الملحق الثقافي: سفارة السلطنة بماليزيا و"التعليم العالي" تتابعان الطلاب ميدانيا ونسعى لتذليل كل المعوّقات

- طلاب: الملحقية ساعدتنا على فهم المجتمع الجديد وخففت عنا مرارة الغربة

- الدراسة الجامعيّة تتطلب الاعتماد على النفس والبحث عن المعلومة

أوضح الدكتور خميس بن صالح البلوشي، الملحق الثقافي في سفارة السلطنة بماليزيا أن عدد الطلبة العمانيين الدارسين في ماليزيا حتى هذا العام قد بلغ 503 طالبًا وطالبة، منهم 265 طالبًا وطالبة مبتعثين من جهات مختلفة في السلطنة في تخصصات متنوعة تشمل التخصصات الهندسية والعلوم والتكنولوجيا، العلوم الإدارية والاقتصادية والصحافة والإعلام. بينما بلغ عدد الطلبة الدارسين على حسابهم الخاص والمسجلة أسماؤهم في الملحقية الثقافية العمانية 238 طالبا وطالبة وهذا العدد بازدياد مستمر نتيجة لتعاون الملحقية مع الطلبة الدارسين على حسابهم الخاص.

آليات المتابعة

وأشار الدكتور خميس البلوشي إلى قيام الملحقية بطلب التقارير الأكاديمّية من الجامعات بشكل دوري حول الأوضاع الدراسية للطلبة، بعدها ترفع جميع التقارير الأكاديمية في ملفات الطلبة على النظام الإلكتروني للوزارة (أساس) وذلك لإبقاء الوزارة على اطلاع تام بنتائج الطلبة وبسير دراستهم. فإذا كانت نتائج الطلبة متميزة تقوم الملحقية بإرسال خطابات شكر لهم على حسن سير دراستهم وتميزهم، كما يتم تكريم الطلبة المتفوقين سنوياً وذلك لزيادة تحفيزهم للمواظبة على الدراسة والمحافظة على مستواهم العلمي. أمّا الطلبة الذين تكون نتائجهم متدنية فيتم توجيه رسائل تنبيه لهم أنّ مستواهم التحصيلي المتدني قد يؤثر سلباً على مستقبلهم الدراسي في حال تقاعسهم أو زيادة ساعات تغيبهم عن الدراسة. كما تقوم الملحقية بإرسال تعميم على جميع الجامعات المبتعث إليها الطلبة بضرورة إبلاغ الملحقيّة في حال تغيّب الطالب عن حضور المحاضرات لمدة يومين متتاليين وذلك لاتخاذ الإجراءات المناسبة والاطمئنان على الطلبة ومتابعة سير دراستهم. كذلك فإنّ الملحقيّة تقوم بإجراء زيارات ميدانية متكررة للجامعات التي يتواجد بها الطلبة المبتعثون، وتكرار هذه الزيارات يعتمد على عدد الطلبة في الجامعة، ونوعية الصعوبات التي قد تواجه الطلبة والتي قد تستدعي تدخلا من الملحقيّة. كما أنّ الملحقية تقوم خلال زياراتها الميدانية بإعداد عرض مرئي تعريفي لكافة الطلبة المبتعثين والذي يتضمن معلومات عن ماليزيا ونظام الدراسة بها، وسبل العيش فيها بأمان، وعن آلية تحويل مخصصاتهم الشهرية، وطريقة فتح الحسابات البنكية، وشرحا وافيا عن التأمين الصحي وكافة مزايا البعثة. علماً بأنّ هذا العرض المرئي يتم تقديمه عند بدء الطالب لبعثته ومع ذلك يتم تكرار هذه المحاضرة للطلبة لترسيخ المعلومات أكثر في أذهانهم وتنبيههم إلى ما قد يغفلوا عنه مع مرور الوقت. كذلك في حال تقدم الطالب بطلب تغيير مؤسسته التعليمية أو تخصصه تعمل الملحقية على تقديم النصح والإرشاد الأكاديمي له وتوجيه الطالب بما يتناسب مع متطلباته ومقدراته العلميّة وذلك بعد الاطلاع الدقيق على نتائجه. كما تقدم الملحقية النصح والإرشاد الأكاديمي وتوجيه الطالب في حال تقدم بطلب تغيير لمؤسسته التعليمية أو تخصصه، وذلك بما يتناسب مع متطلباته ومقدراته العلمية وذلك بعد الاطلاع الدقيق على نتائجه.

