حمودة: المشرع العماني استهدف الحماية الاجتماعية بنظام تأميني قائم على العدالة والتكافل
المسكري: مشروع القانون الجديد قد يرفع نسبة مساهمة الموظف إلى 8%
النوفلي: على الحكومة تنويع مصادر الدخل للوفاء بالالتزامات الإضافية لنظام التقاعد الموحد
المعولي: نظام التقاعد الحالي مصدر تخوف للكثيرين وسبب عدم الاستقرار الوظيفي بالقطاع الخاص
ثمن عدد من المختصين وخبراء القانون الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- لتطوير تشريعات الخدمة المدنية والتقاعد، حيث أمر جلالته بدراسة قانون الخدمة المدنية الحالي وغيره من القوانين الوظيفية المعمول بها في مختلف وحدات الجهاز المدني والوقوف على أوجه القصور فيها، خصوصًا في ظل تأكيد العديد من الدراسات المتخصصة على أن صناديق المعاشات التقاعدية في دول مجلس التعاون الخليجي لن تكون قادرة خلال السنوات الخمس والعشرين إلى الأربعين سنة المقبلة، على الوفاء بالتزاماتها ما لم تمض قدماً في إجراء تغييرات كبيرة في هيكلتها الحالية من أنظمة وإجراءات تقاعد وشروط تأهيل للمتقاعدين والمُشتركين، وأسس دفع الرواتب والاشتراك وكيفية احتساب الرواتب التقاعدية وفق معدلات ونسب إحصائية.
الرؤية - محمد قنات
وقال الدكتور صالح بن هاشل المسكري الكاتب والخبير القانوني إن العاملين في قطاع الخدمة المدنية ينتظرون قانون التقاعد الجديد الموحد بفارغ الصبر خاصة أولئك الذين يشعرون بعدم الرضا من قوانين التقاعد السارية من قبل وحداتهم الإدارية، فهي في تقديرهم تختلف عمّا تمنحه قوانين الصناديق الأخرى ذات الميزات الأفضل كقانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني الذي تخضع له حتى الآن عشر وحدات في الدولة منها بلديتا مسقط وصحار والهيئة العامة للصناعات الحرفية على سبيل المثال، وفي نوفمبر من العام 2013م أصدر جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- أوامره السامية بتوحيد جدول الدرجات والرواتب لموظفي القطاع المدني وتضمنت الأوامر السامية منافع التقاعد والتزامات المستفيدين تجاه صناديق التقاعد وفقاً لنظام التقاعد الخاص بموظفي ديوان البلاط السلطاني وتم تكليف وزارة المالية للقيام على وجه السرعة بإجراء دراسة اكتوارية للوقوف عن كثب على الأوضاع المالية لمختلف صناديق التقاعد ذات العلاقة بموظفي الجهاز المدني والتأكد من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه نظام التقاعد الموحد وما تحتاج إليه من موارد للوفاء بذلك.
وأوضح المسكرى أنّ جلالته أمر بتشكيل لجنة من مختلف الوزارات ذات الصلة بإعادة دراسة قانون الخدمة المدنية الحالي وغيره من القوانين الوظيفية المعمول بها في مختلف وحدات الجهاز المدني التي سيطبق عليها الجدول الموحد وذلك للوقوف على أوجه القصور فيها كما ثبت من التطبيق الواقعي لها وتوحيدها في قانون خدمة مدنية واحد ينطبق على جميع الوحدات التي ستطبق الجدول الموحد على أن تنهي أعمالها وتقدم قانونا جديدا في موعد لا يتجاوز شهر يوليو 2014م، وذلك بهدف تنظيم واجبات وحقوق العاملين في القطاع المدني بالدولة وضبط كل ما يتصل بتعييناتهم وترقياتهم وإجراءات أداء وظائفهم والتزاماتهم تجاه وظائفهم والبعد عن كل تصرف أو سلوك يخرج عن نطاق قانون الخدمة المدنية.
