لن أكون على عِصمة قط

ابتهاج المسكرية

سمعت أنّ قط زميلتي فارق الحياة، وأنّها مشرعة أبواب منزلها لاستقبال النائحات والمعزين، وأنّها دخلت في إضراب شامل عن الطعام والشراب،إذ كيف تستطعم المأكل والمشرب وأغلى ما امتلكته يقبع جثة هامدةتحت الثرى؟

نحن الإناث ترهقنا فاتورة الوفاء هذه حتى وإن كان الوفاء لمحض قطعة حديد أو جماد ما، فكيف بكائن محشو بالروح؟ ولأن ما جزاء الإحسان إلا الإحسان ترفضهذه الزميلة مغادرة بيتها قبل انقضاء أيام عدة هذا القط.

لطالما اعتبرت هذا الكائن الأليف والشرس معًا مثيرًا للجدل والاستفزاز؛ فما إنتقترب قطة منيولو على بعد عشرة أمتار من جسدي حتى أظن أنّ عزرائيل شخصيًا يتربّص بي؛ الأمر لا علاقة له البتة بثقافة بربريةتعتبر أنّ القطط وجه آخر للشياطين والجن، وأنّها الشؤم متمثلا في حيوان، حيث عثر في ملعب الراسينج على رفات سبع قطط، وتمّ التخلص منها،فإذا بالفريق يفوز ويجني اللقببعد طول إلفة مع الخسارة!! لذا أعتقد أنّ منتخبنا الأحمر الكبيريلعب على مقابر قطط، فانبشوا ملاعبكم أو غيّروها ولتشهد كرة القدم أنّي بلغت.

ولا ننجو حتى مع القطط من عنصرية الألوان، تلك التي تنافسنا بعد أن تصالحنا بإنفة مع الديكة والكلاب والأحصنة في الولوج إلى حلبة الجمال بشعورها الانسيابية وعيونها الملوّنة وغنج مشيتها وبحة موائها، وبلا أدنى ريب ستسعد جمعيّات القطط المشردة -وما أكثرها- وربما لفرط السعد ستقف وقفة رجل واحد تحت تمثال أبي الهول مصوتةً "المجد لتوت عنخ أمون" وذلك لأنّ الفراعنة اتخذوا من "باستيك" - وهي امرأة لها رأس هر- إلهة للإخصاب؛ فللقط قداسة تفوق قداسة الإنسان الذي تجد العصا ملاذها في ظهره بينما التعامل بقسوة مع قط قد يفضي بكإلى الدرك الأسفل من القبر.

ما زلت أجهل سر ارتواء النساء بالقطط؛ هل لليتم العاطفي علاقة؟ تلك الهوة السحيقة التي عجز الحب عن ردمها فتطوّعت القطط لسد أنفاقنا وترميم قنوات شوارعنا حتى نبدو بمظهر متحضر؟ أم أنّ السر يخفي تحت معطفهأسبابا بيروقراطيةبحتة؟أي اتق شر من بيده هلاكك وقبّل ذلك الوجه الذي لطالما وددت صفعه.. أم للنساء دماء فرعونية تميل لتمجيد القطط؟

صدقا أجهل كل هذه الأسباب التي تخدشني بمخالبها الحادة كلما أوغلت فيالتفكير، لكن ما أنا على يقين منه أنّي أرفض أن أكون تحت عِصمة قط.

e.k.a-00@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك