مختصون: الوقاية من فخ الشركات الوهمية تبدأ بالحرص على مراجعة وتوثيق العقود رسميا

◄ النوفلي: وصف الشركات المحتالة بـ"الوهمية" لا يعني دائما أنها غير مرخصة ومسجلة

◄ العبري: يصعب كشف الشركات الوهمية من أول تعامل لأن موظفيها متمرسون على الاحتيال

◄ الحارثي: يجب توقيع العقود في المكاتب القانونية وتصديقها من دائرة الكاتب بالعدل لإثبات الحقوق

◄ العامري: رسائل البريد الإلكتروني إحدى وسائل الاحتيال لسرقة بيانات الحسابات البنكية

حذَّر عددٌ من القانونيين والمختصِّين من الوقوع في فخِّ الشركات الوهمية التي تُمارس أكثر من وسيلة للاحتيال على أموال المواطنين.. وأوضحوا أنَّ وَصْف تلك الشركات بالوهمية لا يعني دائما أنَّها غير مرخَّصة أو غير موجودة على أرض الواقع، وإنما بعض الشركات تُمارس تلك الجرائم خلف ستار الترخيص القانوني، وبعد تسجيلها رسميًّا. وأكدوا على ضرورة استشارة أصحاب الخبرة وتسجيل العقود لدى الجهات المختصة والاستفسار عن سابق تعاملات تلك الشركة في السوق لحماية أموال المواطنين ممن يرتكبون تلك الأفعال المجرَّمة بحسب المادة 288 من قانون الجزاء العماني.

الرُّؤية - خاص

وأوضح المحامى جمال النوفلى، أنَّ الاحتيال هو الاستيلاء على أموال الغير عن طريق الخداع، وعادة ما يُمارس من جانب أشخاص طبيعيين طمعا في الحصول على منافع سهلة من آخرين، وهي ممارسات شائعة في جميع المجتمعا، ضاربًا المثل بالمشعوذين الذين يُوهمون الناس بمقدرتهم على تمكنيهم من منفعة ما أو دفع ضرر ما عنهم، وهناك من يقوم بخداع الأشخاص لتوفير فرص عمل أو تجارة أو تقديم واسطة، وكل ذلك من ضروب الاحتيال الذي جرَّمه قانون الجزاء العماني. وللاحتيال عدة طرق يُمكن للشخص الواعي أن يتجنَّبها. أمَّا الأنواع الأخرى من الاحيتال والتي ظهرت مع ظهور المدنية الحديثة بوسائلها التقنية وأنظمتها الرأسمالية، فيأتي على رأسها: احتيال الشركات الوهمية.. لافتا إلى أنَّ تسميتها بالوهمية لا يعنى أنَّها غير مقيَّدة في السجلات الرسمية، وإنما يُمكن أن تكون مسجَّلة في وزارة التجارة ولديها تصديقات واعترافات رسمية وحسابات بنكية، لكن يقع الاحتيال عن طريقة التعامل وإيهام المجني عليه وإغرائه بحصوله على منافع كبيرة بمجرد اشتراكه معهم بمبلغ معين من المال أو شراء بضاعة بمبالغ كبيرة.

وأضاف النوفلى بأنَّ هذه الشركات تُمارس أعمالها في السلطنة أيضًا؛ ومنها: شركات المحافظ التجارية التي تُوهم الناس بالاشتراك بقسط معلوم يسدده المجني عليه كل شهر من أجل الحصول على مبالغ مضاعفة خلال فترة زمينة وجيزة؛ فيتحصَّل بداية على جزء من المبالغ التي سددها، ثم تتوقف الشركات عن السداد وتتهرب. ومن الشركات الوهمية تلك الشركات الحديثة التي تعتمد في خداع الناس على الحصول على عضويات وإشراك العضو في شبكة الأعضاء المسوِّقين؛ حيث يتحصَّل كلٌّ منهم على نقاط ومبالغ طائلة بمجرد إحضاره أعضاء آخرين وتسويقه لمنتجات تافهة، والحديث في تفصيل كيفية الاحتيال يطول؛ فكثير من الناس تعرضوا للاحتيال من قبل هذه الشركات ولديه عضويات لكنه لم يصبح ثريا.

واستطرد النوفلي: الشركات التجارية التي توجَّه إلى الجمهور دعوة مفتوحة وبعلم من المؤسسات الرسمية من أجل الدخول معها في شراكة من أجل مشروعات ومضاربات مقابل أرباح طائلة، وبعد فترة من الاشتراك فيها وحصولهم على اول ارباح يبدأون الترويج للشركة عن طريق دعوة أصدقائهم وأقاربهم للدخول؛ وبالتالي ينمو رأس مال الشركة وتتعاظم أموالها دون وجود ضمانات مقابل هذه المبالغ لوفاء الناس حقوقها عند طلبها. وهنا، تقع المشكلة فمع وجود رأس مال متزايد مقابل أشغال قليلة تحفها المخاطر والخسائر تقع الشركة في مأزق مالي؛ وبالتالي لا يُمكنها المضي في التجارة والمضاربة؛ فلا توفي الناس حقوقها وتقع في جريمة الاحتيال، ويكون أصحاب الشركة والمفوضين بالتوقيع فيها مُساءلين أمام القانون عن هذه الجريمة؛ حيث لا يشفع لهم أمام القانون أنهم جاهلون به أو غير قاصدين.

