مناقشة الاستقرار المالي والنمو والسياسات النقدية في دورة "الاقتصاد الكلي".. وتأكيد أهميّة التنويع الاقتصادي لمواجهة الأزمات

مسقط- الرؤية

انطلقت أمس الدورة التدريبيّة التي ينظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع البنك المركزي العماني وصندوق النقد الدولي حول "إدارة الاقتصاد الكلي وقضايا القطاع المالي".

وأكّد علي بن حمدان الرئيسي نائب رئيس الإشرافالمصرفي والرقابة بالبنك المركزي العماني- بالكلمة التي ألقاها في حفل افتتاح الدورة- أنّ الاقتصادات العربية تقف اليوم من جديد أمام منعطف حرج في مسيرتها التنموية نحو الرخاء والديمومة؛ حيث تتباطأ قدرة هذه الاقتصادات على النمو وخلق فرص العمل وتحسين مستويات معيشة مواطنيها. وقال إنّ هذه الدول تشهد تراجعًا في إمكانيّة استفادتها من موجة الاندماج والتداخل الاقتصادي الذي يشهده العالم في العقود الأخيرة، مشيرا إلى أنّه منذ صيف العام الماضي 2014 اتخذت أسعار المواد الخام في الأسواق العالمية ومن بينها النفط مسلكا نزوليا من شأنه أن يضاعف الأعباء التي تثقل كاهل شعوب المنطقة. وتابع الرئيسي: "ومع ذلك كله فإننا نمتلك شجاعة في أن ننظر لهذه التحديات على أنّها فرص منشأنها أن تدفع المنطقة نحو العمل الدؤوب من أجل تحقيق هيكلة اقتصادية شاملة، يتم من خلالها إعادة ترتيب الأولويات وتوظيف كل الطاقات في سبيل الوصول للغايات المأمولة. وأوضح أنّدورة إدارة الاقتصاد الكلي وقضايا القطاع المالي، التي ينظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع البنك المركزي العماني وصندوق النقد الدولي، تأتي والاقتصادات العربية بشكل عام- والمصدرة للنفط بشكل خاص- تمر بمرحلة تستدعي اتخاذ سياسات اقتصادية أكثر فعالية وحزمًا، من أجل مواصلة الجهود الهادفة لتحقيق التنمية والتنويع الاقتصادي بالتزامن مع الحفاظ على الاستقرار المالي والقدرة على الوصول إلى مصادر التمويل المحليّة والخارجية بأقل تكلفة ممكنة. وزاد أنّه نظرًا للأهميّة الكبيرة للاستقرار المالي، فإنّهذه الدورة تركّز علىكيفية تداخل قضايا القطاع المالي مع إدارة الاقتصاد الكلي، حيث سيتم تغطية عدة مواضيع رئيسية في الاقتصاد الكلي مثل الاستقرار والنمو، وقابلية الدين الخارجي للاستمرار، والسياسة المالية،وأطر السياسة النقدية، واختيار نظام سعر الصرف، والتدفقات الرأسمالية الدولية.

وتابع أنّ الدورة ستتناول قضايا القطاع المالي الأخرى مثل تطور هيكل وظائف الأسواق المالية،وسياسات القطاع المالي، والعلاقة بين الهشاشة المالية والاستقرار الاقتصادي الكلي، وكيفية التعامل مع الأزمات الماليّة وقضايا أخرى ذات صلة بالتطورات في النظام المالي العالمي.

واختتم علي بن حمدان الرئيسي نائب رئيس الإشراف المصرفي والرقابة بالبنك المركزي العماني كلمته بالقول إنّالعنصر البشري المؤهل الذي يتمتع بالمعرفة والقدرة على التواصل المثمر مع مختلف الجهات التي تتولى إدارة الاقتصاد، يمثل أحد الدعائم الرئيسية لتحقيق الأهداف المرجوة للسياسات الاقتصادية، وفي هذا الصدد يتوقع من هذه الدورة أن تساهم في تطوير معارف المشاركين فيها، والإضافة إلى خبراتهم، واطلاعهم على آخر المستجدات في مجال عملهم من أجل تحسين الأداء والارتقاء بالعمل، مقدرا التعاون المثمر مع صندوق النقد العربي ومركز الاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط.

