البوسعيدي: إنشاء "عمان للحوكمة والاستدامة" ترجمة للرؤية الثاقبة للمقام السامي في تطوير المنظومة الاقتصادية

الاستدامة تعني تكامليّة الأدوار البيئية والمجتمعيّة والاقتصادية

خطة عمل شاملة لتحديد مهام المركز.. وتوقّعات بدور رائد في خطط التنمية

مراجعة دوريّة لـ"ميثاق الحوكمة" كل عامين لإضافة التعديلات اللازمة

المدير التنفيذي للمركز يتولى وضع اللوائح والهيكل التنفيذي

إقناع الشركات بتبني قواعد الحوكمة والاستدامة التحدي الأكبر

اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع مؤسسات وهيئات دولية لإجراء دراسات محلية

الحوكمة والاستدامة تعززان نمو وقوة الاقتصاد وتزيد جاذبية الاستثمار

أجرت الحوار- نجلاء عبدالعال

تصوير/ راشد الكندي

أشاد السيّد حامد بن سلطان البوسعيدي مدير عام الخدمات المساندة بالهيئة العامة لسوق المال القائم بأعمال مركز عمان للحوكمة والاستدامة، بالمرسوم السلطاني الخاص بانشاء مركز عمان للحوكمة والاستدامة؛ كمركز متخصص مستقل إداريا وماليا.

وأكد البوسعيدي- في حوار مع "الرؤية"- أنّ الالتزام بمعايير الحوكمة والاستدامة بات مطلبًا ملحًا في بيئة المال والأعمال؛ لما له من تأثير إيجابي في النهوض بأداء الشركات وزيادة أرباحها، وتعزيز قوة ومتانة الاقتصاد الوطني بشكل عام.

وتطرّق البوسعيدي إلى التحديات التي يتوقعها خلال عمل المركز، مشيرا إلى أن على رأس هذه التحديات؛ نشر مفهوم وثقافة الحوكمة والاستدامة والتوعية بفوائدها وضرورتها للشركات والمؤسسات؛ وخاصة الحكومية والعائلية. وأوضح أنّ من بين التحديات مدى تقبل القائمين على هذه الشركات من مجلس إدارة وملاك، لثقافة وممارسات الحوكمة، وتفاعلهم مع المسؤولية الاجتماعيّة وفق المفهوم الحديث الذي يتطلب مشاركتهم بشكل مستدام في عجلة التنمية، مدركين العائد الإيجابي عليهم وعلى المجتمع على المدى البعيد.. وإلى نص الحوار...

** كيف استقبلتم المرسوم السامي بإنشاء مركز عمان للحوكمة والاستدامة؟

استقبلناه بكل غبطة وسرور، لأنه يعد في حد ذاته مباركة سامية تعكس رؤية جلالته النيرة والقناعة التامة من لدن جلالته بأهمية الحوكمة والاستدامة في بيئة المال والأعمال في السلطنة، علاوة على دورها الفاعل في التنمية وتقوية الاقتصاد العماني. وفي الواقع ليس هذا بمستغرب على صاحب الجلالة؛ فالمتتبع لأقواله السامية على مدار سنوات النهضة المباركة، وحتى الآن، يلاحظ أنها تتضمن الكثير من مبادئ الحوكمة المعروفة عالميًا، ومنها على سبيل المثال أنّ الخطابات والكلمات السامية تتضمن مفردات مختلفة أمثال "أعلى مستويات المهنية" و"المسؤوليّة"، و"الشفافيّة" و"المحاسبة" و"العدالة"، وكل هذه الألفاظ والمعايير تعد من أهم ركائز الحوكمة، فالحوكمة تحقق فوائد عدة؛ من ضمنها تحسين بيئة العمل في الشركات والمؤسسات، من خلال الالتزام بمبادئها وممارساتها، وحماية حقوق المساهمين والمتعاملين وتعزيز الثقة في الشركات، وفي المقابل تضييق الخناق على الفساد بشقيّه الإداري والمالي، والحد من المخاطر وتعظيم ربحية الشركات، وجذب رؤوس الأموال إلى السلطنة، وكل ذلك يسهم في اكتساب سمعه طيبة وتبوء مكانة مرموقة في العالم.

