"دليك في الحج".. شرح فاض لأحكام وآداب مناسك "رحلة العمر"

مسقط- الرؤية

صدرت مؤخرا النسخة الجديدة من كتيب "دليلك في الحج"، والتي ترصد بالتفاصيل أحكام وآداب الشعيرة المقدسة، في رحلة الذنب المغفور بإذن الله.

ويأتي الكتاب في مسعى لتعريف الحجاج بمختلف المناسك وكيفية أدائها على الوجه الصحيح، مع تبيان فضل الذكر خلال الرحلة. وكان الكتاب قد صدر في طبعته الأولى تحت عنوان: "مناسك الحج والعمرة في خطوات"، ثم كانت الطّبعة الثانية بإضافة المقاصد والأدبيات القرآنية ونموذج للوصية باسم: "دليلك في الحج والعمرة خطوة خطوة"،ثمّ في الطّبعة الثّالثة تم تخصيص الكتاب للعمرة مع حذف جانب الحج، وجاء بعنوان: "دليلك في العمرة خطوة خطوة"،أما في النسخة الحالية محل الاستعراض، فقد تم الإبقاء على الحج تحت عنوان "دليلك في الحج خطوة خطوة".وتتم طباعة الكتاب بفضل تبرعات أصحاب الأيادي البيضاء، كما يوزع مجانا ودون مقابل.

وفي هذه النسخة راعى واضعو الكتاب بساطة الأسلوب، وتقريب المناسك، حيث يهدف الكتاب إلى أن يرجع الحاج والمعتمر وقد جمع بين الفوائد الثلاث: القلبية بذكر الله، والعقلية بالمعلومات والفوائد العلمية والتأريخية، والمقاصدية حتى يتحقق الأثر من هذه الرحلة الربانية، ويظهر ذلك في النفوس والسلوك والأوطان.

وقد أعدّ الأذكار والخطوات العملية الشّيخ محمد بن سالم بن أحمد البوسعيدي، بينما أعد الأحكام والمقاصد والأدبيات القرآنية والمواقف التأريخية، ووضع الجداولوالملحقات بدر بن سالم بن حمدان العبري.

ويحتوي الكتاب على خطوات عملية للمناسك، وأذكار مباركة للمناسك، وتنبيهات مهمة للحجاج والمعتمرين، وأحكام خاصة بالنساء، ومقاصد وأدبيات قرآنية، بجانب بعض الوقفات التاريخية في المكان والنّسك، وجداول تسهل للحاج فهم المناسك، ونموذج للوصية.

الاستفادة من الدليل

وحتى يكون للدليل أثره في الحاج والقاصد حرص مؤلفو الكتاب على أهمية أن يراعي القارئ الترتيب التالي:اقرأ أولا الدليل كاملا، وضع خطاً تحت المسائل المبهمة عليك، واسأل عنها من يقربها إليك، أو اتصل بنا، وقد وضعنا الهاتف في أول الكتاب للتواصل بجانب البريد الإلكتروني.ثم اجعل الدليل دائماً معك، وأعد قراءة الخطوات، وذلك حسب تأديتك للمناسك، مثلا عند الوصول إلى الميقات أقرأ خطوة الوصول إليه، ولا تنس أن تطبق وتتأمل في المقاصد.انظر إلى الجدول الملحق في آخر الكتاب، وضع علامة صح عن كل منسك تنهيه.حاول أن تقيم حلقة مع أهلك وأصحابك عند كل خطوة، وأقم حلقات معهم في التأمل في الآيات المشار إليها في الدليل.

وفي السطور المقبلة، نستعرض أبرز ما جاء في الكتاب.

وتحت عنوان "أيام التّشريق.. الخطوات العملية"، يقول الكتاب: "تمكث - أخي الحاج - بمنى أيام التشريق بلياليها. فالمبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن غربت عليه الشمس بها واجب يتعرض تاركه للإثم، ويلزمه فدية إلا من عذر.والمكث بمنى أيام التشريق هو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا ينبغي العدول عنها إلا لعذر.ويمكنك الذهاب إلى مكة ليلا للطواف والعودة إلى منى، فقد ورد أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. حيث ترمي فيها الجمرات الثلاث كل يوم بعد الزوال، بسبع حصيات لكل جمرة. وتبدأ بالجمرة الأولى، وهي الأقرب إلى مسجد الخَيف، فإذا فرغت من رميها، تقدمت قليلاً عن يمينك، فتقوم مستقبلا القبلة قياما طويلا وترفع يديك وتدعو.ثم تأتي الجمرة الثانية، فترميها كذلك، ثم تأخذ ذات الشمال، فتقوم مستقبلا القبلة قياما طويلا، وترفع يديك وتدعو.ثم تأتي الجمرة الثالثة، وهي جمرة العقبة، فترميها كذلك، ولا تقف عندها.ثم ترمي في اليوم الثاني واليوم الثالث كذلك بنفس الطريقة.وإن أنبت عن غيرك ترمي الصغرى أولاً عن نفسك ثم عن غيرك، ثم الوسطى عن نفسك ثم عن غيرك، وهكذا تفعل في الكبرى.

وإن انصرفت بعد رميك في اليوم الثاني، ولم تبت للرمي في اليوم الثالث جاز، لقوله تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"، لكن التأخر للرمي أفضل، لأنه السنة.

والرمي يبدأ بعد الزوال ويجوز أن تؤخره إلى غروب الشمس اختيارا، وبعضهم أجاز حتى طلوع الفجر.

المعاني والمقاصد

أيام التشريق أيام مباركة، أيام ذكر وشكر لله عز وجل، يمكث الحاج في منى متأملا متفكرا، ذاكرا شاكرا، متمتعا بطيبات ما خلق الله تعالى، ومن مقاصد هذه الأيام المباركة: أنها بمثابة دورة تدريبية مصغرة لرجوعك إلى وطنك، فبعد ما قضيت الدورةَ التعليميةَ من طواف وسعي ووقوف وغيرها، يعطيك الله تعالى دورة تطبيقية لتختبر نفسَك في آثار الحج، فتجمع بين الطيبات من أكل وشرب وبين الذكر المحض، فتطبق هذا جميعا عند عودتك إلى بلدك العزيز.لا شك أنّك في هذا اليوم المبارك ترمي الجمرات الثلاث، وقد لا تعي حكمتها، كما أنّك تصلي في اليوم خمس مرات وقد لا تعي حكمة ذلك، فهذا أمر الله، فعليك أن تمتثل، ولا يمنع ذلك من البحث عن الحكم النبيلة، فالله تعالى لم يشرع لنا شيئا إلا لحكمة أرادها سبحانه.تجمع أخي الحاج في هذه الأيام بين غذاء الروح وغذاء البدن، وهكذا شريعة الله شاملة متكاملة، لا رهبانية فيها، ولا تفريط في حدود الله تعالى.ما تفعله عزيزي الحاج في هذه الأيام لا يصل إلى الله تعالى، وإنما يصل إليه تقواك وإخلاصك له، ومراقبتك إياه، تأمل معي قولَه تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.لا تنسَ أخي الحبيب ما تعلمته من نظام ونظافة واحترام للآخرين أن تطبقه في هذه الأيام المباركة، واحذر أن تفتح للسانك وبصرك العنان، فتعصي الله تعالى بهذه النعم، ولا تغتر بحجك ووقوفك، وأرجو رحمة ربك.

تعليق عبر الفيس بوك