الخرافة.. وهم ينشأ ويترعرع في بيئة من الجهل وضعف الإيمان

لا تصمد أمام التفسير العلمي

فيصل بن زاهر الكندي

تنشأ الخرافة وتتمكن في قلوب الناس لمجرد تخيل داخلي لشيء لا حقيقة له ولا وجود ومع مرور الزمن تستقر ويصعب اقتلاعها منه وهي إما أن تكون دينية أو ثقافية أو اجتماعية وقد تكون شخصية، وتتنوع الخرافات باختلاف البيئات والثقافات وقد تصل لدرجة لا يقبلها عقل الطفل الصغير فضلاً عن العاقل..! ولكن بسبب ضعف الإيمان والتقليد الأعمى وتصديق كل ما يُقال دون التأكد من ذلك تتحول إلى اعتقاد ونمط حياة يورثها الآباء للأبناء ومن بين تلك الخرافات التي انتشرت أن الخرزة الزرقاء تدفع الشر وأن نعل الفرس تجلب الخير وتطرد الشيطان والشر والبعض يتشاءم من الغراب واللون الأسود والآخر من الرقم 13 وما ذلك إلا لضعف العقيدة في نفوس هؤلاء وقلة العلم والثقافة ولأحداث مرت بهم أو بغيرهم فكانت سبباً في تفاؤلهم أو تشاؤمهم من ذلك الشيء.

لذا كان لابد من تفكيك طلاسم بعض من تلك الخرافات المنتشرة في مجتمعنا ووضع حد لها وتوضيحها وتبيين التفسير العلمي لها وموقف الإسلام منها.

ولابد من التأكيد على أن الخرافة تواجه بالعقيدة السوية وبالتعاون بين أفراد المجتمع المترابط لتفكيك رموزها الواهية ونشر ثقافة الوعي وعدم تصديق ونشر المعلومة إلا بعد التأكد من مصادرها الحقيقية التي تتوافق مع دستورنا الواضح المعاني والعقل السوي الراجح وبهذا نكون قد أغلقنا الباب أمام كل من تسول له نفسه نشر الخرافات والإشاعات وسيتم القضاء عليها في مهدها. ونفند فيما يلي بعض الخرافات الرائجة في مجتمعنا ومنها:

التثاؤب:

هناك اعتقاد راسخ لدى الكثير بأنّ التثاؤب سببه دخول الشيطان في فم الإنسان وبالتالي دخوله في جسده ويرى البعض أن التثاؤب هو عبارة عن ضحك الشيطان على الإنسان فعندما يفتح الإنسان فمه للتثاؤب ما هو إلا شيطان يضحك عليه ولو بحثنا عنها علمياً لوجدنا أنّها عملية طبيعية بل ومفيدة للإنسان فالتثاؤب سببه خمول في الجسم وبالتالي تباطؤ في التنفس مما يؤدي إلى نقص الأكسجين الداخل إلى جسم الإنسان فيعوض الجسم ذلك النقص بالتثاؤب لتغذية الجسم بالأكسجين وطرد غاز ثاني أكسيد الكربون ومن الأفضل وضع اليد على الفم أثناء التثاؤب منعاً لدخول أي جسم غريب للجسم وغيرها ولكيلا يبقى الفم مفتوحًا أمام النّاس هذا ولم يرد حديث عن الاستغفار في حال التثاؤب.

طنين الأذن

نسمع أحيانًا أصواتاً تشبه الطنين في آذاننا كصوت الصدى فيفسرها البعض بأنّه شيطان يريد أن يكلمك أو أن أحدا ما يذكرك في هذه اللحظة وغيرهم يفسرها بحالة تحدث عند الصعود في أماكن مرتفعة وكل ذلك لا أساس له من الصحة فطنين الأذن هي عملية طبيعية تحصل بسبب إصابة في الأذن الداخلية أو بسبب تقدم في العمر أو اضطرابات في الدورة الدموية ولا علاقة للطنين بالشياطين ولا بشيء آخر.

زغللة العين

هناك خرافة راسخة لدى البعض بأنّ الجفن العلوي للخير والسفلي للشر فإذا تحرك الجفن العلوي دل ذلك على خير قادم لصاحبه وإن تحرك الجفن السفلي دل ذلك على شر وكأن الجفن أصبح جهازا حساسا للاستشعار بالخير والشر عن بعد والبعض الآخر يفسر تلك الحركة بتسبيح العين لله عزّ وجلّ والبعض يفسرها تفسيرات أخرى غريبة لم تثبت والحقيقة وما فيها أن زغللة العين أو ارتجاف الجفن له أسباب صحية متعددة منها فقر الدم أو انخفاض في ضغط الدم وربما يكون سببه إجهاد العين بإطالة الجلوس والنظر أمام الحاسوب والشاشات وربما يكون سببه الجوع الشديد أو مرض السكري وضعف أو خلل في الإبصار وربما تكون هناك أسباب صحية أخرى لا علاقة لها بالخير والشر.