وأشار إلى أن القانون الجديد للأسف يحاط بسرية وتكتم شديد ولم يعرض على مجلس عمان حتى الآن وقد يفاجأ الناس بصدوره في أي وقت بعد أن فرغت وزارة الخدمة المدنية من إعداده، ورفعته إلى مجلس الوزراء بداية العام الجاري، باعتماد 80% من الراتب الأساسي مع 75% من علاوات السكن والماء والكهرباء، مع تعديل مكافأة نهاية الخدمة بميزات أفضل، ورفع مساهمة الموظف من 4% إلى 6%، ثم إلى 8% في القانون المقترح.
وأكد المسكري أنه عند صور نظام توحيد الدرجات والرواتب للقطاع المدني قدمت ملاحظات للتنبيه على أن هذا القرار يشكل عبئا على موازنة الدولة خاصة في ظل فشل الجهات المختصة طوال الـ 45 عاما من عمر النهضة من تقديم حلول حقيقية لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر أساسي وحيد وهو النفط الذي لا يؤمن جانبه وتعصف به رياح تغير الأسعار بين فترة وأخرى، وبالفعل انخفض سعر البترول هذا العام بأكثر من نص السعر عن العام الذي طبق فيه نظام التوحيد، ومن المرجح أن ينخفض أكثر بدخول جمهورية إيران للسوق العالمية للنفط من جديد بعد رفع العقوبات عنها. وألمح إلى أن تطبيق قانون موحد للتقاعد في القطاع المدني يحمل ميزات إضافية سيزيد العبء على الحكومة ويثقل كاهلها كثيراً لأنّ الحكومة لم تستغل الوفرة في السنوات الماضية ولم تدخر أو تستثمر أموالها في مشاريع ناجحة تدر عليها الأرباح لتتمكن من مواجهة الأزمات الاقتصادية في حال تراجع أسعار البترول، وبالتالي لا أعتقد أن الحكومة ستُقدم على مغامرة أخرى قريبة كتلك التي أقدمت عليها عند توحيد الدرجات والرواتب عام 2013م، وتعلن عن قانون موحد للتقاعد بميزات أفضل فهناك عشرات الآلاف من الموظفين ينتظرون صدور القانون الموحد وتطبيقه ليتقدموا بتقاعدهم وهو ما يتسبب في أزمة أخرى تتحملها الموازنة العامة للدولة، ويساعد على هروب الكفاءات وتخليها عن وظائفها من الحكومة، وأي خطوة كهذه ستؤثر كثيرا على الإنفاق العام، وستكون على حساب مشاريع التنمية المعتمدة التي تنفذها الحكومة حاليا، أو تلك المقررة في الخطة الخمسية القادمة التي سيبدأ تطبيقها ابتداءً من العام المقبل .
فلسفة التقاعد
ومن جانبه، قال دكتور فتحي حمودة إن هناك ارتباطا وثيقا لا يقبل التجزئة بين الضمان الاجتماعى، وهو نظام عام تكافلي تنشئه الدولة وبين نظم التقاعد المعمول بها، فالتقاعد هو عنصر من عناصر الضمان الاجتماعي ووسيلة هامة بل هي من أهم الوسائل لتحقيق الضمان الاجتماعي والضمان الاجتماعي هو نظام لضمان عيش الفرد في حده الأدنى المعقول، عن طريق تأمين العمل له، وحماية قدرته عليه وتعويضه في حالة انقطاعه عنه، ومن أهم الوسائل التي تحقق ذلك هي صناديق التقاعد.
وأضاف أن صندوق التقاعد يقوم على تمويل مشترك من اقتطاع جزء محدد من راتب الموظف في شبابه وأثناء عمله، ومبلغ آخر يدفعه رب العمل، وذلك لدفع راتب له بعد تقاعده عن العمل أو عدم قدرته عليه، ويُدفع هذا الراتب طوال حياة المتقاعد ويتحول بعد خصم نسبة منه إلى أرملته وأولاده بعد وفاته باختلاف في التفاصيل من دولة لأخرى حيث تعتبر صناديق التقاعد من الأدوات الاستثمارية الهامة التي تساهم في تنمية المجتمعات اقتصاديا من خلال المشاريع الاستثمارية، التي تقوم بها لتحقيق دخل يساهم في سد العجز بين مدخولات ومدفوعات هذه الصناديق وتساهم في نمو الاقتصاد، وتعتمد تشكيلة وهيكلة ونوعية صناديق التقاعد الحكومية وغير الحكومية، على حسب التشريعات والأنظمة والتعليمات الحكومية الخاصة بكل دولة.
