شباب: الالتزامات المادية وضغوط الأسرة وراء قبول الخريجين بوظائف لا تناسب تخصصاتهم

◄ الصالحي: الخريجون يهدرون سنوات أنفقوها في دراسة التخصص بقبول وظائف عشوائية

◄ المقبالي: البعض يطمحون لمواصلة الدراسات العليا لضمان وظائف مرموقة

◄ الجهوري: تركيز الخريجين على الوظائف الحكومية والنفطية يهدر الكثير من الفرص

 

 

تتباين أحلامُ الشباب بعد التخرُّج باختلاف أولوياتهم ومجالات اهتمامتهم الحياتية، بين من يتمسَّكون بمواصلة الدراسات العليا لتحقيق درجة علمية أعلى، ومن يُقبلون على البحث عن وظيفة تناسب تخصصاتهم، فضلا عمَّن تضطرهم الضغوط المالية وتدخلات أفراد الأسرة للقبول بأي وظيفة حتى وإن كانت لا تتوافق مع مجالات تخصصاتهم الدراسية التي أنفقوا فيها أجمل سنوات شبابهم.

وقال عددٌ ممَّن استطلعتْ "الرُّؤية" آراءهم في هذا الشأن، إنَّ الدورَ الأكبرَ يقع على عاتق أقسام التوجيه والإرشاد الوظيفي بالجامعات والكليات؛ لتكثيف الحملات التوعوية للطلاب وأفراد أسرهم لإطلاعهم على طبيعة التغيرات الطارئة على مجالات التخصص في سوق العمل من وقت لآخر، وفقا للتغيُّرات التي يشهدها العالم على جميع المستويات.

 

الرُّؤية - عهود الهنائيَّة

 

 

وقالت الموظفة فاطمة الهاشميَّة: إنَّ الٲحلام التي تراود الشباب بعد التخرج تتركز في الحصول على وظيفة براتب مرتفع، إلى جانب أحلام السفر إلى أكثر من مكان، والاستمتاع بما لم يحصلوه خلال سنوات الدراسة.. مشيرة إلى أنَّ الوظائف التي ينتظرها الشباب غالبًا ما تأتي مخالفة لمجالات تخصُّصاتهم الدراسية، في ظل استمرار إلحاح الٲقارب للحصول على وظيفة في مجال معين بدعوى ارتفاع الراتب أو ضمان الاستقرار الوظيفي، أو في ظل قلة الشواغر المتاحة في ذلك المجال.

وقال الخريج عمَّار بن ياسر حمود الحوسني: إنَّ من أهم الأحلام التي تراود الشباب بعد التخرُّج العثور على وظيفة مرموقة ذات دخل مناسب تمكِّنه من الوفاء بالالتزامات الخاصه والأسرية، على أن تكون ذات بيئة عملية مناسبة، إضافة إلى الفوز بفترة مناسبة من الراحة والترفيه بعد سنوات من ضغوط الدراسة وقبل الدخول في التزامات مهنية دائمة.

 

التأثر بضغوط الأسرة

وحَوْل توجُّه بعض الشباب للعمل خارج نطاق التخصص الدراسي، قال الحوسني: إنَّ الشغفَ والهواية تدفعان البعض لعدم التمسُّك بالتخصص الدراسي التقليدي، كما أنَّ البعض يقبل بذلك مُضطرا في ظلِّ قلة المعروض من وظائف في مجال التخصص الدراسي، خصوصا وأنَّ الشاب في تلك المرحلة يكون في أحوج حالاته ليبدأ مشواره المهني ليثبت نفسه ولو بوظيفة لا ترتبط بتخصصه. وغالبا ما يفكر الشباب بالوظيفة دون الاكتراث بمدى توافقها مع تخصُّصه بسبب الحاجة إلى شغل وقت الفراغ بعد التخرج.

وأشار الحوسني إلى احتمال تأثر الشاب بضغوط الأسرة للقبول بوظيفة لا تتوافق مع تخصصه الدراسي، كما هي الحال في تأثر الطلاب بآراء أفراد الأسرة والأقارب عند تحديد التخصص الدراسي من البداية، مُستغلين في ذلك قلة خبرة الشاب وعدم وعيه بمتطلبات الوظيفة المستقبلية والآثار المترتبة على العمل فى وظيفة لا يعلم عن تخصصها شيئا.

وقال عبدالباسط الصالحي -خريج جامعي وباحث عن عمل- حول الأحلام التي تراود الشباب بعد التخرج: تتباين الأحلام باختلاف توجهات الشباب واهتماماتهم الحياتية؛ حيث إنَّ بعضهم يدرس تخصصا معينا لاكتساب المعرفة والخبرة في مجال تخصصه، على أن يتوجَّه بعد التخرج للأعمال الحرة، وهؤلاء هم من يمتلكون رأس المال، والبعض الآخر يحلم بنيل وظيفة تناسب مؤهلاته العلميه وتضمن له مستقبلا ماديا مستقرا نسبيا.

