دينك حياتك (1

حمد بن سليمان المعولي *

سلسلة أسبوعية بعنوان: )

فاتحة الكتاب

سورة الفاتحة تلك السورة المكية ذات الآيات السبع تلخص لنا الدين الحنيف وتعطينا موجزًا شافيًا لرسالته العظيمة..

إنّها السورة القليلة الكلمات العظيمة الدلالات التي افتتح بها القرآن الكريم ولذا سُميت الفاتحة فهي أول القرآن من حيث الترتيب وليس حسب النزول.

لقد حوت سورة الفاتحة معاني القرآن العظيم ومقاصده الأساسية إجمالاً حيث تجد آياتها المعدودة تتناول أصول الدين وتسلط الضوء على فروعه، ففيها تجد الإشارة جلية للاعتقاد وعبادة الله، تجد تعظيم الله تعالى وذكر بعض صفاته الحسنى، تجد في الفاتحة الاستعانة بالله ودعاءه، تجد فيها اللجوء إلى الله تعالى وحده وطلب الهداية إلى الدين الحق وهو الصراط المستقيم، تجد فيها التحبيب لسبيل عباد الرحمن الذين أنعم الله عليهم بالهداية والتوفيق لطاعته، والتنفير من أولئك الذين ضلوا واستكبروا وغضب الله عليهم وهي إشارات لتأريخ السابقين وقصصهم.

تجد فيها غايات القرآن الكريم مجملة لهذا تسمى بأم الكتاب.إنّها مفتاح القرآن الكريم وتحوي كل كنوزه العظيمة، إذا تدبرتها تجدها افتتاحاً لكل سورة من سور القرآن الكريم حيث ترى بينها وبين باقي السور تناسباً عجيبًا فيمكن وضعها قبل أي سورة من القرآن ويبقى التناسق بين السور والمعاني قائمًا، على سبيل المثال آخر سورة الفاتحة الدعاء (اهدنا الصراط المستقيم) تدبر ارتباطه ببداية سورة البقرة (هدى للمتقين) ففي ختام الفاتحة تطلب الهداية وسلوك سبيل المهتدين، وفي بداية سورة البقرةتوضيح لذلك السبيل وبيان لصفات السالكين.

سورة الفاتحة التي تكررها كل يوم ما لا يقل عن عشرين مرة إنّما تغرس فيك عظيم المعاني وتعزز أكرم الصفات:

- بسم الله الرحمن الرحيم: تمسك بالله تعالى وتبرك به وبأسمائه وصفاته الحسنى ودعاء ورجاء وتوسل وتوكل واستشعار لرحمته التي وسعت كل شيء.

-الحمد لله رب العالمين: شكر وثناء لمستحق الحمد الذي هو قيوم على كل شيء في هذا الوجود يحفظهم ويرزقهم ويغدق عليهم النعم ظاهرًا وباطناً.

-الرحمن الرحيم: إحساس بالرحمة الإلهية التي تلمسها في كل ذرة فيك وفي الوجود.

-مالك يوم الدين: تفكر في المآل واستعداد للرحيل فهذه الدنيا إنما هي لحظات مؤقتة وهناك يوم آخر سنسأل فيه عما كنّا نعمل.

-إياك نعبد وإياك نستعين: العبادة تحتاجها نفسك ويحن لها قلبك وتشتاقها روحك وهي سر نجاحك وسبب نجاتك فلا تكون إلا لله ولا تستعن بسواه، وطوبى للمخلصين.

-اهدنا الصراط المستقيم: اطلب بحرص نورا ليهديك في ظلمات الحياة، ونور الله هو منهاج الحياة، وصراطه المستقيم هو دينه الذي يحوي أسرار سعادتك.

-صراط الذين أنعمت عليهم: حينما تتبع النور وتسلك الصراط المستقيم فإنّك تتشرف لتكون مع أولئك الأبرار الذين كانوا كواكب الدنيا عبر العصور.

- غير المغضوب عليهم ولا الضالين: دعوة للحذر من أولئك الظالمين لأنفسهم الذين يلقون بها في التهلكة ببعدهم عن الله ورفضهم لنوره المبين وإعراضهم عن صراطه المستقيم، ومن ضل عن الطريق ماذا يتوقع من مصير؟

جاء في الحديث القدسي: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال الله عز وجل: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال الله عزّ وجلّ: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال عز وجل: مجدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل).

*مشرف أول تربية إسلامية - وزارة التربية والتعليم

تعليق عبر الفيس بوك