الأمطار.. رافد حقيقي للأمن المائي

يواجه العالم اليوم مأزقًا حقيقيًّا في تأمين موارده المائية؛ التي بدأت تشحُّ وتنضب تدريجيًّا نتيجة لعدد من العوامل الطبيعية؛ وأبرزها: الاحتباس الحراري والجفاف والتصحّر، وانخفاض معدلات سقوط الأمطار وندرتها كما هو حادث في مناخ الجزيرة العربية؛ وإن كانت السلطنة تتمتع بمعدل هطول أمطار أكبر بخلاف دول الخليج.

ويلاحظ أنّ السلطنة وبفعل التغيّرات المناخية على الأرض باتت تتعرض في السنوات الأخيرة لعدد من المنخفضات الجويّة التي تحمل معاها أمطارًا كثيفة، مما يؤدي إلى امتلاء الأودية وجريان الشعب المائية في محافظات السلطنة لاسيما الشماليّة منها.. فهي بشائر خير يمكن الاستفادة منها كثيرًا في ري الأراضي الزراعية، وتنعكس بوضوح على محدوديّة الأراضي الصالحة للزراعة، وارتفاع معدلات النمو السكاني والتحضُّر، والمشاريع الصناعيّة والزراعيّة الضخمة، كما أنّها ستلبي كافة الاحتياجات المائية لمختلف الأغراض، وتغذي مخزون المياه الجوفيّة، خاصة إذا علمنا أنّ الأمطار مصدر أساسي للمياه الجوفيّة في الأفلاج والآبار ومصادر الري التقليدية التي يعتمد عليها سكان السلطنة بصورة كبيرة.

يجب أن يتجه التفكير الحكومي خلال الفترة المقبلة نحو الاستفادة من هذه الظاهرة المناخيّة عبر إنشاء مجموعة أخرى من السدود والمخازن المائية؛ فهي أولا تساهم في تخزين فائض مياه الأمطار، ومن ناحية أخرى تساعد على الحد من مخاطر هذه الأمطار وخسائرها عبر استيعابها لكميات المياه الزائدة، وفوق ذلك أنّها تضمن تصريفًا ومصبًا جيّدًا لكل الأودية والشُعب المائيّة الأخرى.. كما يجب أيضا على الجهات المعنية أن تتعهد السدود القائمة بالرعاية والتطوير، وأن تسعى لمعالجة المشاكل التي تحول دون الاستفادة منها؛ هذا بجانب التوجه لإنشاء السدود الترابيّة والركاميّة غير المكلفة في الشعاب وحول القرى والمدن الصغيرة لتغذية الطبقات الجوفيّة، وبث رسائل التوعية بضرورة ترشيد المياه والمحافظة عليها من التلوث وتقليل الفاقد منها.

ولاشك أنّ السلطنة بما تمتلكه من إمكانيّات ماديّة وبشريّة قادرة على تطويع المستحيل، وجعل هذا الأمر واقعًا معاشًا بيننا؛ فبقليل من الاجتهاد والتخطيط والعمل الدؤوب باستطاعتنا أن نحقق الأمن المائي، ومن ثمّ نستشرف عبره مستقبل التنمية الاقتصاديّة وآفاق أمننا الغذائي عبر توسعة الرقعة الزراعية واستصلاح الأراضي الجافة وإنشاء الصناعات الزراعيّة.

تعليق عبر الفيس بوك