الوساطة الماليّة

فيما ألقى الدكتور إبراهيم الكراسنة رئيس قسم البرامج التدريبيّة في معهد السياسات الاقتصاديّة بصندوق النقد العربي كلمة نيابة عن معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة الصندوق، قال فيها إنّ القطاع المالي يحتل أهميّة كبرى في اقتصادات الدول؛ حيث تتبلور أهمية القطاع في الدور الذي يؤديه في عملية النمو الاقتصادي، من خلال الوساطة المالية الكفوءة التي توفر التمويل للاستثمار وترفع من أدائه، مشيرًا إلى أنّ الوظائف المتعددة للقطاع المالي التي تتجسد- على سبيل المثال لا الحصر- في تجميع المدخرات وتقييم أفضل للاستثمار وإدارة المخاطر وتسعيرها،وتخفيض تكلفة التعاملات، وإجراء عمليات المقاصة وتسوية المدفوعات،والآلية لانتقال آثار السياسة النقدية،موضحا أنّ كل هذه الوظائف لا بد أن تعود بالنفع على الاقتصاد ووتيرة نموه.

وأشار الكراسنة إلى أنّه وعلى الرغم من هذه الأهميّة التي يحتلها القطاع المالي في النمو الاقتصادي،إلاأنّ عدم قدرة القطاع للقيام بوظائفه بالشكل المطلوب أثناء الأزمات ستؤثر على كفاءة الاقتصاد ونموه، كما حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2008.وتابع أنّ تداعيات هذه الأزمة أظهرت الحاجة الملحة- أكثر من أي وقت مضى- إلى ضرورة إيلاء قضية الرقابة على النظام المالي الأهمية اللازمة، وذلك من أجل تجنب الوقوع في مثل هذه الأزمة مستقبلا أو على الأقل التقليل من حدتها إذا وقعت.

الاقتصاد الكلي

وبدأت الدورة مواضيعها بتحديد أهداف وسياسات استقرار الاقتصاد الكلي وعلاقتها بالأسواق المالية، ثم تناولت بالتفصيل أثر السياسات الاقتصادية المتمثلة بالسياسة النقدية وسياسة سعر الصرف ومدى استمرارية أوضاع المالية العامة ووضع الدين الخارجي على الاقتصاد الكلي وعمل وأداء القطاع المالي، بعدها ستتناول الدورة قضايا تدفقات رأس المال وآثاره على النمو والإنتاجية ومحددات هذه التدفقات بين البلدان.

ومن المقرر أن تستعرض الدورة أيضًا موضوع سياسات الاحتراز الكليّة وعلاقتها بالاستقرار الماليوكذلك كيفية إجراء اختبار التحمل لمعرفة مدى قدرة النظام المالي لمواجهة الصدمات بالإضافة إلى موضوع تحليل الأزمات المالية وكيفية تلافيها واسترداد العافية الاقتصادية بعد حصولها.

يشار إلى أنّ هذه الدورة ثرية بالمفاهيم والممارسات العمليّة وترتبط ارتباطًا وثيقًا بعمل الصندوق ونشاطه في مجال الإقراض للدول الأعضاء التي تعنى بتنفيذ برامج لاستقرار الاقتصاد وتصحيحه سواء كانت موجهة للاقتصاد الكلي أو القطاع المالي، وسيقدم المحاضرات فريق من خبراء مركز الاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط التابع لصندوق النقد الدولي ومعهد السياسات الاقتصادية بصندوق النقد العربي،ويشارك في الدورة 39 مشاركًا من 15 دولة عربية.

 

تعليق عبر الفيس بوك