الحج ووحدة الأمة

تلتئم جموع الحجيج على صعيد منى الطاهر في يوم التروية، استعدادًا للتصعيد إلى عرفات في يوم الحج الأكبر غدًا الأربعاء، في مشهد مهيب يعكس بجلاء الآفاق الرحبة لوحدة هذه الأمة، وإمكانية اجتماعها على كلمة سواء كما يحدث في هذا التجمع الروحاني الفريد والذي يندر أن يتكرر مثيله..

ملايين الحجاج يجتمعون على صعيد واحد، تتوحد غايتهم في السعي إلى الظفر برضا الرحمن، ويتجانس مظهرهم في لباس الإحرام الموحد مجسدين بذلك تماسك بنيان هذه الأمة، وقوة نسيجها، ومنطلقاتها التي تستقي نورها من مشكاة واحدة ومن قبس الإسلام الخالد..

إنّ هذا المشهد العظيم لضيوف الرحمن وهم يؤدون شعائرهم ومناسك حجهم في وحدة وانسجام، ينبغي أن يكون هو ديدن هذه الأمة في الترفع عمّا يفرق، والتمسك والالتفاف على ما يجمعها من عوامل وما أكثرها ..

إنّ الحج عبادة ذاخرة بالمعاني العظيمة والقيم الرفيعة، وهي شعيرة لها سننها ومقاصدها وتشريعاتها الحافلة بالسلوكيات الحضارية خاصة وأن الحج عبادة جامعة تستهدف تحقيق عدد من الغايات النبيلة منها تجريد الإنسان من كافة ما التصق به أو خالطه من مواريث فكرية أو اجتماعية ومن امتيازات طبقية، فالحجاج يقفون على صعيد واحد متساوين ومتجردين من كل زينة وفي لباس واحد.

إنّ شعيرة الحج ومناسكها المختلفة تجسيد حقيقي ورائع لتناغم خطى المسلمين، وسيرهم سوية على طريق الحق، دون إقصاء أو إبعاد لاعتبارات طائفية أو مذهبية أو غيرها، وهذا هو النموذج الذي نحتاج أن يكون برسم التعميم في واقع الأمة الإسلامية التي تعاني الانقسامات والتشرذم..

إنّ التطبيق الحق لمعاني الأخوة والوحدة الإسلامية التي تجسدها شعيرة الحج، كفيل بأن يُعيد لهذه الأمة مجدها.

 

تعليق عبر الفيس بوك