تحديات النظام التقاعدي
وأشار حمودة إلى أنّ أبرز التحديات التي تواجه صناديق التقاعد العربية والخليجية بحسب دراسة أجرتها شركة BOZZ & co عام 2011، (وهي شركة متخصصة في الدراسات التقاعدية)، أن صناديق المعاشات التقاعدية في دول مجلس التعاون الخليجي لن تكون قادرة خلال السنوات الخمس والعشرين إلى الأربعين سنة المقبلة، على الوفاء بالتزاماتها ما لم تمض قدماً في إجراء تغييرات كبيرة في هيكلياتها الحالية من أنظمة وتعليمات وإجراءات تقاعد وشروط تأهيل للمتقاعدين والمُشتركين، وأسس دفع الرواتب وأسس الاشتراك والتقاعد وكيفية احتساب الرواتب التقاعدية وفق معدلات ونسب إحصائية واكتوارية. كما أن تقرير البنك الدولي عن نظام التقاعد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي صدر في عام 2005م، خلص إلى أن المعاشات التقاعدية الموعودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كبيرة وغير ممكن تحمّلها بالنظر إلى نسبة المساهمات في صناديق التقاعد، وأنظمة التقاعد غير قابلة للاستمرار من الناحية المالية، وذلك ليس بسبب تقدّم المزيد من السكان في السنّ في المستقبل، ولكن نتيجة سوء تصاميم تلك الأنظمة، إذ ليس هناك صلة بين مزايا المعاشات التقاعدية من جهة ونسبة مساهمات المشتركين بخطط التقاعد وسنّ التقاعد ومتوسط طول الحياة المتوّقع بعد التقاعد من جهة أخرى، كما أن أنظمة المعاشات التقاعدية في هذه المنطقة سيئة التصميم وتضرّ بالحوافز وتعيد توزيع الدخل توزيعًا عشوائيًا بين الأعضاء المشتركين فيها، وتتسم إدارة شؤون المعاشات التقاعدية بالتجزئة، وتضم غالبًا خطة أو أكثر لفئات العاملين المختلفة ومازال الكثير من العاملين غير مشمولين في خطة معاشات تقاعدية رسمية، حيث يّتسم نظام وعملية إدارة وتطبيق خطط المعاشات التقاعدي بالضعف بشكل عام، وعلى وجه الخصوص، لا تتم إدارة احتياطيات المعاشات التقاعدية بما يخدم مصالح المشتركين في تلك الخطط على أفضل وجه واستدرك أنه إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة الآن، سيتواصل ارتفاع الإنفاق على المعاشات التقاعدية، وفي نقطة ما في المستقبل، سيتعيّن على الأجيال القادمة مواجهة إما تخفيضات شديدة في المنافع، أو زيادة في الضرائب، أو تخفيض على مستوى بنود أخرى غير تقاعدية كالتعليم أو الرعاية الصحية.
آليات الإصلاح
ونبّه حمودة إلى أنّ من أهم الأساليب الواجب اتباعها عربيا ودوليا من أجل إصلاح وإنقاذ أنظمة التقاعد الحكومية كما تراها معظم الهيئات المتخصصة تتمثل في اندماج جميع الصناديق التقاعدية في صندوق تقاعدي واحد للحد من استنزاف مواردها وتخفيض كلف تشغيلها وإدارة مُثلى للمخاطر، وتعديل ودراسة أسس اكتساب الرواتب التقاعدية وكيفية التأهيل لها والحصول عليها والتي من خلالها يمكن أن تؤدي الى رفع سن التقاعد إلى 65 سنة بدلاً من 55 أو 60 سنة ووضع حد أدنى وحد أعلى للرواتب التقاعدية وحل مشكلة التقاعد المبكر وعدم جواز الجمع ما بين أكثر من راتب تقاعدي إلى جانب زيادة الوعي التقاعدي لدى المشتركين وغير المشتركين.
