الجامعة العربية و سُبل الإصلاح

 

تعكف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية هذه الأيام على إعداد تقريرها النهائي حول إصلاح وتطوير الجامعة العربية، تمهيدًا لعرضه على وزاري الجامعة والمقرر عقده منتصف سبتمبر المقبل. وتأتي هذه الخطوةفي وقت تتعالى فيه الأصوات منادية بضرورة الإصلاح وبث الروح والحيوية في جسد الجامعة حتى تضطلع بدورها التاريخي في الدفاع عن قضايا الأمة العربية ومجابهة تحدياتها.

وتفرض معطيات الواقع الداخلي والمتغيّرات الإقليمية على الجامعة العربية انتهاج استراتيجية واضحة في التعاطي مع مُجمل ما يكتنف الواقع العربي من نزاعات وإخفاقات سياسية واقتصادية، تؤثر بشكل أو بآخر على تطور الجامعة وسير دورتها الطبيعية، كما تُحتم عليها ضرورة إعادة النظر في هيكلها العام وسبل إدارتها، وكذلك المواثيق الأخرى المنشئة لوكالاتها المتخصصة، والمراجعة الجذريّة الشاملةلميثاق الجامعة، وتجديد إطارها الفكري، وتطوير أجهزتها وآلياتها، بجانب تطوير العمل الاقتصادي العربي، وإدخال البعد الشعبي في العمل العربي المشترك؛ حتى يصبح المواطن العربي شريكًا أصيلا في صنع القرار، وتحديد مصير الأمّة العربية.

ويتطلب إصلاح الجامعة إجراء عدد من الإصلاحات الداخلية في الدول الأعضاء، تبدأ بترسيخ قيم الديمقراطية، وتنحية الإنقسامات والتناحرات جانبًا، والتعامل مع الأخطار المحدقة بعالمنا العربي وفق رؤية تضمن استقرار الإنسان العربي وازدهار مستقبله، فضلا عن إبراز أهميّة الحوار السياسي، واتخاذ مبدأ السلم سبيلا لتسوية الأزمات العربية، ومواجهة التحديات الكبرى التي يواجهها الأمن القومي العربي.

ويبقى القول إنّ التفعيل والإصلاح لن يتحقق ما لم تتوافر الإرادة السياسيّة والنوايا الصادقة لدى الدول الأعضاء بمنح الجامعة العربية سلطات أوسع؛ ليس بالضرورة أن تتعارض مع مبدأ سيادة الدول وخصوصيّاتها، وتمكينها من تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، والمتمثلة في تحقيق وحدة عربية شاملة؛ تطال مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية.. لاسيما أنّ الأمة العربيّة تمتلك في داخلها مقوّمات الوحدة والتآلف، والمرتكزة على أرضيّة القواسم المشتركة من هويّة واحدة ولسان عربي مبين، ومعتقد تدين به الأغلبيّة.

 

تعليق عبر الفيس بوك