التحديات

ويشير البلوشي إلى أنّ من أهم التحديات التي تواجه الطلبة أن البعض منهم لا يزال يعيش في نمط الحياة المدرسية ولم يبدأ في الانخراط فعليا في نمط الحياة الجامعية، والذي يتطلب من الطالب الاعتماد على النفس والبحث عن المعلومة. قد ينجح البعض منهم بعد فترة من الزمن في التأقلم مع نمط الحياة المعيشية والدراسية الجديدة، لكن البعض الآخر قد يواجه صعوبة في التأقلم مع الانفتاح الاجتماعي والتنوع الثقافي الموجود في ماليزيا. فلا يستطيع على سبيل المثال التأقلم مع نظام الإقامة في سكنات الجامعات مع طلبة من جنسيات أخرى، وخصوصاً أنّ الجامعات في ماليزيا يكثر فيها تنوع جنسيّات الطلبة حيث إنّ ماليزيا أصبحت وجهة تعليمية لكثير من البلدان، على الطالب تعلم الصبر والتسامح وضبط النفس وتقدير الآخرين واحترام ثقافاتهم التي قد تبدو غريبة عليه. ومن المهم أن يفهم الطالب أنّ الغاية من ابتعاثه ودراسته خارج السلطنة هي ليست فقط للحصول على الدرجة العلمية وإنّما التعرف على ثقافات وحضارات البلدان الأخرى والاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية. كما أنّ من واجبه أن يقوم بتعريف زملائه الطلبة من مختلف البلدان عن حضارة وثقافة وعادات وتقاليد بلده..

استقبال الطلبة الجدد

وقال البلوشي إن الملحقية تقوم بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي في السلطنة بالحصول على رسائل قبول للطلبة المبتعثين في الجامعات الماليزية. ومن ثمّ تعمل على استصدار رسالة موافقة التأشيرة وتزويد الطلبة بها. كما يقوم الملحق الثقافي بإجراء ندوة تعريفية (عرض تقديمي) عن ماليزيا والدراسة فيها والصعوبات التي قد تواجه بعض الطلبة، مع تقديم النصح والإرشاد لطلبة وتزويدهم بنسخة من دليل الطالب العماني الدارس في ماليزيا الذي يحتوي على إجابة لمعظم استفسارات الطلبة فيما يتعلق بالسكن، والتأمين الصحي، والجامعات وتكاليف المعيشة في ماليزيا ونصائح تهم الطالب في دراسته ومعيشته في ماليزيا...الخ.

وحول تكاليف الدراسة في ماليزيا يقول الدكتور خميس البلوشي إنّ الرسوم تختلف من جامعة إلى أخرى بحسب طبيعة التخصص وموقع الجامعة، وتعد رسوم التسجيل والدراسة في ماليزيا مناسبة مقارنة بالدول الأخرى. فبالنسبة للتخصصات الهندسية تتراوح أجور الدراسة سنوياً من 25 ألف رنجت إلى 43 ألف رنجت وذلك حسب الجامعة. أمّا بالنسبة لتخصصات العلوم فإنّ أجور الدراسة تتراوح بين 35 ألف رنجت إلى 40 ألف رنجت أمّا تخصصات العلوم الإدارية والمالية فأجور الدراسة تتراوح بين 25 ألف رنجت إلى 41 ألف رنجت. أما عن تخصصات الطب والجراحة فإن أجور الدراسة مرتفعة وذلك نظراً لقوة هذه الجامعات في هذا التخصص وتتراوح الأجور بين 70 ألف رنجت إلى 99 ألف رنجت مع العلم أنّ جميع هذه الأجور المذكورة هي عبارة عن الأجور الدراسية في السنة الواحدة. كما أنّ هذه الأجور معرضة للزيادة سنوياً من قبل الجامعة ونود التنويه أيضاً أنّ المبالغ المذكورة لا تتضمن رسوم التسجيل في الجامعات.

تجارب الطلبة
يتحدث سعيد بن راشد بن سعيد السلماني - طالب ماجستير اقتصاد- بالجامعة الإسلامية العالمية في كوالالمبور عن تجربة الدراسة في ماليزيا قائلا: ماليزيا بحق صورة مصغرة لقارة آسيا فهي بلد متعدد الثقافات والأعراق واللغات، وبلد متطور من ناحية البنية التحتية، ومعتدل الجو طول السنة، يجد الطالب فيه راحته من ناحية تكاليف المعيشة؛ وذلك لتقارب الأسعار بينها وبين السلطنة. كذلك من الميزات التي تتميز بها ماليزيا وخاصة لمن يصطحب معه عائلته وجود عدد من المدارس العربية والدولية التي تحفظ للطفل هويّته ولغته، وطبعًا علاوة على ميزة انتشار المساجد في كل مكان، وتوفر الأكل الحلال. لذا وعن تجربة شخصية أجد ماليزيا خيارًا مناسبا جدًا لمن يدرس على حسابه الخاص أو بنظام التفريغ.