وأوضح حمودة أن السلطنة عمدت إلى تطبيق نظام التقاعد منذ عام 1991، حيث صدر قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (72/91) وتعديلاته والتي قد سرت اعتباراً من 1/7/1992م وبعد صدور قانون التأمينات الاجتماعية الموحد، قلت الهوة بين القطاعين الحكومي والخاص في مجال التأمين الاجتماعي وشروط التقاعد والتقاعد المبكر، فأصبحت القواعد الجوهرية في مجملها واحدة في القطاعين ولقد نص القانون في إحدى مواده على إنشاء "الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية" تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي وتكون مهمتها تطبيق أحكام هذا القانون. جاء هذا القانون لتوفير الحماية الاجتماعية للمؤمن عليهم وبالتالي توفير الاستقرار النفسي والاجتماعي له ولمن يعول من بعده. وضمان حماية اجتماعية للفرد والأسرة والمجتمع في ظل نظام تأميني قائم على مبادئ العدالة والتكافل الاجتماعي، ويتسم بالشمولية والديمومة، وتتلخص رسالته في تقديم خدمات التأمين الاجتماعي، وتعزيز الشراكة بين الأطراف ذات العلاقة بما يحقق سهولة ومرونة وجودة وملاءمة هذه الخدمات لطبيعة واحتياجات المستفيدين منها، ورفع مستوى الوعي التأمينية بالمجتمع، كل ذلك من خلال أداء مؤسسي عالي الكفاءة والفاعلية مواكب للتطورات الاجتماعية والاقتصادية والتقنية في المجتمع.
وزاد في سلطنة عمان توجد ثمان صناديق تقاعد حكومية، تغطي العاملين في القطاع الحكومي والعسكري، والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية تمثل الصندوق التقاعدي التاسع وتقوم بتغطية بعض العاملين في القطاع الخاص ممن تنطبق عليهم لشروط التغطية ولقد جاء التعديل الأخير لقانون التأمينات الاجتماعية والصادر بالمرسوم السلطاني رقم (61\2013) بإجراء تعديلات في قانون التأمينات الاجتماعية بزيادة المعاشات المستحقة وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية، (وهي التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة لسبب غير مهني، والتأمين ضد إصابات العمل والأمراض المهنية)، بنسبة 5%، ومع ذلك فقد وضع القانون حداً أدنى للمعاش في كل الأحوال بحيث لا يقل عن 202.5 ريال عماني شهريا، مما يعد تحولا كبيرا في نظام الاستحقاق التأميني في السلطنة.
تباين أنظمة التقاعد
وقال المستشار جمال مبارك النوفلي إنّ لكل نظام أسس للتقاعد فهناك موظفي الخدمة المدنية وموظفي القطاع الخاص والعسكريين وهناك أيضًا موظفي الديوان ومن في حكمهم، ولكل مجموعة أسباب مختلفة تدفعها إلى التقاعد، فموظفو الحكومة على سبيل المثال من أهم أسباب توجههم إلى التقاعد المبكر رغبتهم في الاستفادة من راتب التقاعد الجيد نوعاً ما، أو التوجه إلى صرف بقية حياتهم العملية في العمل كموظفين أصحاب خبرة في القطاع الخاص، أو توجه وتفرغ بعضهم لأعمالهم الخاصة. أما موظفي الديوان ومن في حكمهم فعادة يرغبون في التقاعد المبكر من أجل الراحة والرفاهية فراتب التقاعد بالنسبة لهم لا يقل كثيرا عن راتب الموظف غير المتقاعد، لذا هناك مجموعة كبيرة من موظفي مؤسسات الديوان والقطاع العسكري متقاعدون وهم ما زالوا في سن مبكرة من حياتهم، على عكس موظفي القطاع الخاص، ففارق راتب المتقاعد عن راتب العامل يجعل العامل يتمسك بوظيفته وعمله حتى أطول فترة ممكنة، أو حتى يرغم على التقاعد، وفي حالتي القطاع العام أو الخاص تبقى الإمكانيات المادية للموظف وبيئة العمل عاملا أساسيا.
وأشار النوفلي إلى صدور أوامر سامية في عام 2013 بتوحيد منافع التقاعد والتزامات المستفيدين تجاه صناديق التقاعد وفقًا لنظام التقاعد الخاص بموظفي ديوان البلاط السلطاني، وما زالت حتى الآن قيد الدراسة والإعداد ولم تنفذ، وفي حال نفذت تلك الأوامر فإن هناك مجموعة كبيرة من موظفي الخدمة المدنية سيتجهون للتقاعد المبكر .
