"قراءات في الرواية العمانية والسعودية" تستعرض 5 أوراق عمل بالنادي الثقافي.. اليوم

◄ 10 باحثين يشاركون في برنامج "النص العماني برؤية عربية" بتحليلات نقدية لعشر روايات

تُختتم، اليوم، ندوة "قراءات في الرواية العمانية والسعودية"، التي يُنظمها النادي الثقافي -بالتعاون مع وحدة السرديات بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية- والتي تواصلت جلساتها على مدى يومين بمقر النادي، ضمن برنامج "النص العماني برؤية عربية"، الذي تدعمه وزارة التراث والثقافة، بمشاركة عشرة باحثين، وتستعرض عشر أوراق عمل؛ تتناول بالقراءة والتحليل النقدي عشر روايات مختلفة؛ خمس منها عمانية، والخمس الأخرى سعودية. ويُقدِّم الباحثون العمانيون قراءاتهم في الروايات السعودية المرشحة من قبل وحدة أبحاث السرديات بجامعة الملك سعود، فيما يقدم الباحثون من وحدة السرديات قراءات في الروايات الخمس المرشحة من قبل النادي الثقافي.

الرُّؤية - مدرين المكتوميَّة

وترأست جلسة أمس الباحثة عزيزة بنت عبدالله الطائية؛ وشملت الجلسة خمس أوراق عمل، حيث يقدم الدكتور معجب العدواني ورقة نقدية بعنوان "تنامي المتعة وتلاشي الألم: قراءة في رواية "أنا والجدة نينا" لأحمد الرحبي"؛ حيث انطلقت القراءة من خاتمة العمل بوصفها مفتاحًا لا يمكن تجاهله، ليس لأهمية ورود هذا المفتاح في نهاية الرواية فحسب، بل لظهور علاقاته المتشابكة والمتنوعة على امتداد أحداثها. واقتضت معالجة تلك الخاتمة الارتهان إلى قانون المتعة والألم؛ إذ خضع هذا العمل إلى مبدأ التوازي في وجهين اثنين؛ أحدهما متصاعد والآخر متلاشٍ؛ إنَّه ذلك التصاعد المصاحب للمتعة، والتلاشي المرافق للألم. تبدأ لعبة التوازي بوضوح مع عتبة الوطء الأولى للرواية، إلى جانب خاتمة الرواية التي حملت تمثيلًا لقانون الألم والمتعة معا من خلال القبلة واللطمة إطارًا مفترضا للسعادة من خلال الاتكاء على مشهد اللطمة الذي يتلاشى مع القبلة، تلك القبلة التي طبعتها الحفيدة (ماريا) على وجنة البطل. إنَّ الخاتمة التي تبدَّت سعيدة ليست كذلك، فلا ألم دائم ولا متعة دائمة، بل هناك مزيج من تيار لا يتوقف يمثل البعد الإنساني في الرواية.

الوارفة والبحث عن الذات

وقدَّم الدكتور إحسان صادق اللواتي ورقة بعنوان "الوارفة والبحث عن الذات: قراءة في رواية "الوارفة" لأميمة الخميس"؛ وتناول فيها قضية إشكالية تعددت الروايات السعودية المعاصرة التي تناولتها، هي قضية المرأة العربية بعامة، والسعودية بخاصة، في سعيها نحو البحث عن ذاتها، والحصول على حقوقها المضيّعة في مجتمع ذكوري، لا ينظر إلى الأنثى إلا بوصفها إنسانًا من الدرجة الدنيا، أو بوصفها أداة مصنوعة لإمتاع الرجل وتلبية رغباته فحسب. لقد تناولت "الوارفة" هذه القضية من أبعاد مختلفة، وحاولت عرض تجليات متنوعة لها، من خلال مسيرة الدكتورة "الجوهرة" التي أرادت لحياتها أن تكون ذات معنى مختلف عن ذلك الذي تعهده في النساء اللائي يشاركنها الانتماء إلى مجتمعها، وأدى بها هذا إلى أن تُجابه كثيرا من التحديات والعقبات الكبيرة. وتسعى هذه الدراسة لأن تقارب هذه الرواية من منظور هذه الثيمة الأساسية فيها، لتدرسها من الجانبين المضموني والفني، في محاولة لتسليط الضوء على مدى اندغام هذين الجانبين؛ أحدهما في الآخر، ليتشكل منهما معا الخطاب الأدبي لهذه الرواية، الخطاب الذي يتطلب أن تكون إعادة تشكيل الوعي العام مترفعة عن المباشرة والتقريرية؛ كيما تبقى "الأدبية" هي السمة الأساسية التي تفرق بين الخطاب الذي تحمله الكتابة المندرجة تحت عنوان الأدب وبين الخطاب المعتمد على الوعظ والإرشاد والتوجيه بنحو مباشر. كما قدمت الباحثة ميساء الخواجا ورقة بعنوان "ثنائية المكان والمرأة في رواية "امرأة من ظفار" لأحمد الزبيدي".

