45عامًا من البناء والعطاء

 

حاتم الطائي


على مدار 45 عامًا من عمر نهضتنا المباركة يتحقق الحلم العماني يومًا بعد يوم؛لتكتسي الأرض العمانية بشتى أنواع الإنجازات الحضارية من مدارس ومستشفيات وطرق، وجامعات، ونماء يعم كافة القطاعات الاقتصادية والسياحية والزراعية والتجارية،وكل ذلك مصحوب بعلاقات خارجيّة توطد دعائم الأخوّة والتعاون المشترك على المستويين العربي والدولي،وتقدير عالمي للتجربة العمانية التي يؤشر تطورها إلى مستقبل أكثر إشراقًا.
والأهم مما سبق هو بناء الإنسان العماني المستنير،والذي يقف على أرضية صلبة قوامها دولة المؤسسات والقانون.. هكذا أرادها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- عندما أطلق وعده وعهده لأبنائه منذ اليوم الأول بالتحوّل إلى دولة عصرية في أسرع وقت ممكن.. دولة عصرية تأخذ بعراقة الماضي وأصالة الحاضر المشرق.

لقد فطن جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه-بما أوتيمن حكمة سامية وحصافة تفكير وسداد رأي إلى أنّ الإنسان العماني هو هدف للتنمية، ومحورها الأول بوصفه صانعا لمفرداتها، ومحافظا على مكتسباتها؛ وكل مواطن من كمزار وحتى جبال ضلكوت يقع على عاتقه واجب العمل من أجل تعزيز التنميةوصونها كمنجز وطني يستحق أن نعض عليه بالنواجذ.وقد بذل جلالته - أبقاه الله- الجهود لبناء الإنسان العُماني وتسخير كافة الإمكانات من أجل إسعاده وتحفيزه للمشاركة الفاعلة في عجلة التنمية الشاملة التي تنعم بها البلاد.
إنّ بلادنا اليوم تولي اهتمامًا متزايداً لضمان الحقوق الأساسيّة للإنسان في ضوء المواثيق والإعلانات والاتفاقيات الدوليّة؛ وتأسيسًا على ذلك سنّت الحكومة العديد من التشريعات الهادفة إلى حفظ حق الإنسان في العيش الكريم، متمتعًا بسائر حرياته؛ كما أنّ النظام الأساسي للدولة ضامن رئيسي لحرية الإنسان العماني في إطار من التنظيم.
وقد كانت رؤية صاحب الجلالة واضحة في مرحلة مبكرة من عمر النهضة بأن تكون عمان الخير في مصاف الدول المتقدمة والحضارية؛ يتشرّب أبناؤها الثوابت الأساسية المرتكزة على سماحة الدين الإسلامي والوحدة الوطنية والقيادة الحكيمة لصاحب الجلالة والتدرج في التنمية.
وبطبيعة الحال هذه ثوابت وطنية لا ينبغي المساس بها، أمّا التفاصيل اليومية فأولوياتها تخضع لطبيعة المرحلة والتحديات التي تجابه مسيرة التنمية وظروفها المختلفة.

إنّ هذه الإنجازات تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ بلادنا تسير على المسار الصحيح للتنمية الخلاقة في شقّها المتعلّق بإرساء أركان دولة القانون والمؤسسات، باعتبار أنّها أساس الفعل التنموي الواعي القائم على الفهم الصحيح لمتطلّبات المُجتمع، والملبي لاحتياجات كل مرحلة وفق أسس منهجية، وبناءً على تخطيط سليم، يكفل تعزيز نهضتنا، ويعمّق ما تعيشه بلادنا من حراك تنموي يصب في معين التطور المنشود.
والمتأمل في الخطوات البناءة لجلالة السلطان يجد أنّها تتجذر عميقًا، فهي ترتكز على إرث وتجربة حضاريّة قديمة اضطلع بها أسلافنا وأجدادنا الأوائل حين شادوا الحضارات وتسيّدوا البحار.. كما أنّها تستمد أبعادها وحيويتها من مفهوم التنمية الخلاقة؛ الذي ينتهجه جلالته منذ بداية عصر النهضة المباركة وحتى اليوم في بناء عمان الجديدة. وهذا المفهوم يقوم بشكل أساسي على التوازن والعقلانيّة والواقعيّة وتحقيق الممكن والبُعد عن القفزات غير المحسوبة، وعدم الانسياق وراء الموجات الشعاراتيّة الفارغة التي لا تُقدّم ولا تؤخر.
ويشهد الجميع لجلالته بالحرص المدروس على تهيئة المجتمع العماني بالتعليم والممارسة الديمقراطية التي تتجلى صورها البهيّة في انتخابات مجلس الشورى والمجالس البلدية، بجانب تراكم الخبرات الجماعيّة لاستيعاب المزيد من منهج التنمية الخلاقة الذي يضمن الوصول إلى أفضل النتائج على المدى الطويل، فالتغيير هنا يأتي استجابةً لحاجة تنبع من رحم المجتمع ضمن مرجعيته وخصوصيّته العربية والإسلامية والإرث الحضاري العماني، وينطلق من رؤية مستقبليّة تضع نصب عينيها دائمًا تقدّم الوطن وخير مواطنيه.

إنّه مسلك ونهج للتنمية الخلاقة يتضمّن بذل الفكر والروح والعمل الوطني لتجاوز معوّقات الحاضر، واستشراف المستقبل المنشود مع الحفاظ على الثوابت الوطنيّة.
إنّ الإنجازات أكثر من أن تعد وتحصى وما يعنينا بشكل أساسي هو بناء الإنسان الإيجابي، والمستنير، والمحصن ضد الصدمات والمؤامرات - الإنسان الهاني اليوم يشرب من مناهل العلم منذ نعومة أظفاره وحتى داخل الجامعات واكتساب المهارات والعلوم المفيدة كل في مجاله وتخصصه.

لا يخفى على أحد أننا نعيش تحديات جديدة ومتجددة،وهذا أمر طبيعي تفترضه طبيعة المرحلةوسنّة الحياة المتدفقة والمتغيرات؛فقط علينا أن نكون أكثر استعدادًا وأمضى عزيمة لمواجهتها، وخاصة المتعلقة بانخفاض أسعار النفط ومفهوم التنويع الاقتصادي وغيرها من التحديات.
ونحن إذ نحتفل بيوم النهضة المباركة فإنّنا نُجدّد العهد والولاء لباني نهضة عمان الحديثة، وسنبذل كل ما في وسعنا لتمضي السفينة العمانية القاصدة نحو بر الأمان لاسيما في عالم تزداد أمواجه وعواصفه العاتية ويضطرب بالفتن ويمور بالحروب والأزمات.. حفظ الله عمان وقيادتها الحكيمة.. وكلل مساعي الوطن بالنجاح والفلاح.

 

تعليق عبر الفيس بوك