وشدد على ضرورة أن تعيد الحكومة تقييم مساهمتها في فرع التأمين والشيخوخة والعجز والوفاة بعد مضي خمس سنوات من العمل بهذا التعديل، ومن شأن التعديل مواكبة التضخم في الأسعار، وملاحقة زيادة النفقات ونقص القوة الشرائية للنقود، بما ينعكس إيجابًا على الرواتب التقاعدية، ومناسبتها للتغيرات والطوارئ الاقتصادية، لأن زيادة نسبة مشاركة الحكومة، ستؤدى حتماً إلى زيادة المعاشات بشكل مطرد، لافتًا إلى أن مثل هذه التعديلات ستؤدي إلى تحميل الميزانية العامة للدولة بالتزامات زائدة، مما يلقي بأعباء على الحكومة، لذلك لابد من إيجاد مصادر مختلفة وغير تقليدية لمواجهة وتمويل هذه الالتزامات التي ألقاها عليها القانون، بل ربما يجب أحيانا إعادة النظر في نسبة المشاركات التأمينية للموظفين الحاليين.
مصادر التخوف
وقال الدكتور محمد بن حمد المعولي إن صناديق التقاعد في السلطنة تتعدد فيها نسب الاستقطاع والمساهمة الحكومية إضافة إلى آلية صرف راتب التقاعد ومكافآت ما بعد الخدمة، حيث إن نظام التقاعد ومكافأة ما بعد الخدمة المعمول به في القطاعين العام والخاص مختلفان كليا عن بعضهما بل إنه في القطاع الخاص نفسه هناك تباين بين بعض صناديق التقاعد مثل صندوق التقاعد التابع لشركة تنمية نفط عمان وغيرها من الشركات شبه الحكومية وغير الحكومية، لذلك يعتبر نظام التقاعد المعمول به في مجمل القطاع الخاص والذي تديره وتشرف عليه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية مصدر تخوف لما بعد سن التقاعد كما يعد اﻵن المسبب الرئيس لعدم الاستقرار الوظيفي بالقطاع الخاص ونزوح كثير من العاملين به إلى القطاع العام لما فيه من مميزات ومنافع أكثر إيجابية عند بلوغ سن التقاعد أو الحالات الخاصة التي تستوجب خروج الموظف (العامل) إلى التقاعد للأسباب التي تقرها اﻷنظمة والخاصة بكل حالة كالوفاة والعجز وغيرها.
وأوضح المعولي أن قانون التأمينات الاجتماعية المعمول به في احتساب تقاعد موظفي القطاع الخاص يلاحظ أنه أقل اﻷنظمة منفعة لمنتسبيه مقارنة بالصناديق التقاعدية اﻷخرى في السلطنة كصندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية وصندوق تقاعد موظفي ديوان البلاط السلطاني وشركة تنمية نفط عمان والصناديق الخاصة بالعسكريين بالرغم من إجراء بعض التعديلات عليه قبل عام أو أكثر إلا أنه يعد الأضعف بين الصناديق التقاعدية التي أشرنا إليها أعلاه. وبناء عليه فإنّ موظفي القطاع الخاص يتطلعون إلى مراجعة شاملة لقانون التأمينات الاجتماعية ليس فقط عند احتساب راتب التقاعد عند بلوغ السن القانوني للتقاعد وهو سن 60 سنة بل يشمل مراجعة احتساب رواتب العجز وعدم اللياقة الصحية وما بعد الوفاة والحالات المشابهة ليتساوى موظف القطاع الخاص مع نظيره موظف القطاع الحكومي. وهو ما لن يتأتى إلا بدراسة الأوضاع الاقتصادية والديموغرافية وما يطرأ عليها من متغيرات تؤثر بشكل مباشر على الحياة الاجتماعية للفرد ويمكن للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية تحقيق هذا التوازن من خلال عدة حلول منها رفع نسبة مساهمة الموظف فضلاً عن نسبة مساهمة القطاع أو المؤسسات الخاصة إضافة إلى دراسة الاستثمار اﻷمثل ﻷموال صندوق التقاعد وإيجاد مورد جيد يحقق لهذا الصندوق استمراريته.