الإشاعة في لوعة الغاوية

وقدَّم الدكتور حميد بن عامر الحجري ورقة بحثية تتناول "الإشاعة في رواية "لوعة الغاوية": لعبده خال.. بنيتها السيكولوجية ووظيفتها السردية"، تحتلُّ الإشاعة موقعًا محوريًّا في رواية "لوعة الغاوية" للروائي السعودي عبده خال؛ فهي المحرِّك الأساسي لسلسلة من الأحداث المفصليَّة التي حكمت مسار الرواية وتركت آثارها العميقة في بُنَى شخصياتها.

بُعْدان رئيسان يحكمان قوة الإشاعة وفاعليتها في الجمهور كما تقرر دراسات علم النفس، وهما: أهميَّتُها للوسط الذي تنتشر فيه، وغموضها الناشئ عن قلة المعلومات الموثوقة المتصلة بها. وهذان البعدان توفَّرا بدرجة عالية من القوة في القصة الأساسية "المتوهَّمة" التي تفجَّرت عنها أحداث الرواية؛ كونها تتصل بالجنس ومفاهيم الشرف المنبثقة عنه. ولقد كانت من القوة بحيث حملت مجتمعًا بأكمله للتحرُّك بعنف ضد شخصية اتصفت بالوفاء والحب والعطف البالغ. وفي هذه الدراسة، نتحرَّك في اتجاهيْن متكامليْن: يُعْنى الأول بمراجعة أدبيات الإشاعة في علم النفس، لاستخلاص ملامح بُنْيَتِها السيكولوجية الاجتماعية، وتوظيفها في فهم الإشاعة الجوهرية التي تأسَّست عليها هذه الرواية: كيف نشأت؟ وما العوامل التي ساعدت على انتشارها؟ ولماذا كانت بتلك القوة التي حملت مجتمعًا بأكمله للتحرك ضد الشخصية التي أُلْبِسَتْ ثوبَها؟ ويشتغل الاتجاه الثاني على رصد الوظائف السردية التي اضطلعت بها الإشاعة في إشادة معمار الرواية على مستويات: الشخصيات بسماتها الثابتة والمتحولة، والحبكة بما تتضمنه من سلسلة أحداث متعاقبة وعقدة وحل.

لقد أدرك الروائي السعودي عبده خال -بذكاء بالغ- أن الإشاعة -بما تنطوي عليه من غموض وإثارة- قادرة على تأمين بنيةٍ سرديةٍ شائقةٍ، مرنةٍ، ثريَّة، وقادرة في الوقت نفسه على الكشف عن نفسيات الفاعلين الاجتماعيين، وإضاءة قوانين الفعل الاجتماعي التي تنزلق فيه مصادر القوة -في أحيان كثيرة- من المتن والمركز إلى الحواشي والأطراف.