والأهم من ذلك تأسيس مجالس إدارات ذات كفاءات ومهارات عالية وتتمتع بقدر كبير من الاستقلالية ـ وقادرة على قيادة الشركات والمؤسسات نحو النجاح والاستمرارية والوصول بها إلى العالمية. وهذه الشركات- بطبيعة الحال- هي المكون الرئيسي للاقتصاد الكلي؛ فإذا أوليناها الكثير من الاهتمام وساعدنا على تحسين بيئة العمل فيها وحافظنا على نموها واستمراريتها فبشكل طبيعي وتلقائي سينعكس هذا على متانة وقوة الاقتصاد العماني.

وكذلك الحال بالنسبة إلى الاستدامة.. فإنّ دورها لا يقل أهميّة عن الحوكمة؛ ونقصد بالاستدامة المفهوم الأشمل الذي يضم ثلاثة عناصر هي البيئة، والمجتمع، والاقتصاد؛ وهي عناصر متداخلة ومكملة لبعضها بعضا، فإذا ما راعينا في أعمالنا التجارية عدم المساس بالبيئة وعدم الإضرار بها، والمساهمة في بناء المجتمع وتخصيص جزء من الأرباح لذلك، والإسهام في التنمية الاقتصادية مع المسار الحكومي، وأن يتحلى كل ذلك بصفة الاستدامة، فهذا من شأنه أن يعزز نمو الاقتصاد بشكل عام. ونحن على يقين بأنّ كل هذه الأهداف كانت وراء إصدار المرسوم السامي الذي يشكل بالنسبة لنا مصدر فخر ومباركة لخارطة طريق نشر مفاهيم الحوكمة والاستدامة وأهميّتها للسلطنة ككل، فهي نقطة انطلاقة جيّدة ونسأل الله التوفيق في تحقيق هذه الأهداف.

** قبل المرسوم السامي كان بالسلطنة مركز للحوكمة، فما هي طبيعة علمه وهل يحل المركز الجديد محل القديم؟

بالفعل هناك مركز عمان لحوكمة الشركات والذي تم إنشاؤه في نهاية عام 2009، بموافقة من مجلس الوزراء الموقر، ويتبع الهيئة العامة لسوق المال، ويعنى بتعزيز ثقافة وممارسات الحوكمة في الشركات المساهمة العامة فقط المدرجة في سوق مسقط للأوراق الماليّة، وكانت مهامه تنفيذ برامج تدريبية متخصصة عالية الجودة في الحوكمة لمجلس إدارات الشركات، وكذلك إقامة الموتمرات وجوائز الإجادة في الحوكمة وتقديم الاستشارات للشركات في مجال الحوكمة وهنا أود على عجالة التطرق إلى كيف تأسس المركز الجديد.

وكان المركز ترجمة لاهتمام الهيئة العامة لسوق المال في هذا الجانب؛ حيث كانت الهيئة أول من أصدر ميثاقا لتنظيم وإدارة الشركات المساهمة العامة (الحوكمة) في المنطقة عام 2002، وكان موجها لشركات المساهمة العامة المدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية، وصناديق الاستثمار التي تتخذ شكل المساهمة العامة، وتقع تحت رقابة وإشراف الهيئة العامة لسوق المال. وعندما تبوأت السلطنة في عام 2006 المركز الأول في الحوكمة بمنطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، بجانب أن الميثاق يختص بالشركات المساهمة العامة؛ فقد ارتأت الهيئة كمبادرة منها- كعادتها دوما- أن تنشر ثقافة الحوكمة في جميع الشركات في السلطنة من خلال تأسيس مركز للحوكمة مستقل.

وعليه أعددنا دراسة ورفعنا نتائجها في تقرير عام 2009 إلى مجلس إدارة هيئة سوق المال، وقد لاقى ترحيبًا وقبولًا من قبل مجلسإادارة الهيئة، الذي أوصى بأخذ موافقة مجلس الوزراء على ذلك، وبالفعل تم رفع التصوّر لمجلس الوزراء الموقر الذي وافق على إنشاء "مركز عمان لحوكمة الشركات"، وباشر المركز نشاطه بقرار من الهيئة العامة لسوق المال في مطلع عام 2010، وقد نلت شرف التكليف بالقيام بإدارة المركز بجانب وظيفتي.