بياض الأظفار

بياض الأظفار هو ظهور بقع أو نقط بيضاء اللون في الأظفار فمنهم من يفسر ذلك بنقص في كمية الكالسيوم وهو غير صحيح ولكن أجمع المخرفون بأنّ سببه هو حظ قادم في الطريق إلى صاحب النقط البيضاء ولا أدري ما علاقة النقط البيضاء بالحظ لكن ربما لأن اللون الأبيض يرمز للسلام والخير ولكن بعد الرجوع للتفسيرات العلمية ثبت أن سبب تلك البقع البيضاء هو إصابة في قاعدة الظفر وإن زاد البياض عن حده فغطى الظفر فهذا دليل على نقص شيء في الجسم.

رؤية شخص بعد وفاته

يتناقل الكثير من الناس وخاصة في القرى والمناطق النائية اعتقادا بأنّ الميت إن مات فروحه تدور حول البيت مدة من الزمن ثم تختفي ولذلك نسمع عن قصص رؤية أناس بعد وفاتهم ويفسرها المخرفون بأنّهم في الحقيقة ليسوا بموتى وإنما تم اعتقالهم من قبل السحرة وبعد 7 أيام من الاعتقال تقام وليمة عليهم، وتلك الجثة التي أودعت القبر ليست جسد الميت الحقيقية وإنما هي عبارة عن جذع موز تم دفنه وهو في الحقيقة محبوس في مكان آخر وأصبح عبدا للسحرة لا يستطيع الفرار منهم ولا التحكم في نفسه ويعمل لصالحهم ليلا ونهارا حتى يموت أو يموت الساحر !! وهذه التفسيرات تنم عن مدى ضعف الإيمان والعقيدة الهشة التي يطالب المسلم بترسيخها في نفسه وتحقيقها في حياته لمواجهة الخرافات والعقائد الضالة التي تنسف الإيمان نسفًا وتصنع من الشياطين أبطالاً وتضع السحرة في الواجهة وتجبر هذه العقائد الضالة أصحابها على الاعتقاد بأن السحرة والشياطين والجن بإمكانهم التحكم في حياة الإنسان والتلاعب به كيفما يشاؤون ومتى ما يشاؤون إذ كيف يصدق مسلم يؤمن بالله ورسوله أن فلانا مات وخرجت روحه وأكد الطب توقف قلبه عن العمل وظهرت عليه علامات الوفاة حيث توقف التنفس وانعدمت الحركة وانخفاض حرارة الجسم دلالة على خروج روحه ثم يشاع بعد كل هذا بأنّ الجثة التي ترقد في المستشفى والتي غسلت وحنطت وعطرت وبخرت وصلي عليها ودفنت هي عبارة عن جذع موز !!! ونسي هؤلاء المصدقون للخرافات أنّ الروح سر من أسرار الله تعالى لا يعلم بحقيقتها وبمكانها ووجهتها بعد الممات إلا الله تعالى ولا يستطيع ساحر ولا عفريت التحكم بها فلو كانت هذه الخرافة حقيقة لكان لزاماً أن نصدق أنّ نصف الموتى تمّ سحرهم وأكلهم وهو منافٍ للعقيدة ومنافٍ للعقل السوي وقد أفتى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي - حفظه الله ورعاه - وغيره من العلماء بعدم صحة هذا الاعتقاد الباطل .. والغريب في الأمر ليس في تصديق الناس لهذه القصص والأساطير التي أكل الزمان عليها وشرب وإنما في انحصارها في القرى فحسب إذ لا تسمع عن هذه القصص في المدن والمناطق التي حظيت بنصيب من الثقافة والانفتاح العلمي.

تقليم الأظفار ليلاً

يُشاع بين العوام أنّ تقليم الأظفار ليلاً لا يصح فهو يجلب الشياطين والبعض يدعي أنّ الكالسيوم يتركز في قمة الأظفار ليلا فبتقليم الأظفار ليلا يتم القضاء على هذه المادة وقد ثبت لدي بعد سؤال الأطباء عدم صحة هذا الكلام علمياً كذلك لم يثبت دليلا شرعيا يدل على عدم مشروعية تقليم الأظفار ليلا لكن ربما يكون المنع سابقا بسبب عدم توفر الكهرباء فهو عرضة لإصابة الأصبع بأذى بسبب عدم الرؤية الجيدة فمن هنا جاء المنع.

كنس البيت ليلا

ويستمر مسلسل الخرافات إلى درجة أنه يمنع في بعض الأسر كنس البيت ليلاً خوفًا من زوال البركة في البيت كما يشاع فبكنسك للبيت أنت تزيل البركة منه فتجنب الكنس ليلا وقد بحثت عن دليل شرعي يمنع الكنس ليلا فلم أجد ما يمنع ذلك ولكن ربما يكون المنع "سابقا" بسبب عدم توفر الكهرباء قديما فقيامك بالكنس ليلا هو عرضة لكنس أشياء مهمة لا ترغب بالتخلص منها كالأوراق النقدية والذهب وغيرها ولكن الآن مع توفر الكهرباء تم فك رموز هذه الخرافة.

تعليق عبر الفيس بوك