غرق الضمير الإنساني

يواصل الضمير الإنساني الغرق في مستنقع اللامبالاة وعدم الشعور بمعاناة الآخر، مع كل قارب يغرق بركابه من المهاجرين- عربًا وأفارقة- قبالة السواحل الأوربيّة.

فصمت العالم اليوم على مأساة إنسانية كبرىيتمادى مع استمرار وفاة آلاف الأرواح،الحالمة بعالم جديديقبع وراء أمواج البحر المتوسط المتلاطمة.. لا يقف خلفهوحش البطالة وضنك الحال وغيابالعيش الكريم..

ولا تزال النظرة الأوروبية قاصرة في التعامل بإيجابية مع المعضلة التي باتت كارثة إنسانية جديدة.. نعم هذه الأرض الأوربيّة ليست مثل بلادهم لكن ما كان لهم أن يتركوا منبت جذورهم لولا إحساسهم بعدم الأمان.. وما كان لهم مفارقة أوطانهم ومراتع صباهم لولا تنامي معدلات الفقر والبطالة التي يعاني منها كثير من الشباب العربي لا سيما الذين يحملون مؤهلات جامعيّة..

وما يزيد الطين بلة.. تلك العصابات التي تتاجر بهؤلاء المهاجرين، فهي لا تكتفي بأخذ ما تبقى لهم من مال ومتاع، بل تحتجزهم لحين دفع فدية باهظة، وأحيانًا تستولي على جوازات سفرهم لبيعهالمهاجرين آخرين..فتلك تجارة رابحة ورائجة.

إنّ الحل ليس رهنًابيد أوروبا وحدها، وإن كانت مطالبةبتغيير طريقة نظرتها إلى المشكلة، التي أضحت- علاوة على أنّها اقتصادية وسياسية- مشكلة سايكولوجية يحلم فيها المهاجر بعالم خلافًا لعالمه الذي فرّ منه، ويقع على عاتق حكوماتنا العربية دور كبير وهي أن تعي أنّحياة الإنسان وكرامته هما أغلى مايملك، وأنّ لكلإنسان الحق في العيش الكريم الآمن، وأن تشرع في إنشاء المشاريع الاقتصادية التنموية التي تساعد على توظيف هؤلاء الشباب، وتكبح جماح خط الفقر وتصب في صالح المواطن العربي وحكومته، وأن تعي تمامًا أنّ من بين هؤلاء المهاجرين عقولا فذة وأيدٍ ماهرة قادرة على رفد البلدان العربية بسبل النماء والتطور.. هذا بجانب نزع فتيل الحرب والتوتر عن المنطقة بوصفها السبب الأساسي لمعظم معاناة الشعوب، وأن تنتهج السبل الكفيلةبالقضاء على غول الفساد الإداري والمالي الذي يفترس مقدرات الشعوب ويهدر خيراتها ومواردها..

وإن لم تفعل ذلك فلايلام هؤلاء الشباب وفي هذه الحالة يصبح سيرهم في الأرضوهجرتهممبررة.

تعليق عبر الفيس بوك