تباين الآراء بشأن زواج الأقارب.. ونتائج الفحص الطبي تفصل في إمكانية الارتباط

مواطنون يؤكدون أن اختيار شريك الحياة يعتمد على المشاعر الإيجابية والمستقبل المشترك

الرؤية - محمد قنات

اختلفت آراء عددٍ من المواطنين حول مسألة زواج الأقارب؛ ففيما اعتبر البعض أنّ هذا النوع من الزواج قد يتسبب في أمراض وراثية وبالتالي يتعين الفحص قبل الزواج بحيث يُسهم بشكل كبير في تجنب الكثير من الأمراض الوراثية، أو تجنبه بشكل مطلق، مشيرين إلى أن كثيراً من العلماء والمختصين ينصحون بعدم الزواج من الأقارب باعتبار أنه ينقل الأمراض الوراثية من الآباء إلى الأبناء أكثر من زواج الأباعد.

وطالبوا بضرورة إجراء الفحوصات الطبية التي تسبق الزواج حيث إنها تتيح معرفة الحالة الصحية العامة للمقبلين على الزواج، وذلك للتأكد من معافاتهما من الأمراض التي قد تنتقل إلى الأطفال مستقبلاً.

فيما يرى البعض الآخر أن زواج الأقارب لا يعني دائمًا أن هناك خطراً على الأبناء من الأمراض الوراثية، فقد يكون لزواج الأقارب فائدة في بعض الحالات؛ من حيث زيادة الترابط الأسري والتفاهم المشترك.

وقال مازن بن صالح الشكيلي إنّ الفحص الطبي قبل الزواج يحمل أهمية كبيرة، إذ يسهم في تجنب الأمراض الوراثية المنتشرة في المجتمع، وإنّه ينبغي على المقبلين على الزواج تقبل هذا الأمر والقيام بالفحص لتلافي أي عثرات اجتماعية مقبلة، بما يضمن بناء مجتمع صحي خالٍ من الأمراض الوراثية. وأضاف أن الأجداد ربما لم يكونوا على علم بمخاطر زواج الأقارب، نظرا لغياب العلوم الحديثة التي أكدت هذه المخاطر، وسرعة انتشارها في زواج الأقارب، كما لم تكن هناك إمكانات صحية تسمح للمقبلين على الزواج بإجراء الفحص المبكر.

وألمح الشكيلي إلى أن البعض يعتبر موضوع الفحص قبل الزواج وكأنه اتهام لأخلاقه أو التشكيك في تصرفاته، لكنه أكد أن مثل هذا الإجراء قد يجنب الطرفين الوقوع في دوامة من الأمراض الوراثية التي لا تنتهي، علاوة على أن هذا الفحص مطلوب من قبل المرأة والرجل قبل أن يشرعا في بناء حياتهما الأسرية.

فيما قال فهد السعيدي إن اعتقاد البعض بأن زواج الأقارب في مجمله يتسبب فى بعض الأمراض الوراثية "خاطئ" وليس صحيحا فى كل الأحوال؛ حيث إن هذا الأمر لا يمكن أن يكون قاعدة عامة تنطبق على جميع الأقارب الذين يتزوجون من أقربائهم، مشيرًا الى أن لزواج الأقارب بعض الإيجابيات حتى الصحية في بعض الأحوال، وأنه ينقذ الأجيال القادمة من كثير من الأمراض. وقال السعيدي إنه لا يفضل زواج الأقارب على زواج الأباعد، ولا العكس، وعلى كل من الرجل والمرأة أن يختار شريكه وفق الصفات التي يرغب في توفرها شريك حياته.

وزاد أن زواج الأقارب إذا كان به ضرر لم يكن ليحله الله، مصداقا لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ".

وأضاف أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج من زينب بنت جحش، وهي ابنة عمته، وزوج ابنته فاطمة بابن عمه علي بن أبي طالب، ولم يزل السلف يتزاوجون من أقاربهم، والأمر في النهاية يعود إلى طبيعة المرأة، وطبيعة الرجل. واستدرك أن انجاب طفل مشوه من زواج الأقارب لا يعني أن هذا مصير جميع من يتزوجون من أقاربهم انجاب أطفال مشوهين. وختم حديثه بنصحه للمقبلين على الزواج بضرورة القيام بالفحص حتى يطمئنوا على النواحي الصحية ومعافاتهما من الأمراض الوراثية والمعدية حتى يضمنوا سلامة أبنائهم في المستقبل.

تعزيز الأواصر

في المقابل يؤيد خليل السيابي زواج الأقارب، ويرى أن هذا النوع من الزواج يعزز أواصر العائلة ويعمل على ترابطها، فلا تدخل بينهم عائلات أخرى تختلف عنهم في التقاليد والعادات، وخاصة في مجتمعاتنا. واعتبر أن الزواج من الأقارب أمر إيجابي؛ إذ تكمن فيه كل معاني السعادة والاستقرار النفسي، لا سيما بفضل التقارب الاجتماعي والعائلي وعدم وجود فوارق اجتماعية يمكن أن تزعج الطرفين أو تشعر أحدهما بمشاعر سلبية. وذهب السيابي إلى أنّ زواج الأقارب لا يعني دائماً أن هناك خطراً على الأولاد من الأمراض الوراثية، وأن بعض الناس يعتقدون أن زواج الأقارب لابد أن يؤدي إلى أطفال مشوهين، أو مرضى، وهذا خطأ شائع، فقد يكون لزواج الأقارب فائدة في بعض الحالات إذا وجدت صفات وراثية حميدة مشتركة، مثل الذكاء.

وقال سالم المالكي إن كثيرا من العلماء والمختصين ينصحون بعدم الزواج من الأقارب على اعتقاد أن زواج الأقارب ينقل الأمراض الوراثية من الآباء إلى الأبناء أكثر من زواج الأباعد. وأضاف أنّ الارتباط بالأقارب قد يتسبب في تدمير العلاقات العائلية وقطع الرحم، إذا ما حدثت مشكلات في الزواج، وعلى الرغم من أن زواج الأقارب له ميزات إيجابية كثيرة، إلا أن الأمراض الوراثية تعتبر أكبر خطر قد يواجه هذا الزواج لما ينتج عنه من أطفال مشوهين يمكن أن يكونوا ضحية لمثل هذه الزيجات. وأوضح المالكي أن إجراء الفحص للمقبلين على الزواج أمر في غاية الأهمية لمعرفة وجود أمراض الدم الوراثية "فقر الدم المنجلي- الثلاسيميا"، وبعض الأمراض المعدية كالتهاب الكبد الفيروسي ونقص المناعة المكتسب، وذلك بغرض إعطاء المشورة الطبية حول احتمالية انتقال تلك الأمراض للطرف الآخر من الزواج أو الأبناء في المستقبل يعتبر أمرا مهما لجميع المقبلين على الزواج سواء كان زواج أقارب أو غيره باعتبار أنه يضمن عدم إصابة الأبناء بأي مرض وراثي.

وقال خميس الغزيلي إن زواج الأقارب قد ينتج عنه الكثير من الأمراض والإعاقات ويجب ألا يفكر الشباب كثيراً في زواج الأقارب باعتبار أنه ينطوي على مخاطر قد تتسبب في دمار أطفال بنقل هذه الأمراض وراثياً. وأضاف أنه يجب أن يكون هناك فحص قبل الزواج باعتباره شيئا إيجابيا خاصة وأن الأمر يتعلق بمستقبل جيل قادم، كما أن الفحص يمكن للشخص أن يتعرف من خلاله على الأمراض التي تنتج عن الزواج ويجب ألا تقتصر الفحوصات على الأقارب الذين يرغبون في الزواج من بعضهم بل على جميع المتزوجين أو الذين ينون الزواج حتى يتحاشوا الأمراض التي قد تنتقل إلى أبناء المستقبل.

وتابع أن الفحص يعمل على تقليل نسبة الأمراض الوراثية حال تم اكتشافها وأن الطب تطور وعمل على معالجتها حتى لا تنتقل إلى الأبناء حال حدوث زواج بين طرفين مصابين بأمراض وراثية ويرغبون في الزواج.

ومضى قائلا إن المجتمع العماني خلال الفترة الأخيرة أصبح متفهما لهذا الفحوصات وفي أحيان عديدة يتم تشجيع الشباب على ضرورة إجراء الفحوصات قبل الزواج، وهناك أسر كثيرة يكون واحدا من شروط موافقتهم على الزواج أن يقوم الطرفان بالفحوصات الطبية، وهذا أمر ناتج عن نشر الوعي بين أفراد المجتمع، لكن يفضل أن يقدم الطرفان الراغبان بالزواج من بعضهما بالفحص حتى تكون لديهم معرفة بالأمراض التي يحملانها ومعرفة طرق العلاج والوقاية منها إن وجدت.

تعليق عبر الفيس بوك