وفي عام 2011.. أطلقت الهيئة العامة لسوق المال مبادرة تعنى بالمسؤولية الاجتماعية، ورحّب بها قطاع كبير من الشركات الحكومية والخاصة، وعقدنا عددًا من الاجتماعات واتفق أعضاء المبادرة على أنّه من أجل تفعيل المبادرة والبدء في تنفيذ خططها لابد من تكوين كيان معتمد مستقل يعنى بذلك وحيث إنه يوجد مركز يعنى بالحوكمة فتم الاقتراح بإضافة المبادرة إليه. ولاقت الفكرة القبول من جميع أعضاء المبادرة وكان التوجه بأن يتم تأسيس مركز مستقل متخصص في حوكمة الشركات والمسؤولية الاجتماعيّة يصدر بشأنه مرسوم سلطاني كي يكون معتمدا ومعترفا به من قبل كافة الشركات والمؤسسات في الدولة يأخذ صفة الاستقلالية. والمركز الحالي يحل مكان المركز السابق حسب المرسوم السلطاني.

** إذن.. ما هي الاختلافات بين المركز القائم والجديد الذي أنشأه المرسوم السلطاني؟

الفرق أنّ المركز الذي تمّ تأسيسه بالمرسوم السامي هو مركز مستقل استقلالا ماليا وإداريا وله مجلس إدارة، ويديره مدير تنفيذي، ويعنى بالحوكمة والاستدامة؛ ليس فقط للشركات المساهمة العامة المدرجة في سوق الأوراق المالية، وإنما أيضا العائلية والخاصة والحكومية ومجتمع الأعمال، ويمتلك لوائحه الخاصة، كما أن له أعضاء من الشركات والأفراد والجهات المهنية ومن المهتمين بالحوكمة والاستدامة والعضوية مفتوحة للجميع وهذا وجه الاختلاف مع المركز السابق.

** وما هو دور المركز مع هذه الشركات.. وهل له سلطات عليها؟

المركز ليس له سلطة تشريعية أو رقابية على أحد، بل هو جهة توعوية استشارية خدميّة. ودوره الأساسي نشر ثقافة ومفهوم الحوكمة والاستدامة، والتوعيّة بأهميتهما، ومن أجل تحقيق أهدافه سيقدم خدماته كالتدريب والتطوير من خلال تنفيذ برامج وورش عمل وندوات لأعضاء مجالس الإدارات والإدارة التنفيذية وغيرهم، ورسم سياسات موحدة في الحوكمة والاستدامة من خلال إصدار أدلة أو مواثيق، وتقديم خدمات استشارية لجميع أنواع الشركات في السلطنة بمختلف أشكالها القانونية وكذلك لجميع المؤسسات المدنية والأهلية، وهو ليس مركزًا هادفًا للربح، كذلك سيطلق مسابقات عدة لتحفيز الشركات كجوائز في الحوكمة والاستدامة.

وسيعمل المركز بالتعاون مع منظمات عالمية متخصصة في مجاله من أجل تطوير أعماله، وكذلك مع الجهات الرقابيّة في السلطنة كالهيئة العامة لسوق المال. هناك خطة عمل سيتم وضعها من قبل الإدارة التنفيذية للمركز والتي سترسم ملامح واضحة لدور المركز وإسهاماته في كافة القطاعات ولدى جميع المؤسسات في السلطنة وسيكون له دور بارز وفعّال في خطط التنمية.

** هل تتوقعون تعديلات على ميثاق الحوكمة الصادر في العام 2002؟

الميثاق الذي صدر في 2002 تمّ بالفعل إدخال تعديلات عليه؛ حيث ظل منذ صدوره بدون تعديل، لذلك ارتأت الهيئة العامة لسوق المال في العام الماضي مراجعة ميثاق الحوكمة والخاص بشركات المساهمة العامة، وبالفعل شكلت لجنة لهذا الغرض، وكلفت اللجنة أيضا بإعداد أدلة استرشادية للشركات الحكومية وللشركات العائلية، واستغرقت التعديلات فترة طويلة حتى يتم التأكد من توافق التحديث والتعديلات ومبادئ الحوكمة التي يشملها الميثاق، مع ثقافة وطبيعة الاقتصاد العماني وثقافة وبيئة العمل وخصوصيتها، وتمت الاستعانة بما هو معمول به في الدول المتقدمة في هذا المجال، إضافة لما أصدرته المؤسسات الراعية لممارسات الحوكمة مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وغيرها.

