الحصول على بطاقة الترخيص بالحج من شروط أداء الشعيرة في الوقت الراهن

بدر العبري

 

أشرنا في مقالات سابقة إلى أنّ من شروط الحج في وقتنا المعاصر حصول الراغب في الحج على "بطاقة الحاج" أو بطاقة التّرخيص بالحج، وذلك لسبب منطقي بسيط يتوافق مع كليات الشّرع، ومنطقيّة التّفكير، وهو أنّ المساحة الموجودة اليوم والتي تمارس فيها شعائر الحج - بغض النّظر عن حسن الاستغلال من الجهات المعنيّة في الدّولة السّعودية-؛ هذه المساحة لا تكفي إلا لعدد معين، في الطّواف أو السّعي أو منى وعرفة ورمي الجمرات، وعليه زيادة العدد ستؤثر سلبا على الجماعة، ومصلحة الجماعة مقدّمة على مصلحة الأفراد.

وينطبق الحال بشكل طبيعي وتلقائي بالنّسبة لبعثة الحج العمانيّة؛ لأنها ملزمة بقوانين كغيرها من البعثات مع وزارة الحج السّعودية، ومنها قانون التّرخيص بالحج.

كما أنّ المساحة الّتي تمنح للحجاج العمانيينتتسع لعدد معين لا يتجاوز أحد عشر ألفاً، وهذا في مخيم منى وعرفة، وما يترتب على العدد من توافر الإداريين المتابعين لهم إدارة ووعظا وصحة، وعليه لو زاد الحجاج العمانيين ووصلوا مثلا عشرين ألف حاج، فهم لن يضروا الحجاج العمانيين فحسب؛ بل سيضرون بشكل طبيعي جميع الحجاج من العالم، وهذا إيذاء، ولا تجتمع الطّاعة مع الإيذاء، والله حرّم إيذاء النّاس فضلاً عن المؤمنين، وفضلاً عنه في أماكن الطّاعة المحضة.

ثمّ لنتصور أنّ العدد زاد بمعدل الثّلث مثلا من كلّ دولة ماذا سيحدث في مكة!

فعلى المجتمع أن يتقبل هذا الأمر بطبيعة الحال بعقلانيّة أكبر؛ لأنّه هذا الواقع، وإلا فمن مصلحة السّعودية زيادة العدد لأنه زيادة في المال والرّبح بالنّسبة لها.

طبعا الحديث بالشّكل العام بغض النّظر عن حسن استغلال المنطقة هندسيا وتنظيميا، واستخدام الوسائل المعاصرة في ذلك، فهذا حديث آخر ليس محله هنا.

ولكن في المقابل هناك سؤال مهم أيضاً: لماذا يلجأ حجاج عمانيون إلى القوافل غير المرخص لها؟ ويعلمون أنّهم لا يحملون بطاقات حج، مع كثرة العدد، وبشكل سنوي!

وأيضا السؤال للقائمين على الحج في السلطنة، لماذا لم يتم معالجة الأمر خلال السنوات الماضية. وهو مايدفعنا الى إبراز عدد من النقاط، وأول هذه النّقاط نظام البطاقة ذاتها، كيف تصرف، ولمن تصرف، فمثلا نجد العديد من الحجاج يذهبون سنويا، وبطاقاتهم تسري بسهولة، ولا يذهبون لخدمة حاج كوعظ أو صحة أو إدارة، وإنما غالبا إمّا متنفلين أو مستأجرين بحجة والعديد منهم شبابا، بينما ممّن رجع ولم يحصل لم يحج أبدا في عمره والعديد منهم كبار السّن.

فلابد بداية من تنظيم صرف البطاقة، وتقديم صاحب الفرض على صاحب النّفل، والكبير في السّن على الشّاب، ويستثنى المرافق والقائم بالخدمة،حتى يكون هناك شيء من التّنظيم والعدل.

ثمّ على الحاج أن يتعامل مع جهة صرف البطاقة، وحبذا أن تكون الشّرطة لتقدمها في هذا وعدلها وصرامتها بدل الوزارة، أو على الأقل الاستفادة من الشّرطة في هذا والتّعاون معهم.

وبعد هذا للحاج الحرية في اختيار القافلة التي يراها مناسبة له في السّعر وخدماتها، مع تجريم بيع البطاقة بأي شكل من الأشكال، كان من قبل الحاج أو القوافل، أو من قبل من يعمل في الوزارة ذاتها.

هذا من جهة البطاقة؛ أمّا من جهة القوافل، فالمحير ارتفاع السّعر بشكل كبير وملفت جدا، قد يكون للقافلة الحق في ذلك، وقد يكون استغلالا من بعض القوافل، وشخصيا لا استطيع الحكم، والمسألة تحتاج إلى دراسة مقننة تحفظ الفريقين في الحقوق، الحاج والقافلة، حتى لا يظلم أحدهما بأيّ شكل من الظلم بخسا أو استغلالا.

ولكن في المقابل هناك من الحملات غير المرخصة كانت تأخذ مبالغ أقل ولكن تقدم خدمات أفضل من حيث السّكن والأكل حتى في منى وعرفة، مقارنة ببعض الحملات المرخصة!!! وهذا يشهد به العديد من الحجاج!!!ثم بأي حق تباع البطاقة بشكل كبير جدا، وصاحب هذه القافلة في بيته مستلقيا، فهذه ذاتها بحاجة إلى محاسبة ونظر!!!

عموما إنّ رجوع الحاج العماني وبشكل كبير جدا يحتاج إلى تغيير كامل في هيكل إدارة الحج ذاتها، والتّحرك الأكبر من الجهات المعنيّة في علاج الوضع وتقنينه بشكل عادل، ووضع الدّراسات في ذلك.

ولا زلت أرجو أن تكون بعثة الحج هيئة مستقلة بدل المكتب البسيط في الوزارة، واستغلال الوسائل الالكترونيّة المعاصرة بشكل أكبر، والاستفادة من شرطة عمان السّلطانيّة في حسن الإدارة والتّنظيم، وتحقيق العدل بين جميع المواطنين، والتّخلص من بعض الشّخصيات النّفعيّة ذات المصالح الشّخصيّة في الإدارة أو القوافل، والله ولي التّوفيق.

 

تعليق عبر الفيس بوك