قانون الجزاء العماني

وأوْضَح النوفلي أنَّ بعضَ الذين حُكم عليهم بالسجن سنوات عديدة، هم أشخاص طيبون، لكنَّ الجهل والطمع هو ما يُورد الإنسان موارد الخطأ.. وأشار إلى أنَّ القانون العماني جرَّم هذه الأفعال والتعاملات في نصوص ومواد قانون الجزاء منها المادة 288: "يُعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنتين، وبالغرامة من 10 ريالات إلى 300 ريال، كل من حصل من الغير على نفع غير مشروع لنفسه أو للآخرين باستعماله إحدى الطرق الاحتيالية".

وطالب النوفلي بضرورة تجنب الوقوع في حبائل هذه الشركات عن طريق التحري عن أصحاب الشركة أنفسهم وإمكانياتهم وتاريخهم المالي وسجلات الشركة نفسها ومشورة أهل المعرفة والخبرة قبل الدخول أو الاشتراك في أي من هذه الشركات؛ إذ إنَّ الحكومة والمؤسسات الرقابية قد تكون مُقصِّرة في ملاحقة أمثال هذه الشركات أو منعها إلا بعد وقوع الجرم أو الشكوى من المتعاملين أنفسهم، كما أنَّ احتيال الشركات لا يقتصر على ما تم ذكره؛ فهناك أنواع أخرى من احتيال الشركات أمثال الاحتيال الرقمي الواقع في حسابات البنوك وبطاقات الائتمان واحتيال الشركات السياحية الذي ما زال انتشاره قيلا في البلد وربما يتزايد بتزايد الحركة والنشاط السياحي.

ومن جانبه، قال الشيخ إبراهيم بن حميد اليعقوبي إنَّ مسؤولية التصدي للشركات الوهمية تبدأ من قبل الجهات الحكومية والرقابية؛ بحيث لابد أن تكون هناك جهة معينة تعمل على تقصي الحقائق حول نشاطات تلك الشركات، وسن الضوابط التي من شأنها ان تمنع من التغلغل في الاقتصاد الوطني خاصة من الناحية الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، لأن طرق احتيالها قد تطال المواطن والوافد؛ من خلال أساليب الدعاية والإعلان القويه والممنهجة ووجود المكاتب الوهمية والتسويق المعتمد على سياسة الضربة الأولى والعائد السريع والفائدة المبدئية للمستهلك من الوهلة الأولى.

وأضاف بأنَّه ومن أجل الوقاية من هذه الشركات ينبغى على المستهلك ألا يتسرع في التعاطي معها، وأن يجمع المعلومات ويأخذ المشورة، ويطلب المزيد من الوثائق والدلائل على صحة نشاطها، كذلك عليه أنْ يستعين بالمختصين في النواحي الإلكترونية خاصة للعرض عبر الإنترنت، ويبدأ التعامل معها تدريجيًّا كمراحل جس النبض، وأن يسارع في إبلاغ الغير عن أي شكوك حول نشاطها لتفادي تفاقم السلبيات لدى الغير.

ويرى علي سعيد بشير العلياني أنَّ الثقافة الاقتصادية والقوانين المالية يجب أن تكون ركنا أساسيا من أركان الحصيلة المعرفية؛ لأنها جزء من منظومة عالمية رقمية وتقنية متصلة ببعضها في وسط يموج بمجتمعات خبرت خبايا واسرار وقوانين الاقتصاد والمال؛ من حيث الإلمام بالثغرات التي ينفذ منها ضعاف النفوس إلى جيوب الطامحين للدخول إلى سوق المال ورجال الأعمال.. وأكد أنَّ الطفرة المعرفية والقفزة الاقتصادية التي أفرزت فئات من ميسوري الحال ممن تكونت لديهم ثروات حفزت همم الكثيرين لكن للأسف أقدموا على هذه الخطوة دون أي دراية بعالم الأسواق المالية أو التجارية وهم في كل خطواتهم لم يبنوا واقعا تجاريا على أرض الواقع، بل بنوا آمالهم على تخيلات وتصورات أخذوها من إعلانات دعائية أو تجارب فيها الكثير من المخاطرة غير محسوبة العواقب؛ باعتبار أنَّ الكثيرَ من النظريات غير الواقعية تغزو عقول الشباب؛ مثل: كيف تصبح غنيا في أيام قليلة؟ وكيف تصبح مليونيرا؟ والحديث عن نشر الأرصدة المالية، وكل ذلك أحدث حالة من الهوس المادي عند من لا يعي المخاطر المحدقة ولا يتصور الجوانب المظلمة لاقتحامه عالما مجهولا بالنسبة له، وهذا الذي ظهر في صورة مضاعفة الأموال وزيادة حجم الأرباح. واليوم، نجد أنَّ هناك أرقاما غريبة من الشرق والغرب والجنوب والشمال يتصل أصحابها ليلا ونهارا بدعوى المساعدة في جني الأموال، والمسكين من ينجر إلى هذه الحيل والأساليب الماكرة.