وبالحديث عن الجانب الأكاديمي يقول سعيد السلماني: أستطيع القول إنّ الجامعة العالمية الإسلامية متميزة في الجانب الأكاديمي وتعتبر في مقدمة الجامعات الماليزية، حيث يدرس بها طلبة من أكثر من 100 دولة من مختلف قارات العالم. وعلى الرغم من تلك المميزات لكن الجامعة ينقصها توفر مركز لغات قوي، حيث اضطررت في بداية مشواري الدراسي إلى الدراسة في معاهد لغة خارج حرم الجامعة.

ويرى سعيد السلماني أن الصحبة الصالحة هي أكبر عون للإنسان حيث أن الصحبة الصالحة تخفف عنه وحشة الغربة وصعوباتها، ومن تجربته يقول:
شاهدت بنفسي أناسا رغبوا عن الصحبة الصالحة واستبدلوها بالصحبة السيئة، لذا ضاع معها إيمانهم، وفسدت أخلاقهم. وقد شاهدت من اعتزل إخوانه بحجة التفرغ للعلم والدراسة، فانتكست همهم وخارت عزائمهم.

أما وضحى بنت عقاب الراشدية، تخصص علاقات عامة، سنة رابعة، جامعة هلب في كوالالمبور فتقول: في البداية أوجه خالص الشكر والتقدير لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظة الله ورعاه على إتاحة الفرصة لنا للدراسة خارج السلطنة. وعن تجربة الابتعاث من الناحية الأكاديمية فهي جميلة جداً تعلمت من خلالها دروسا كثيرة ومنها التواصل الثقافي والاجتماعي بين المجتمعات الأخرى، أيضا اكتساب اللغة من خلال التحدث دائما باللغة الإنجليزية ومن هذا المنطلق تحسّنت اللغة لدينا للأفضل. لكل من درس في الخارج سواء ماليزيا أو دولة أخرى واجه صعوبات، ومن ناحيتي الصعوبات التي واجهتها من بداية وصولي إلى ماليزيا صعوبة وجود سكنات لائقة ومناسبة لنا كطالبات، وأيضاً أمور التأشيرة هي التي كانت تغطي كل الصعوبات التي واجهتني، ولكن الغربة علمتني الاعتماد على النفس بدأت أسأل عن كل شيء صعب وكنت أوجه بالاستعانة بالملحقية الثقافية العمانية لسفارة سلطنة عمان بكوالالمبور والجامعة.

ويُعلق رشيد بن سعيد الرحبي - طالب سنة ثالثة- تخصص الهندسة الكيميائية بجامعة تايلورز- قائلا: أعتبر نفسي محظوظا بأن سنحت لي فرصة الدارسة في دولة مثل ماليزيا، فهي دولة تعتبر ذات طابع تاريخي وحضاري عريق وهي من الدول المتقدمة في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية. وعموما تجربة الدراسة في الخارج هي تجربة رائعة يجني من خلالها الطالب فوائد كثيرة أهم الاعتماد على النفس، واكتساب خبرات أكثر من خلال الاحتكاك مع أشخاص من مختلف الثقافات والأعراق والجنسيات.

خدمات الملحقية

وحول الخدمات المقدمة من قبل الملحقية الثقافية العمانية بماليزيا لطلبة الجدد يقول رشيد الرحبي: لحظة وصولي وزملائي إلى أرض ماليزيا كانت في استقبالنا الملحقية الثقافية العمانية بكوالالمبور وعلى رأسهم الملحق الثقافي الدكتور خميس البلوشي، وقد قاموا بمرافقتنا من مطار العاصمة الماليزية إلى موقع الجامعة حيث كان لهم الفضل الأكبر في تسهيل أمورنا في ماليزيا على المستوى الأكاديمي والمعيشي. كما قاموا بتقديم النصائح والإرشادات التي تعيننا على فهم المجتمع الجديد. كذلك للملحقية دور في التخفيف قسوة الغربة علينا من خلال الأنشطة الفعاليات التي تقيمها الملحقية بالتعاون مع الجمعيات والروابط الطلابية.

ويرى الرحبي أنّه من الطبيعي أن تكون هناك بعض التحديات التي قد تواجه الطالب المبتعث فهو يتعامل مع ثقافة وأنظمة تختلف عما اعتاد عليه في وطنه، وعن أهم تلك التحديات التي واجهت الرحبي في بداية رحلة الابتعاث يقول: كان أبزها بعدي عن الأهل، وأيضا التأقلم مع نظام وسائل النقل وكان هذا جديد بالنسبة لي، وأيضًا تعلم اللغة الإنجليزية وممارستها ولكنني قبلت هذه التحديات بروح متفائلة من أجل تثقيف نفسي بثقافات وتجارب أخرى.

تعليق عبر الفيس بوك