وحول الأسباب التي تدفع بعض الشباب للعمل خارج نطاق التخصص الدراسي، قال الصالحي: قد تكون أبرز الأسباب عدم توافر الشاغر الوظيفي الذي يتناسب مع التخصص؛ مما يدفع الشاب للقبول بالعمل في أي وظيفة، والبعض الآخر يدرس تخصصا لا يتوافق مع رغباته، لكنه يقبل به تحت تأثير وإلحاح الأهل ورغبته في إرضائهم، وقد تكون الحوافز التي تتميَّز بها بعض الوظائف تدفع الباحث إلى القبول بعمل يهدر السنوات التي أنفقها في مجال دراسته.

 

قلة الوظائف المتاحة

وعلَّق الصالحي على من يبحثون عن الوظائف بشكل عشوائي لا يناسب تخصصات الدراسة، بقوله: إنَّ من بين الشباب من يتَّمنون الحصول على وظيفة تتناسب مع تخصصهم العلمي، وغالبا هم من أحبوا المجال العلمي، وأبدعوا فيه بجدارة فتجدهم حريصين كل الحرص على نيل الوظيفة المكملة لتخصصاتهم العلمية، وبعضهم من انتظر كثيراً ولم يحالفه الحظ بنيل شاغر وظيفي يتناسب مع مؤهلاته ولجأ إلى شواغر وظيفية مختلفة ولو مؤقتا. وفي الغالب، ترجع تلك الإشكالية إلى قلة الوظائف المطروحه في سوق العمل؛ فهناك الكثير من الخريجين والخريجات الذين يعانون من عدم وجود فرص عمل تناسبهم وأغلبهم يعملون في وظائف بسيطة بعيدة كلَّ البعد عن تخصصاتهم ومؤهلاتهم، وقد تجد البعض يعملون بأجرة يومية أو راتب بسيط لاستثمار وقت الفراغ وللتغلب على مرارة الانتظار.

ومن جهة أخرى، قال عيسى الجهوري -خريج وباحث عن عمل- إنَّ الحصول على عمل بوظيفة حكومية أهم ما يشغل فكر الشباب حتى بعد حصولهم على عمل بالقطاع الخاص، بغضِّ النظر عن نوع الوظيفة، وما إذا كانت تناسب التخصص أو لا. وأضاف الجهوري بأنَّ من الأسباب التي تدفع بعض الشباب للعمل خارج نطاق تخصصه قلة فرص العمل في سوق، فضلا عن حاجته الماسة إلى التمتع بمميزات الراتب والعلاوات والعطل والاجازات والتأمين الاجتماعي...وغيرها.

أمَّا عن تأثير تدخل الأقارب في اختيار التخصص، فقال الجهوري: لا أعتقد أن تدخل الأهل قد يكون سببا مؤثرا؛ لأنَّ الطالب الذي يُواصل تخصصًا في دراساته العليا لفتره قد تمتد إلى خمس سنوات يكون قد ارتبط نفسيا بتخصصه بما يقلل من تأثر ضغوط الأسرة في ذلك الشأن، لكن تبقى عوامل الشواغر المتاحة وأفضلية الراتب الأكثر تأثيرا.

 

مواصلة الدراسات العليا

وقال مصطفى المقبالي -خريج جامعي- إنَّه من البديهي أن تكون أول أحلام الخريجين الحصول على فرصة عمل تسعدهم وتسعد أهلهم، لكنَّ التباين يرجع إلى أن بعض الخريجين قد يطمحون إلى مواصلة مسيرة تعليمهم لدرجة علمية أعلى فيما يسعى آخرون لأن يكونوا رواد أعمال لا موظفين.

وأضاف المقبالي بأن من يقبلون العمل خارج نطاق التخصص مُضطرون لذلك في ظل قلة فرص العمل في بعض التخصصات، وأعرف أحد الخريجين تخصصه تقنية معلومات، وأرسل في دورة خارجية من جهة عمله ليكون مصمًّما رقميًّا، وبالفعل أصبح رئيس قسم التصميم في جهة عمله. أما عن تجربتي الشخصية، فأنا أرفض العمل خارج تخصصي حتى لا أهدر خمس سنوات من الدراسة في مجال التخصص، لكن لو أتيحت لي فرصة عمل مُؤقتة تُكسبني خبرات جديدة فلا مانع من ذلك. وأشار المقبالي إلى أن طبيعة السوق العمل ورواج التخصصات الدراسية فيه، يتغير بحسب المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية حول العالم وليس في السطنة وحدها. وهنا يأتي الدور على قسم التوجيه والإرشاد الوظيفي بالجامعات والكليات لتكثيف الحملات التوعوية للطلاب وتوعيتهم بمتغيرات سوق العمل أولا بأول.

تعليق عبر الفيس بوك