"QNB": كينيا تحقق معدلات نمو عالية رغم زيادة المخاطر.. وأزمة ميزان المدفوعات الأبرز

الرؤية - خاص

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني إنّ هناك عدة عوامل إيجابية متعددة في كينيا تخدم نمو الاقتصاد، ومنها قوة الاستثمارات، ومعدلات النمو السكاني المرتفعة، إلى جانب وجود مصد عازل تتراوح قيمته بين مليار و2 مليار دولار أمريكي من عائدات النفط الإضافية التي يتوقع جنيها في عام 2021.

ونتيجة لذلك، يتوقع العديد من المراقبين أن يتجاوز معدل النمو 6 في المئة على المدى الطويل. لكن في غضون ذلك، هناك خطر حقيقي يكمن في حدوث أزمة في ميزان المدفوعات قد تعمل على إعاقة النمو على المدى القصير.

وتعد كينيا حالياً ثالث أكبر اقتصاد في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بعد كل من نيجيريا وجنوب إفريقيا بناتج محلي إجمالي يُتوقع أن يبلغ 66 مليار دولارا أمريكيا في عام 2015. ويعتمد الاقتصاد على الزراعة التي تمثل 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و40 في المئة من الصادرات (كينيا هي أكبر مُصدر للشاي الأسود في العالم). ويُعد نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مرتفعا نسبياً في الوقت الحاضر؛ حيث يُتوقع أن يبلغ معدل النمو 5.5 في المئة في عام 2015، مدفوعاً بالاستثمارات في البنية التحتية والنمو السكاني المرتفع. كما أن الأسس الاقتصادية طويلة المدى لكينيا مدعومة بمعطيات سكانية إيجابية. ويشهد عدد السكان البالغ 44 مليون نسمة ارتفاعا سريعاً (2.7 في المئة في السنة) مع ارتفاع نسبة التمدن، مما يؤدي إلى تزايد الثروة وتوسع الطبقة الوسطى، والنمو القوي في اليد العاملة، والنمو السريع للطلب على الخدمات الاستهلاكية. فضلاً عن ذلك، من المتوقع أن تبدأ كينيا في إنتاج وتصدير النفط ابتداء من عام 2021، ما من شأنه توفير محفزات أكبر للنمو. لكن في المدى القصير، تظل كينيا معرضة لمخاطر هروب رؤوس الأموال بسبب ضعف مراكزها المالية والخارجية.

ومن عام 1990 إلى 2003، ظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في كينيا ضعيفاً بمتوسط 2.2 في المئة، وذلك نتيجة للسياسات الحمائية، وسوء الإدارة الاقتصادية، والإصلاحات غير المنظمة، والفساد. غير أنه وبعد أول انتخابات حرة ونزيهة في كينيا خلال عام 2002، تحسن الاقتصاد بفضل تنفيذ مجموعة من الإصلاحات بما في ذلك تخفيف الضوابط القانونية وسن قوانين لمكافحة الفساد، وإجراء إصلاح شامل للمالية العمومية، وهو ما أدى إلى تحسن مناخ ممارسة الأعمال. ونتيجة لذلك، ارتفعت الاستثمارات الخاصة والعامة بشكل كبير، بما في ذلك الاستثمارات من قبل المستثمرين الأجانب (ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 21 مليون دولار أمريكي في عام 2005 إلى 514 مليون دولار في عام 2013)، كما ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى متوسط يقدر بـ 5.1 في المئة في الفترة ما بين 2004 و2014. وأصدرت كينيا في عام 2014 سندات سيادية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي (وهو أكبر إصدار لسندات الدين في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء على الإطلاق) والذي شهد طلبات للاكتتاب فاقت المعروض بأربعة أضعاف.

ومن أجل زيادة تشجيع الاستثمارات وتطوير الاقتصاد، يتم حالياً تنفيذ مجموعة من المشاريع الكبرى، بما في ذلك شبكة السكك الحديدية لمومباسا، ومحطات الطاقة الحرارية الأرضية، ومشاريع الري، والشبكة الجديدة لأنابيب النفط. ومن شأن هذه المشاريع تخفيف الاختناقات في النقل وقطاع الطاقة ودعم استقرار النمو في المجال الزراعي. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بحوالي 5.5 في المئة خلال عام 2015، مدعوماً بالتحفيزات المالية، وتزايد مشاريع البنية التحتية، والنمو القوي للاستهلاك الخاص.

ومع ذلك، فإن كينيا معرضة لمخاطر هروب رؤوس الأموال. ومن المتوقع أن يبلغ عجز الحساب الجاري 7.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 كما أن الاحتياطات الدولية منخفضة (حوالي أربعة أشهر من غطاء الواردات). وفي غضون ذلك، يُتوقع أن يبلغ العجز المالي 7.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 ومعدلات الدين العام مرتفعة وتواصل الارتفاع (50.0 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 مقارنة مع 48.6 في المئة في عام 2014). ويتم جزئياً تعويض هذا العجز المزدوج برؤوس الأموال القادمة من الخارج، مما يعرض كينيا لخطر "التوقف المفاجئ" للتدفقات الواردة. وقد طلبت السلطات الكينية بالفعل تسهيلات احترازية بقيمة688 مليون دولار أمريكي من صندوق النقد الدولي في حالة حدوث اختلال مفاجئ في ميزان المدفوعات، وقد تضطر للاستفادة من هذه التسهيلات في العام الحالي.

وهناك عدد من العوامل التي تعمل على كبح النمو في كينيا، وقد تؤدي هذه العوامل إلى تراجع المعنويات والتدفقات الواردة لرؤوس الأموال. أولاً، يعمل الطقس الجاف على إضعاف المحاصيل، وهو ما يعيق النمو الزراعي. ثانياً، أدت الضغوط الخارجية بالفعل إلى تراجع حاد في قيمة الشلن الكيني (تراجع بنسبة 19 في المئة للسنة حتى 14 سبتمبر 2015) كما أدت إلى إضعاف التدفقات الواردة لرؤوس الأموال، وهذا الأمر قد يتفاقم إذا بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق هذا العام كما هو متوقع. ثالثاً، رفع البنك المركزي الكيني أسعار الفائدة مرتين في شهري يونيو ويوليو، بواقع 300 نقطة أساس في المجموع، لتصل إلى 11.5 في المئة وذلك بهدف مواجهة تراجع سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم (6.4 في المئة في المتوسط للسنة حتى الآن). رابعاً، تراجعت أعداد السياح بشدة (بنسبة 19 في المئة في النصف الأول من 2015 مقارنة بالعام الماضي) على خلفية تدهور الأوضاع الأمنية.

تعليق عبر الفيس بوك