"QNB": خفض الصين لليوان يحفز دولا أخرى على تقليل قيمة عملاتها.. وقوة الدولار تضر الاقتصاد الأمريكي

الرؤية- خاص

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إن تخفيض الصين لقيمة عملتها اليوان لا يعني فقط أنها قد انضمت الآن إلى سباق العملات العالمية نحو القاع، بل يعني أيضا أنها تحث الدول الأخرى على أن تحذو حذوها.

واوضح التقرير أن هذا يعني أنه باستثناء الجنيه الاسترليني، فإنّ الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية الوحيدة تقريباً التي ترتفع قيمتها حالياً، مضيفا أن قوة الدولار الأمريكي قد تضر بالصادرات الأمريكية، وبالتالي فإنها قد تؤثر سلبياً على نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، كما فعلت على نحو مؤلم في الربع الأول من هذا العام. وتابع التقرير أنه بالتضافر مع الانخفاض في أسعار السلع الأساسية التي يتوقع لها أن تستمر حتى عام 2016، يمكن لقوة الدولار الأمريكي أن تؤدي أيضاً إلى خفض معدل التضخم في الولايات المتحدة من مستوياته المنخفضة حاليا. وبينما لازال المتعاملون في السوق يتوقعون قيام الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي برفع أسعار الفائدة لمرة واحدة على الأقل خلال هذا العام، فإن انخفاض معدلات النمو وتباطؤ معدل التضخم بسبب قوة الدولار قد يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لإعادة النظر في موقفه.

وذكر التقرير أنه تقارير سابقة- قبل أشهر- ناقش احتمال تأثر الاقتصاد العالمي خلال عام 2015 بعاملين رئيسيين؛ وهما التراجع الحاد في أسعار السلع- النفط على وجه الخصوص- والتحركات الكبيرة في سوق أسعار الصرف. وبينما يؤدي انخفاض أسعار السلع إلى تحويل الدخل من البلدان المصدرة للسلع إلى تلك المستوردة لها، تؤدي حركة أسعار الصرف إلى نقل النمو من البلدان التي تشهد قيمة عملاتها ارتفاعاً نحو تلك التي تتجه قيمة عملاتها نحو الانخفاض. وبالتالي، فإن لهذين العاملين أهمية بالغة في التأثير على توزيع الدخل والنمو وفي تحديد الرابحين والخاسرين في الاقتصاد العالمي. لذلك، فإن النظر إلى الاقتصاد العالمي من هذه الزاوية يفيد كثيراً في تحليل قرار الصين الأخير القاضي بخفض قيمة عملتها والتداعيات العالمية المترتبة على هذا القرار.

وقد ارتفعت قيمة "الرينمينبي" مقابل أغلب العملات العالمية خلال الأشهر القليلة الماضية، نظرا إلى ارتباطه نوع ما بالدولار الأمريكي. وألحق هذا الارتفاع ضرراً بالصادرات الصينية، مما وضع الصين في صف الخاسرين جراء التحركات الكبيرة في أسعار الصرف في العالم. وهو ما دفع السلطات الصينية لفك ارتباط الرينمينبي بالدولار الأمريكي. ومن المنتظر ألا ينحصر تأثير هذا القرار في الصين فقط بل سيتعداها على الأرجح ليشمل الاقتصاد العالمي ككل، خصوصاً عبر أسعار السلع وحركة العملات.

وتراجعت أسعار السلع بعيد خفض الصين لقيمة عملتها. وانخفضت أسعار النفط بنسبة 6% منذ 11 أغسطس الجاري، بينما انخفض سعر النحاس بنسبة 5% خلال نفس الفترة. كما تراجع مؤشر تومسون رويترز/ مكتب أبحاث السلع "سي آر بي"- وهو مقياس واسع يشمل السلع الزراعية والمعادن الثمينة والمعادن الصناعية والطاقة- بنسبة 4% منذ خفض قيمة الرينمينبي. وفسر المستثمرون قرار الخفض هذا بكونه إشارة ضعف في الاقتصاد الصيني.

وبالنظر إلى تأثير النشاط الصناعي الصيني على أسعار السلع خلال السنوات الأخيرة، فإن هذا التراجع ليس مفاجئاً. ولكن في حال نجح خفض قيمة الرينمينبي في تحفيز الصادرات الصينية وبالتالي النمو، فقد يؤدي ذلك إلى رفع أسعار السلع مستقبلا. لذلك، فإن التراجع في أسعار السلع الناجم عن خفض الصين لقيمة عملتها قد لا يستمر إلا لفترة قصيرة فقط.

وبطبيعة الحال، يمكن أن تنخفض أسعار السلع. بل قد إن أسعار النفط يُرجح أن تظل منخفضة حتى عام 2016. لكن هذا الانخفاض يمكن أن يحدث لأسباب غير مرتبطة بتخفيض قيمة العملة الصينية.

وأدى خفض قيمة العملة الصينية إلى حدوث تراجع في قيمة مجموعة من العملات، تشمل عملات بلدان غنية بالسلع الأساسية مثل أستراليا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، وعملات بلدان آسيوية مجاورة للصين، ولديها تعاملات تجارية ضخمة معها، مثل: تايوان وتايلاند وكوريا الجنوبية. ويمكن لهذه المجموعة الأخيرة من البلدان أن تلجأ لتدابير لإضعاف قيمة عملاتها أكثر للحفاظ على القدرة التنافسية لصادراتها. ووسعت فيتنام بالفعل نطاق تداول عملتها، وأتبعت ذلك بخفض لقيمة العملة نسبته 1,0% بعد أسبوع. وقد تقوم الدول الآسيوية الأخرى، لا سيما تلك التي بها معدلات تضخم منخفضة ونمو اقتصادي متعثر، مثل الفلبين وتايوان، بتخفيض أسعار الفائدة، مما قد يؤدي إلى تراجع قيمة عملات تلك الدول.

تعليق عبر الفيس بوك