"QNB": استمرار انخفاض التضخم في المواد الغذائية بقطر مع تراجع الأسعار العالمية

الرؤية- خاص

توقع التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" أن تنخفض أسعار الغذاء العالمية في عام 2015 للسنة الثالثة على التوالي قبل أن تتعافى إلى حد ما في الفترة 2016-2017، ومن المفترض أن يؤدي انتقال تأثير هذا الانخفاض إلى الاقتصاد القطري إلى تضخم في أسعار الغذاء المحلية تبلغ نسبته 0,2 في المئة في عام 2015 و2,1 في المئة في عام 2016 و2,6 في المئة في عام 2017.

ونتيجة لذلك، يُتوقع أن تشكل أسعار المواد الغذائية ضغوطاً تصاعدية متدرجة على معدلات التضخم في قطر. ومع ذلك، فإن مخاطر خروج معدلات التضخم في قطر عن السيطرة تبقى منخفضة نظراً للضغوط الكبيرة الكابحة للتضخم في المكونات المحلية لمؤشر أسعار المستهلك، خاصة مكون السكن. لذلك ينبغي أن تظل معدلات التضخم في قطر معتدلة على المدى المتوسط. وشهد معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في دولة قطر انخفاضاً خلال الأشهر الأخيرة حيث أن أحدث معدل يتم تسجيله للتضخم كان هو 1,4% في شهر يونيو 2015، أي بانخفاض من الذروة 3,8% التي بلغها في شهر أغسطس 2014.

وقد شمل هذا التراجع جميع مكونات مؤشر أسعار المستهلك، غير أن انخفاض أسعار المواد الغذائية كان له الدور الأبرز في الاتجاه التنازلي الأخير. ويعود التراجع في معدل تضخم أسعار المواد الغذائية على المستوى المحلي إلى الانخفاض المستمر في أسعار الغذاء العالمية منذ عام 2012. لكن من المتوقع لهذا الانخفاض في أسعار المواد الغذائية العالمية أن يصل إلى أدنى مستوى له في عام 2015 بسبب ارتفاع النمو العالمي وانتعاش أسعار النفط. ونتيجة لذلك، يُتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية في قطر بشكل طفيف في عام 2015 وأن ترتفع بقوة خلال العامين القادمين بحوالي 2,0 إلى 2,6%.

لقد شهدت أسعار المواد الغذائية العالمية اتجاها نزولياً منذ الذروة التي وصلتها في صيف عام 2012. وقد انخفض مؤشر البنك الدولي لأسعار المواد الغذائية، الذي تم تصميمه على مقاس الدوال الناشئة، بنسبة 27,6% منذ أغسطس 2012 الذي بلغت فيه هذه الأسعار أعلى مستوى لها. وقد ساهمت ثلاثة عوامل في هذا التراجع. العامل الأول هو تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي الذي تراجع إلى معدل سنوي بلغ 3,4% منذ عام 2012، بانخفاض من معدل 5,4% في عام 2010 و4,2% في عام 2011. ويكمن العامل الثاني في تراكم المخزون من المواد الغذائية الذي فاق الطلب حيث أن نسبة المخزون إلى الاستهلاك لا تزال آخذة في الارتفاع بالنسبة للقمح والذرة، ورغم أن هذه النسبة تشهد انخفاضاً بالنسبة للأرز فإنها تظل أعلى بكثير من المستويات المنخفضة للسنتين 2006 و2007. كما أن الظروف الجوية المواتية ساهمت في ارتفاع العرض بصورة إيجابية. العامل الثالث مرتبط بالانخفاض الأخير في أسعار النفط الذي ساعد على خفض أسعار المواد الغذائية بالنظر إلى اعتماد القطاع الزراعي على الطاقة بشكل كبير.

ومن المتوقع أن تستمر هذه العوامل الثلاثة في لعب دور هام فيما يتعلق بأسعار المواد الغذائية الدولية مستقبلاً. فالنمو العالمي يتوقع له أن يرتفع إلى حوالي 3,8% خلال العامين 2016-2017، وفقا لأحدث تقييم لصندوق النقد الدولي. كما يُتوقع لأسعار النفط أن تصل إلى أدنى مستوى لها في عام 2015 قبل أن تنتعش في وقت لاحق مع بدء تأثر المعروض بتقلص الاستثمار في النفط الصخري في الولايات المتحدة. وبناءً على ذلك، يتوقع البنك الدولي أن تنخفض أسعار الغذاء العالمية بنسبة 9,8% في عام 2015 قبل أن ترتفع ارتفاعاً طفيفاً (0,8%) خلال 2016-2017. ويتوقع مع المخزون الحالي الكبير من المواد الغذائية أن يجيء الارتفاع الأوليّ في الأسعار معتدلاً.

ومما لا شك فيه أن لأسعار المواد الغذائية الدولية آثارها على دولة قطر التي تستورد معظم احتياجاتها الغذائية من الخارج. وهذا يعني أن العنصر الغذائي من مؤشر أسعار المستهلك في قطر، الذي يشكّل 12,6% من سلة المؤشر، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمؤشر أسعار الغذاء للبنك الدولي، كما يوضّح الرسم البياني أدناه. وإذا استمرت العلاقة التاريخية بين الأسعار المحلية والدولية، فإننا نتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية المحلية ارتفاعاً طفيفاً فقط في عام 2015 (0,2%) قبل أن ترتفع أكثر في عام 2016 (2,1%) و 2017 (2,6%).

وفي حين أن أسعار المواد الغذائية في قطر ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأسعار العالمية، إلا أن هناك عوامل تحول دون ظهور تأثير الأسعار العالمية بالكامل في الاقتصاد المحلي. وتشمل هذه العوامل النقل والتصنيع وتكاليف البيع بالتجزئة وكذلك السياسات الداخلية التي تحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية. وقد تم إدراج هذه العوامل في توقعاتنا. وبالإضافة إلى ذلك، قد تكون توقعاتنا بشأن أسعار المواد الغذائية في قطر عرضة للمفاجآت. وتتمثل أبرز هذه المفاجآت في الطقس الذي يعتبر أكبر مصدر لعدم اليقين ويمكنه أن يؤدي إلى انحراف كبير عن توقعات البنك الدولي لأسعار الغذاء العالمية.

تعليق عبر الفيس بوك