وتم رفع المسودة على فترتين في الموقع الإلكتروني للهيئة ليبدي المتعاملون والجمهور ما يرونه من ملاحظات، وبالفعل حصلنا على ردود أفعال وملاحظات طيّبة، ثم رفعنا المسودة النهائية إلى مجلس إدارة الهيئة واعتمدها المجلس بالفعل وأعلن عبر تعميم لشركات المساهمة العامة وصناديق الاستثمار التي تأخذ شكل المساهمة العامة أنّ هناك نسخة جديدة من الميثاق.

** اذكر لنا أهم التعديلات في الميثاق الجديد؟

أولا من حيث الاسم فإنّ الميثاق الجديد صدر بعنوان "ميثاق حوكمة شركات المساهمة العامة"، واختلفت هيكليّته حيث أصدرناه على هيئة مبادئ، كما أضفنا لجنة جديدة منبثقة من مجلس الإدارة باسم لجنة الترشيحات والمكافآت، كذلك أفردنا دور خاص لرئيس مجلس الإدارة وعززنا أيضًا في الميثاق الجديد من تعريف العضو المستقل حتى يمكنه من لعب دور أكبر وأكثر فعالية في نمو الشركة وتحسين أداء مجلس إدارتها بشكل عام، كما أفردنا بابًا خاصًا عن المسؤولية الاجتماعية شمل الزامًا جادًا على الشركات بإصدار تقرير عن المسؤولية الاجتماعيّة وذكر الأنشطة التي تقوم بها في هذا الجانب.

وكان أيضًا من بين التغييرات الكثيرة التي أدخلت في الميثاق الجديد، التركيز على قواعد التعامل بين الأطراف ذات العلاقة حيث عززنا من هذه القواعد وفقا للمعمول به في قواعد المحاسبة الدولية، وشددنا أيضا على أن يكون جميع أعضاء مجلس الإدارة غير تنفيذيين للاستقلالية التامة بين المجلس والإدارة التنفيذية وبحيث يكون دور مجلس الإدارة وضع الاستراتيجيات والخطط والمراقبة والإشراف على الإدارة التنفيذية. وهذا الميثاق ستجري مراجعته بشكل مستمر ودوري وربما يراجع كل عامين وتؤخذ فيه التعديلات التي قد تستجد في العالم وويمكن أن تفيد السلطنة. ووفق ما ذكر في التعميم فإنّه تترك فترة عام كامل أمام الشركات لتوفيق أوضاعها.

** ما هي الخطوات المقبلة لافتتاح مركز الحوكمة والاستدامة المستقل؟

الخطوة الأولى تتمثل في تشكيل مجلس الإدارة، وحسب المرسوم يتكون مجلس إدارة المركز من 9 أعضاء، ويكون الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال رئيس مجلس إدارة المركز، والمدير التنفيذي للمركز عضو في مجلس الإدارة، وممثل عن البنك المركزي العماني لا تقل درجته عن مدير عام، وممثل عن غرفة تجارة وصناعة عمان، وعضو أكاديمي، أمّا الأعضاء الأربعة الآخرين فإنّهم يختارون في الدورة الأولى من قبل رئيس المجلس بتوصية من المدير التنفيذي.

وبعد تشكيل المجلس سوف يتم تعيين مدير تنفيذي للمركز؛ وهو من سيتولى وضع اللوائح الإدارية والماليّة ووضع الخطط والبرامج ووضع الهيكل التنفيذي للمركز ووضع الميزانية، وستشمل الخطط خطة خاصة بالترويج لقواعد الحوكمة والتعريف بالاستدامه واهميتها وتنفيذ كل ما جاء في نظامه الاساسي من خدمات، كما سيكون للمركز مبنى مستقل لمباشرة أعماله وسيتم البحث عن كوادر عمانية لتعزيز المركز. وسيطلق المركز كذلك اجتماعات ولقاءات مع الشركات للتعريف به وبأهدافه وخطط عمله وكيفية الاشتراك في عضويته.

