قبة الصخرة والبتراء للترويج السياحي الصهيوني

فهمي الكتوت

خبران لهما مدلولان خطيران، الأول نشر صور قبة الصخرة ومدينة البتراء كمعالم سياحية إسرائيلية، للترويج السياحي للكيان الصهيوني لعام 2016، من قبل المكاتب السياحية الإسرائيلية، فقد وزعت المؤلفة الإنجيلية الأمريكية كاي ارثر برامج سياحية على غلافها صور للمدينة الوردية خزنة البتراء الأثرية، وقبة الصخرة المشرفة في القدس المحتلة، للترويج سياحيا في "إسرائيل". أما الخبر الثاني فهو إعلان وزارة المالية للكيان الصهيوني أنّ لجنة التخطيط والإنشاءات الوطنية وافقت يوم الثلاثاء على مسار خط أنابيب تصدير الغاز الطبيعي إلى الأردن، وسيمتد الخط بطول 15.5 كيلومتر بالقرب من الطرف الجنوبي للبحر الميت.

وكيل وزارة السياحة والآثار الأردنية، يقول إنّ الحكومة اتخذت عدداً من الإجراءات للتصدي لممارسات مكاتب السياحة الإسرائيلية، التي تروّج لمدينة البتراء الأثرية الأردنية على أنّها معلم إسرائيلي. أمّا الإجراءات الحكوميّة فهي زيادة رسم الدخول على المجموعات القادمة من الكيان الصهيوني.!

واضح أن الأهداف الصهيونية ليست مادية، أو مجرد حوافز للسياح لزيارة البتراء، بل هي سياسية وجزء من التصريحات التي يرددها وزراء وأعضاء كنيست أن "للنهر ضفتين الغربية لنا والشرقية لنا" وقد سبق ونوهت في مقال سابق أن هذا الشعار جزء من برنامج حزب حيروت الذي يشكل أحد أهم أطراف الليكود الحاكم في الكيان الصهيوني. فيتوجب على الحكومة الأردنية مواجهة هذه السياسات بجدية.

ورغم السياسات العدوانيّة التي يمارسها الكيان الصهيوني، ليس باحتلال فلسطين والاعتداءات اليومية على الشعب الفلسطيني، وتهويد المقدسات وتزييف التراث فحسب. بل وبأطماعه المعلنة في الأردن، تكافئه الحكومة الأردنيّة ممثلة في الشركة الوطنية للكهرباء، بالتوقيع على رسالة النوايا مع شركة "نوبل إنيرجي" الأمريكية كممثلة عن شركات الغاز الاسرائيلية الثلاثة صاحبة الامتياز في استخراج الغاز الطبيعي من حقل (ليفا ياثان) المجاور لشاطئ مدينة حيفا المحتلة. بقيمة 15 مليار دولار، لمدة 15 عامًا، والذي لم يبدأ الإنتاج به بعد.

إن إعلان "إسرائيل" تحديد مسار خط الأنابيب لصفقة الغاز، يؤكد أن الحكومة ما زالت ماضية في إتمام هذا المشروع الذي يستهدف ربط الاقتصاد الأردني بالكيان الصهيوني، وهو جزء من المشروع الأمريكي - الاسرائيلي بفرض الحل الاقتصادي، وفرض سياسة التطبيع كأمر واقع. ضاربين عرض الحائط الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والأطماع الصهيونية التوسعيّة تجاه الأردن. وعلى الرغم من مقاومة الشعب الأردني لهذه الاتفاقية المشينة، التي تلحق ضررًا سياسيًا واقتصاديا على الأردن، والتي تتزامن مع الانهيار السياسي والأخلاقي الذي يعيشه الوطن العربي، من تدمير وقتل وتشريد، وما يتعرض له الشعب السوري من معاناة وإذلال كثمرة للسياسات الإمبريالية الصهيونية.

أمّا على الصعيد الاقتصادي؛ فيمكن القول أنّ الصفقة لا تنطوي على حسابات اقتصادية للأردن، فالأردن ليس مضطرا لصفقة الغاز مع الكيان الصهيوني، للاعتبارات التالية:

1- ابتدأ ضخ الغاز المسال للباخرة العائمة (FSRU) التي تم استئجارها لمدة عشر سنوات لمشروع استيراد الغاز الطبيعي المسال وتم إنشاء ميناء خاص في العقبة لهذا الغرض، وأعلن وزير الطاقة الاردني أنّ الميناء سيسمح لبلاده باستيراد نحو 490 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز الطبيعي الذي سيحل محل مادتي الديزل وزيت الوقود الثقيل المستخدمين حالياً في توليد الطاقة الكهربائية. علما أن سعر الغاز المسال واصل لمنطقة العقبة لن تزيد عن 15% عن سعر برميل نفط برنت، وأنّ الاتفاقية الموقعة مع شركة شل العالمية تمت بمعدل 13% من سعر برميل برنت.

2- وقعت الحكومة الأردنيّة مع الشركة الاستونية انفيت في شهر أكتوبر من العام 2014 على اتفاقية بناء محطة كهربائية بقدرة 500 ميغاوات تتحمل الشركة تمويلها بالكامل بكلفة 2.2 مليار دولار أميركي وتبيع الحكومة الكهرباء بسعر متفق عليه 10.4 سنت للكيلوواط ساعة، (وهو أقل بكثير من تكلفته الحالية) ولمدة 17 سنة ويخفض السعر بنسبة 30% بعد دخول العام الثامن عشر. وأن تقديرات الشركة الاستونية أنه في حال القيام بتوسعة المشروع ومضاعفة قدرته سيؤدي إلى خفض سعر الكهرباء إلى 7.5 سنت للكيلوواط ساعة.

3- إن تكلفة بناء محطة كهربائية بقدرة 1430 ميغاوات عاملة على الحرق المباشر للصخر الزيتي الأردني لتوليد نفس القدرة الكهربائية لما سيولده الغاز الوارد بالصفقة مع الكيان الصهيوني بحدود 6 مليارات دولار أمريكي، أي ما يعادل ثمن الغاز المستورد من الكيان الصهيوني لمدة 6 سنوات فقط، وأن الحكومة تستطيع المساهمة بنسبة 25% من تكلفة المحطة بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عدة سنوات، بدلا من دفع مليار دولار سنويًا ثمن غاز "لإسرائيل" وتحقق إيرادات للخزينة سنوية تعادل 25% من أرباح المحطة. وتسهم بتوظيف العمالة المحلية التي تقدر بحوالي 4000 فرصة عمل، وإعداد وتدريب الكوادر الفنيّة الأردنيّة، وزيادة الاعتماد على المصادر المحليّة.

تعليق عبر الفيس بوك