تجليات من السينما العُمانية

هيثم سليمان

سيناريست سينمائي وتلفزيوني

Careless7@hotmail.com

إنّ السعي الحثيث لخلق سينما عُمانية يمكن أن يصل إلى مقام الصناعة السينمائية لهو سعٌي دؤوب ومحموم لا نزال جميعا نرى أثره في مختلف القطاعات الفنية بل ونسمع أخباره بين الحين والآخر وإن كان ما يزال طفيفًا أو منزويًا عن الأبواق الإعلامية. إذ أنّ هذا السعي لا يشكل فقط رغبة صناع الأفلام العمانيين وبعض الفئة الأقل من القليلة من المسؤولين المتحمسين لقيام صنعة سينمائية على أرض السلطنة - على اعتبار أنّ البعض الآخر من المسؤولين يعتقد وبشدة أنّ الفن ما يأكل عيش - بل يعد محاولة تدوين فني ثقافي على صفحات الوطن لتبقى مستندًا بصريا للأجيال القادمة يوثِق ما قام به هؤلاء جميعا.

قد تختلف الوسائل والطرق التي يمكن أن يمنهج فيها هذا السعي لكن الصفة العظمى التي تغلب عليه هي الجهود الشبابية المستقلة هنا وهناك وعبر نتاج فردي أو جماعي متشرذم تختلف فيه مستويات جودة العمل السينمائي المقدم بين الضعيف والمقبول والجيد والمنافس إقليميا وعالميا. ورغم أنّ هنالك محاولات تستحق الإشادة والوقوف عليها من قبل بعض المؤسسات الحكوميّة والأهلية للنهوض بقطاع الفن السابع وتشجيعه عبر مختلف الورش والدورات التدريبية والملتقيات السينمائية كاللجنة الوطنية للشباب والجمعيّة العُمانية للسينما ووزارة التراث والثقافة إلا أن هنالك ثمة عدم تشبع يصل إلى الحد الأدنى على الأقل من وجود قاعدة واضحة وقوية لقيام صناعة سينمائية في وطننا الحبيب. وعندما تتاح لأجيال الشباب العُماني الشغوفة بالسينما فرص الالتقاء والاحتكاك محليا كان أم عربيا بخبرات سينمائية من خارج أرض الوطن يمكن أن نرى من خلال هذه الفرص بواعث لمنهجة الخطوة الأولى لقيام الصناعة السينمائية لدينا. هذه البواعث تبدأ باكتشاف كل صانع أفلام لقدراته وتمييزها ومقارنتها بأقرانه من المشتغلين في القطاع وبالتالي محاولة خلق نمط أو مسلك سينمائي يسير عليه ويكثف نتاجاته فيه. التنوع لايضر بعملية قيام الصناعة السينمائية لدينا لكن التفرد والتشرذم هو ما يقوض قيام صناعة متحدة كهذه تتشارك فيها جميع الأطراف المعنية بواحد من أهم الفنون على مدى التأريخ. وبينما يراها الآخرون طرق حياة، مبدأ حياة، ومعبرا لكل ما هو جميل ومختلف، نراها نحن وللأسف كأداة ترفيهية ربما وكتقانة يختص بها من يتوفر لديه الدعم فقط.

وحينما نتحدث عن إلتقاء الخبرات واحتكاكها، لابد أن نذكر أن هنالك خبرات سينمائية ناقدة ذاع صيتها خارج الوطن بل وأصبح يُعتد بها في مختلف لجان التحكيم في المهرجانات وأخرى ما تزال تقدم الكثير لجيل الشباب من السينمائيين العمانيين لكننا لا نكاد نرى أثرا واضحا - إعلاميا وأكاديميا- على الأقل لهذه الخبرات. وكأنما تمّ تهميشها قصرا أو عمدا وتم إبعادها من المشهد السينمائي العماني ليكتفي الآخرون غيرنا بالاستفادة مما لديها من خبرات في وقت نحن في أشد الحاجة إليها فيه.

المفهوم السينمائي لدينا بحاجة إلى إعادة ترتيب أوضاع وتكثيف وتصحيح مسار ربما إذ أن عالم السينما بكل تداعياته وتفاصيله ومكنوناته وهواجسه أكبر من مجرد احتفالية سينمائية يحضر إليها القاصي والداني أو ورشة صغيرة طُرحت على خجل وانزواء وبقيت مخصوصة لمن تظن المنظومة المؤسساتية أنّهم رواد هذا العالم العملاق فيها. الوساطة في الفن أيّما كان مجاله تقتل الإبداع وتقلل من جودة العمل الفني المقدم لا سيما لجمهور أصبح جاهزا للانتقاد علنا عرف بما في الدلو أم لم يعرف.

ثمة حاجة إلى قيام نهضة ما أكثر تنظيما وتفرعا ووصولا إلى مختلف شرائح الصناع بل وظهورا إعلاميا بلا مبالغة أو تحريف لنتقدم. ثمة حاجة إلى لا أدري ولكن نحن بحاجة إليها فعلا... لتستمر المسيرة.

تعليق عبر الفيس بوك