** وماذا عن أبرز التحديات التي تتوقعون وجودها أمام عمل المركز؟

أبرز التحديات وأهمها؛ هو القبول بفكرة تبني قواعد الحوكمة والاستدامة، وعلى سبيل المثال فإنّ الحوكمة تتطلب تحسين هياكل الشركات، وهذه النقطة تطالب بتقليل عدد ممثلي ملاك الشركة في مجلس الإدارة وتطعيم مجالس الإدارات بأعضاء مستقلين، وهي قاعدة قد تلاقي صعوبة فيما يتعلق بالشركات الحكوميّة، كذلك الحال فيما يخص الشركات العائليّة فحوكمة الشركات العائليّة تتطلب من أجل مصلحة الشركات نفسها ونموّها واستمرارها أن يكون الهيكل المؤسسي مختلف تمامًا عمّا هو موجود حاليًا في الشركات العائلية.

إننا نعلم أنّ الشركات العائليّة معرضة للتفكك بعد الجيل الثاني والثالث، ومن أجل بقائها واستمراريتها يتطلب الأمر وجود هيكل منظم للشركة؛ فيكون هناك "مجلس عائلة" يكون دوره ارشادي وتقديم النصح والتوجيه، ومن ثمّ يكون هناك مجلس إدارة ليس بالضرورة من العائلة، بل يتألف من آخرين من خارج العائلة، وأن تكون هناك لجان لوضع خطة ونظام لإحلال المسؤول عن الإدارة التنفيذية للشركة- والذي قد يكون رئيسا أو مدير عاما أو مديرا تنفيذيا- بحيث يصبح التعاقب أمرًا سلسًا، كذلك ينبغي عمل لجان لتوزيع الحصص بالنسبة للعائلات في حالة الاضطرار لذلك بحيث لا تكون هناك نزاعات تؤثر على الشركة إذا أراد جزء من العائلة أن يبيع حصّته على سبيل المثال، إضافة لكثير من الأمور التي من شأنها أن تحافظ على الشركات العائلية قائمة وناجحة باستمرار وذلك بالطبع في صالح أصحاب الشركات وكذلك لصالح الاقتصاد الكلي، وربما نظرًا لأنّ هذه الأمور جديدة على الشركات العائلية والحكومية ويختلف عن النمط السائد حاليًا فقد يمثل ذلك أحد التحديات.

كذلك فإنّ من ضمن التحديات الأخرى أن العضو المستقل حسب التعريف المحدد له قد لا يكون متوافرًا لأنّ من ينطبق عليهم شروط الاستقلالية قد لا يكون عددهم كاف للشركات، كون طبيعة المجتمع تجعل هناك ترابطًا وتداخلا وكذلك وجود مصالح مالية مشتركة، وهذا ما يدخل ضمن ما اسميه التحديات الفنية وسنرسم سياسات للشركات يمكنها اتباعها ومنها أن تخصص جزءا من ميزانيتها من أجل تنمية المجتمع والشراكة مع الحكومة في مشاريعها التنموية والأخذ بيد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

** هل تتوقع وجود تحد متعلق بتوافر الكوادر البشرية؟

نعم.. من بين التحديات المتوقعة كذلك عدم توافر الكوادر البشرية الوطنية المتخصصة في مجال الحوكمة والاستدامة سواء في تنفيذ البرامج أو عمل البحوث والدراسات في هذا الجانب، ولكن سنحول هذه التحديات إلى فرص بحيث نسخر جهودنا لتخطي هذه التحديات، وبالفعل فقد بدأنا العمل على التغلب على بعض الصعوبات من خلال اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع مؤسسات وهيئات وجهات دوليّة وإقليمية للتعاون مع هذه الجهات في إجراء الدراسات، التي سيقوم بها المركز للخروج بدراسات معمقة لإثبات جدوى ممارسات الحوكمة والمسؤولية الاجتماعيّة في نمو الشركات وتحقيق أرباحها، لابد من عمل دراسة توضح الربط بين نجاح الشركة ونموها وممارسات الحوكمة والاستدامة، لأنّ هذه الممارسات من شأنها تقليل المخاطر وتعرض الشركات للتلاعب المالي والإداري، ومن شأنها أيضًا الحد من الدخول في مشاريع تفتقر للدراسة والتي تؤدي إلى الخسارة، وممارسات الحوكمة بصفة عامة من شأنها تعزيز ثقة الممولين من البنوك أو المستثمرين الاستراتيجيين؛ مما يسهل على الشركة الحصول على التمويل، كما أن الشركة عندما ترغب في الدخول في شراكات أو مشاريع أو مناقصات محلية أو عالمية أن تعزز فرصها للحصول على هذه المناقصات، علاوة على أنّ ممارسات الشركة فيما يتعلق بالاستدامة تجاه المجتمع والبيئة والاقتصاد من شأنها أن تخلق شراكة بين هذه الشركات والمجتمع فيما يتعلّق بمنتجاتها، ومدى تقبل مشاريعها في المجتمع ولدى المستهلك، إضافة إلى زيادة قاعدة المستهلكين أو مستخدمي الخدمة التي تقدمها الشركة وبالتالي سيزداد نمو هذه الشركات وستجد قبولا من المساهمين سواء كانت مساهمة عامة أو من المستهلكين.