وقدَّم الدكتور أبو المعاطي الرمادي فيدرس في ورقته "تعالق الغرائبي والواقعي في رواية "موشكا" لمحمد الشحري.. الروافد والدلالات". وقال: تسير رواية "موشكا" من بدايتها في مسارين: الأول غرائبي، والثاني واقعي. يتناول المسار الأول حكاية موشكا الجنية التي سلمت نفسها لـ"أنشرون" الإنسي وحملها منه سفاحاً، وافتضاح أمرها، ومحاكمتها أمام كبراء قومها الذين طلبوا منها الحكم على نفسها بما تراه مناسباً لحجم الجرم، فحكمت على نفسها بالمسخ إلى شجرة "لا تنبت إلا في أشد المناطق حرارة وجفافاً" (ص:97)، ولا تعطي خيرها إلا بعد الطعن بالمدى، كي تتطهر من إثمها. ويتناول المسار الثاني معاناة العمال جامعي اللبان، المعناة التي رآها المتخيل السردي جسدية بسبب صعوبة العمل في الأجواء شديدة الحرارة، والطعام القليل الذي لا يقيم أود عامل يبدأ عمله من بزوغ النور حتى غياب الشمس، ونفسية بسبب طول البعاد عن الأهل والأحباب. وقد لخصت الرواية معاناة جامعي اللبان في أن أرض اللبان" منفى اختياري، وابتعاد كلي عن أخبار الأهل، وإعفاء من التفكير في حالهم" (ص:79) يسير المساران متتابعان غرائبي، ثم واقعي، ثم غرائبي، ثم واقعي، ثم غرائبي، ثم واقعي. الفصل الأول يشتمل على الغرائبي والواقعي، الفصل الثاني كله غرائبي. الفصل الثالث كله واقعي، الفصول الرابع والخامس والسادس، كلها غرائبية، الفصل السابع والأخير كله واقعي. وهو تتابع غير محكوم بحجم المحكي، بل بدوره في صناعة الحكاية.

حددت الدراسة روافد الغرائبي، التي رأتها تبدأ من العتبات، وهي "العتبات رافد احتمالي- الحيوانات الخرافية- الجن"، ووقفت على روافد الواقعي في الرواية، ورأتها مجموعة في (تكديس الهامشي واليومي- الشخصية الواقعية- الخطاب الاجتماعي الأخلاقي- المكان).

ثم وقفت على تعالق المساريين، محددة آليات هذا التعالق، التي رأتها كامنة في حرص السارد تضييق المسافة بين العالمين: الواقعي والغرائبي، عن طريق تحميل الواقعي بالخرافة والأسطورة، وإدخال الواقعي أو شبه الواقعي إلى العالم الغرائبي. ففي العالم الواقعي: أكثر الكاتب من الخرافات على لسان جامعي اللبان، والخرافة بما تحمله من شطط في التفكير، وتجاوز للمنطق تقترب من العجائبي الذي يدور مع الغرائبي في فلك غير الممكن، كما أن شططها يشكل.

وفي العالم الغرائبي بث قصة طوفان نبي الله نوح -عليه السلام- والسفينة التي حملت من كل زوجين اثنين. والقصة -المسلم بصحتها وصدق أحداثها- تستحضر عالماً واقعياً، قوامه بشر، ومخلوقات متعددة الأشكال والألوان، وأرض بلعت ماءها، وسماء أقلعت عن المطر، ونباتات نمت، وابن عاص. واعتمد على قصة الصالح أيوب، التي اعتمد فيها على الموروث الشعبي، وهو موروث يأخذ قوة الواقعي من ناحيتين: الأولى وجود شبيه لأيوب الشعبي في القرآن الكريم، لا خلاف على حقيقة قصته، والثاني وقوعه في منطقة يصدقها العقل ولا ينفيها. وتوصلت الدراسة إلى أن سبب الإصرار على التعالق بين العالمين هو الرغبة في صناعة أسطورة عربية، رأتها الدراسة متجسدة في بعل صعب المخصي، التي تتعالق مع أسطورة أديب، وأسطورة موشكا.

أوراق عمل اليوم

وتتواصل الفعاليات حتى مساء اليوم في الجلسة الثانية التي يترأسها القاص والروائي حمود الشكيلي، وتشمل خمس أوراق عمل. تتناول الورقة الأولى للباحثة فاطمة العلياني موضوع "الفضاء المكاني بين الغربة والاغتراب في رواية "القندس" لحسن علوان"، فيما يقدم الدكتور أحمد منصور ورقة تحمل عنوان "بن سلوع والجراد: قراءة في رواية "بن سولع" لعلي المعمري"، وتقدم الباحثة ابتسام الحجري ورقة بعنوان "قصدية الوعي العجائبي في رواية "رحلة الفتى النجدي" ليوسف المحيميد"، وتقدم الدكتورة بسمة عروس ورقة بعنوان "كسر الشهوة: رواية "حوض الشهوات" لمحمد اليحيائي، في حياض التأويل". أما الدكتور خالد البلوشي، فيناقش في ورقته موضوع "التشابك ثيمةً وفنًّا في رواية "طوق الحمام " لرجاء عالم". وتشهد الجلسة في ختامهما حوارا مفتوحا بين المتحدثين والحضور.

تعليق عبر الفيس بوك