتمرات الدولية للتعريف بجهد سلطنة عمان في ما يخدم الأمة فكرا وثقافة ويأتي هذا المؤتمر تتويجاً لذلك، حيث تكاملت الاستعدادت للمؤتمر وجرى طبع الأوراق المقدمة فيه في كتاب وزع على هامش المؤتمر.

وأعلن عن تخصيص ذاكرة عمان عام 1437/2016 عاماً للغة العربية، وتسعى من خلاله إلى إظهار الدور العماني في الدراسات اللغوية ونشر المصنفات اللغوية وتوفير النص الإلكتروني الكامل لبعض المعاجم العمانية مع محركات بحث متطورة.

كما أعلن مدير ذاكرة عمان عن إصدار "مجلة حضارة عمان" وهي مجلة علمية محكّمة تُعنى بدراسة الإسهام العُماني في الحضارة الإنسانية تصدر بالتعاون بين ومركز ذاكرة عمان في السلطنة والجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا وهي مجلة نصف سنوية تعتمد التاريخ الهجري، يصدر عددها الأول في ربيع الأول
وعددها الثاني في رمضان من كل سنة. ومن أهداف هذه المجلة تقريب التراث العُماني في شتى العلوم والمعارف النظرية والتطبيقية إلى الواقع المعاصر ليوائم مستجدات الحياة، وبث معاني الوحدة والتآلف وإشاعة مفاهيم التقارب الحضاري ونشر رسالة الوسطية التي تتبناها كل من عُمان وماليزيا.

علاقة متجذرة

عقب ذلك ألقيت كلمة الجامعة الإسلامية، ألقاها الدكتور وليد فكري فارس ذكر فيها أن علاقة الجامعة الإسلامية وسلطنة عمان هي علاقة قديمة ومستمرة، وعدد الطلاب الذين يدرسون في الجامعة الإسلامية كبير، وتفخر الجامعة أن من بين الذين تخرجوا فيها رموزعلمية في السلطنة كالشيخ أفلح بن أحمد الخليلي وغيره من الأساتذة.

وقال إن إطلاق مجلة حضارة عمان يأتي تتويجاً لحرص الجامعة على التبادل الفكري والثقافي بين البلدين، مضيفاً أن مثل هذه المؤتمرات تسهم في ربط العالم الإسلامي فكريا وثقافيا بعيدًا عن طاولة السياسة. حيث تعتبر الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا هي الجامعة الأولى التي تعتمد اللغتين العربية والإنجليزية، وذلك ضمن قانون الجامعة.

وأعرب عن شكره للهيئات الحكومية والخاصة المشاركة في المؤتمر وخاصة ذاكرة عمان على إقامة هذا المؤتمر والطلبة العمانيين الدارسين في ماليزيا.

وقدم الشيخ أحمد بن سعود السيابي مداخلة بعنوان "اللغة العربية بين الواقع والمأمول" استعرض فيها تسلسلا تاريخيا للدور العماني في خدمة اللغة العربية، مبيناً أنّ لأهل عُمان قدم السبق في صناعة المعجمية العربية وتتلمذ على أيديهم الكثيرون ومنهم سيبويه فشيخه هو الخليل بن أحمد الفراهيدي.

وقال إنّ اللغة العربية هي معجزة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وقد تكفل الله بحفظها، وقد تنافس العرب في دراسة وتدريس اللغة العربية خصوصاً في المراحل الأكاديمية للدراسات العليا، وبلغت شأناً عظيمًا وخرجت العديد من العلماء والباحثين.

وأضاف السيابي ومن الجيد أن تحظى اللغة العربية بالرعاية والعناية بسبب عزوف البعض عن دراسة اللغة العربية بشتى تخصاصاتها وأحد أسباب ذلك دراسة العلوم المختلفة بلغة غير لغتها الأصلية، وتوجد الكثير من الأمثلة العالمية من الذين درسوا العلوم المختلفة بلغاتهم المحلية ونجحوا وبرعوا في ذلك.

وتساءل: لماذا لا تفرض الدول العربية على الوافدين إليها للعمل أن يكونوا ملمين باللغة العربية وبهذا ستعمل معظم الدول على تدريس اللغة العربية، وتوجد في كثير من الدول مؤسسات تعنى بتدريس اللغة العربية، ويرسل المتخرجون منها للعمل في الدول العربية.

واختتم السيابي كلمته بالقول: نأمل إنشاء مجالس ثقافية عربية على غرار المجالس الثقافية للغات الأخرى كالإنجليزية والفرنسية تتبنى هذه المجالس العربية جامعة الدول العربية.

التأصيل وإرساء القواعد

عقب ذلك عقدت الجلسة الأولى بعنوان "محور التأصيل وإرساء القواعد" يرأسها الدكتور الشيخ عبد الله بن سعيد المعمري وقد اشتملت على أوراق العمل التالية : الأولى: الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي - الأسطورة، شعره وجهوده في خدمة اللغة العربية، للدكتور أحمد بن عبد المجيد الدندراوي.
الثانية: دور الوظيفة النحوية في (المقتضب) للمبرد الأزدي، للدكتور يوسف بن محمود فجال.
الثالثة : دور العمانيين في صناعة المعجمية العربية لابن دريد وجمهرته أنموذجاً للدكتور أحمد بن عبد الرحمن بالخير.
والدكتورة جميلة بنت سالم الجعدية.
الرابعة: أبو محمد بن علي بن سعيد المقرئ العماني وجهوده اللغوية للدكتور عبد الله بن سالم الهنائي.

واختتمت فعاليات اليوم الأول بالجلسة الثانية والتي ترأسها أحمد بن مظفر الرواحي واشتملت على أوراق العمل التالية :
الورقة الأولى: لغة أهل عمان، المصطلح والدلالة للدكتور عبد الله بن سعيد السعدي.
والورقة الثانية الثانية: لغة أهل عمان في مصادر التراث اللغوي -دراسة لغوية للدكتور أحمد بن محمد الرمحي.
والورقة االثالثة بعنوان: إشكالية المصطلح الطبي في كتاب "منهاج المتعلمين" للطبيب راشد بن عميرة بن هاشم الرستاقي العماني، من علماء القرن العاشر الهجري، للدكتور محمود بن سليمان الريامي.
والورقة الرابعة بعنوان: المعنى في البناء الصرفي من خلال (مقاليد التصريف) للدكتور أفلح بن أحمد الخليلي. وقد طرحت عقب الجلستين الكثير من الأسئلة والمناقشات التي أغنت المؤتمر كثيرًا.

 

تعليق عبر الفيس بوك