وإذا استطعنا أن نثبت في دراستنا المعمّقة التي سوف يجريها المركز أن هناك ارتباطا وثيقا بين تطبيق هذه الممارسات ونمو وتحقيق أرباح الشركة فهذا سيعزز من إيمان القائمين على هذه الشركات بأهمية الحوكمة والاستدامة في بيئة الأعمال لديهم.

** وكيف يمكن إجراء مثل هذه الدراسة؟

مثل ما ذكرت سابقًا أحد أهداف المركز الارتباط بمؤسسات دولية من أجل التعاون في جميع الخدمات التي يقدمها المركز والحمد لله استطعنا في السنوات الماضية أن نبني علاقات طيّبة مع الكثير من المنظمات الدولية.

وسيتم تنفيذ الدراسات من خلال الكادر الوظيفي المؤهل في المركز أو بالتعاون مع المؤسسات الأكاديميّة والمهنيّة في السلطنة.

** ماذا عن خطط المركز لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟

المؤسسات المتوسطة القائمة والتي تخطت مرحلة الخطر والتي وصلت إلى مستوى متقدم من عملياتها وعدد الأفراد بها بحيث أصبحت أقرب إلى تسميتها بالكبيرة، سنساهم في وضع الهيكل المؤسسي المناسب لها كنقطة أولى.. وكذلك سنعمل على دعم هذه المؤسسات في تأهيل وتدريب القائمين عليها في الإدارة التنفيذية أو في مجالس إداراتها، أمّا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحسب التعريف المعمول به في السلطنة ومن خلال معايشتنا للواقع فإننا نرى أن لديها من الأعباء ما يجعل قواعد الحوكمة بالنسبة لها مرحلة تالية وليست أولوية، لأنّ ممارسات الحوكمة لها تكلفة، وقد تكون عبئا عليها، لكننا بالطبع سنتعاون مع الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إن رغبت بعض من هذه المؤسسات في تحسين بيئة العمل لديها من خلال ممارسات الحوكمة.

** وما هو جديد جائزة الإجادة وفق المرسوم؟

من بين اختصاص المركز إصدار جوائز من أجل تحفيز الشركات واكسابها سمعة؛ ومن الجوائز التي صدرت بالفعل من قبل لكن سيتولاها مركز عمان للحوكمة والاستدامة مستقبلا هي جائزة الإجادة في حوكمة الشركات، والنسخة المقبلة هي النسخة الرابعة وسوف يتم الإعلان عنها قريبًا، كما أنّه ستكون هناك جائزة أخرى في الاستدامة سيتم الاعلان عنها في حينها.

** هل من كلمات خاصة تودون توجيهها؟

لا يسعني إلا أن أرفع أسمى آيات الشكر والعرفان لمولاي جلالة السلطان حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه القائد الملهم ذي الرؤية السديدة والحكيمة على مباركته بإنشاء المركز، وأتوجه إلى جميع الشركات والمؤسسات بمختلف أشكالها القانونية وإلى رجال الأعمال وإلى المسؤولين في حكومتنا الرشيدة وإلى صناع القرار بالدعوة إلى تبني ممارسات الحوكمة والاستدامة في جميع أعمالنا وخططنا التنموية لما تلعبهما من دور فعّال وإيجابي في الحفاظ على وتعزيز قوة الاقتصاد العماني وتأسيس كفاءات قيادية عمانية في مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية تكون قادرة على النهوض وقيادة التنمية لمواصلة مسيرة التطور والبناء التي رسمها لنا قائدنا المفدى.

تعليق عبر الفيس بوك