فخ الترخيص والتسجيل

وقال هلال بن عبدالله العبري إنَّه من الصعب التعرف على الشركات الوهمية من خلال التعامل معها من أول مرة؛ لأنها مرخَّصة وقانونية، ولديها مقر وموظفون؛ فهي تنصب فخا للفريسة؛ حيث إنه لدى هذه الشركات موظفين متمرسين وقادرين على إغراء الزبون بطرق محكمة ومدروسة؛ فينجر المتعامل مع هذه المؤسسة أو الشركة، ويقع في الفخ، وبعد ذلك يحدث ما لا يحمد عقباه، لكنَّ العاقل من يتأنى فى كل شىء قبل التعاون مع مثل هذه الشركات.

وأضاف عوض بن راشد الحارثي بأنَّ الأحاديث كثيرة عن هذه الشركات الوهمية والطرق المتنوعة التى تستخدمها في الاحتيال، وكثير من الناس أحسنوا الظن ببعض الشركات التي تدَّعي أنها توقيع العقود فى مجالات ربحية مختلفة، وبعد فترة بسيطة لا تتعدى الثلاثة أشهر يفاجأ الموقع على العقد بأنَّ الشركة اختفتْ فجأة؛ فماذا عساه أن يفعل غير البحث عنها، وفى خاتمة بحثه عن حقوقه يتعب، فيُفاجأ بالرد من الجهات المختصة بأن الشركة وهمية وليس لها وجود في النظام. وطالب الحارثى الجميع بضرورة توخى الحذر قبل الوقوع في فخ مثل هذه الشركات الوهمية، وأن يبحثوا عنها بكافة الطرق المتاحة، والتأكد منها بأنها شركة حقيقية ولها سجل تجاري، والتأكد من صاحب الشركة أو من ينوب عنه وبعد التراضي بين الأطراف وكتابة العقود يجب أن يكون توقيع العقود في أحد مكاتب الاستشارات القانونية وتصديق العقود من مكتب دائرة الكاتب بالعدل لإثبات الحقوق لدى الطرفين.

وقال سلطان بن ثاني العامري رئيس قسم أمن المعلومات وزارة التربية والتعليم: إنَّ الشركات الوهمية غرضها الإطاحة بالمستخدمين والزبائن التابعين لمؤسسات معينة كقطاع البنوك وشركات الطيران أو حتى شركات الاتصالات، تكون غالباً إمَّا بصورة غير مستهدفة وذلك لغرض مادي بحت ولسرقة أموال الناس والاستهتار بالقوانين والأنظمة المتبعة في الدولة، خاصة إذا ما وجد نقص في بعض القوانين والتشريعات التي تجرم أو حتى تمنع هذا النوع من التداول الغير الشرعي، والبعض الآخر من الشركات الوهمية هي عبارة عن شركات تقوم بأعمال سرقة أموال المواطنين بالتخفي بأسماء شركات صحيحة بغرض تشويه سمعة هذه المؤسسات أو الإطاحة باقتصاد جهة معين كقطاع البنوك و شركات الاتصالات.

أمَّا عن طرق الاحتيال المتبعة، فيقول العامري: إنَّ هناك عدة طرق للاحتيال ومنها على سبيل المثال لا الحصر: ورود بعض الاتصالات من أشخاص لأناس عاديين وطلب معاودة الاتصال بهم مرة أخرى لسرقة بياناتهم وإيهامهم بأنهم قد ربحوا جوائز مادية وإنهم ممثلين لشركة من الشركات الاتصالات الموجودة بالبلد...وغير ذلك الكثير من المحاولات لاحتيال الناس كإرسال رسالة نصية أو بريد الكتروني يخبر العميل الضحية بالضغط على رابط معين للدخول إلى حسابه في بنك معين لتغير كلمة المرور كإجراء أمني من البنك للحفاظ على سرية البيانات لدى العملاء وما أن يقوم الضحية بعمل الخطوات المذكورة حتى يتم الاستيلاء على كلمات المرور الخاصة بالضحية و استخدام حسابه البنكي.

وقال خالد بن يحيى النبهاني: إنَّ التقدم التكنولوجي في مختلف المجالات يساهم في انتشار الكثير من الشركات الوهمية، وتستهدف هذه الشركات شريحة كبيرة من المستخدمين للشبكة المعلوماتية بهدف الإحتيال عليهم؛ حيث تقوم هذه الشركات عن طريق مواقعها المشابهة للمواقع الحقيقية بعرض خدمات وتطلب من المستخدم بيانات شخصية. ومن هنا، يُصبح للشركات المعلومات الكافية التي تسهل لهم الاحتيال واختراق كل ما يتعلق بالضحية.

تعليق عبر الفيس بوك