أبومسلم البهلاني وأدعيته المأثورة في "الكنوز الصمدية والتوسل بالمعاجز المحمديّة"

مسقط - فهد السعدي

يركز كتاب الكنوز الصمدية في التوسل بالمعاجز المحمديّة على التوسّل بمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلّم، والكتاب من تأليف أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديّم البهلاني، وهو قاض فقيه، ومتكلم أديب، وسياسي مصلح، وشاعر بليغ. ولد سنة 1277هـ في بلدة محرم من وادي بني رواحة التابع لولاية سمائل. وتلقى العلم في بلدته محرم، فتعلم القرآن الكريم، وتردد على الشيخ محمد بن سليم الرواحي لتعلم العربية، كما كان لوالده دور في ثقافته وتحصيله العلمي، ويذكر أنه كان عصاميّا في تعلمه، واعتمد على نفسه في تحصيل كثير من العلوم.

وانتقل إلى الشرق الإفريقي مع والده سنة 1295هـ/ 1878م، وبقي بها خمس سنين إلى سنة 1300هـ/ 1883م، ثم رجع إلى عمان، ومكث فيها إلى سنة 1305هـ/ 1888م، حيث بقي في الله زنجبار إلى أن توفي، ولم يخرج منها سوى مرة واحدة إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج سنة 1308هـ/ 1891م. وفي زنجبار تتلمذ عليه جماعة، منهم ابنه مهنا بن ناصر بن سالم البهلاني، وابن أخيه سالم بن سليمان بن سالم البهلاني، وسالم بن محمد الرواحي، وغيرهم. وله العديد من الآثار العلمية والأدبية، منها: نثار الجوهر في علم الشرع الأزهر، والعقيدة الوهبية، والكثير من القصائد الشعريّة، وغيرها كثير. توفي 1 من صفر 1339هـ.

ويشتمل الكتاب على أدعية يتوسّل فيها أبو مسلم بمعجزات الرسول صلى عليه وسلم، وقد صاغه بعبارة أدبيةٍ، متتبعاً المعاجز المحمدية ـ كما أسماها ـ بل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مبتداها إلى منتهاها، منوِّهاً بمناقبه ومكارمه وخصاله الطاهرة، مع أدعية وأذكار شريفة تتخلّل كلّ ذلك.

وضمّن أبو مسلم كتابه قصيدةً لاميّةً له في مولد النبيّ صلى الله عليه وسلّم، والتوسّل به، تقع في تسعةٍ وثمانين بيتًا، أوّلها:

بلغ المدى سفرٌ من الآزالِ***بمواكب التعظيم والإجلالِ

حلّ المسافر بعد أحقابٍ خلتْ***من سيره سبقت على جبرالِ

في طوره بشرًا ليكمل أمره***وتكون عنه مراتب الإكمالِ

بعد السُّرى بمجامع القدس التي***طابت به في الحلّ والترحالِ

بدأ المسير ولات سدرة منتهى***بل قبل خلق العرش بالإجمالِ

يقول في آخرها:

ألْفِتْ حبيب الله نحو مطالبي***نظر الرحيم ورأفة المفضالِ

واسألْ لي الغفران من ربّي فقد***أذنبتُ في الأفعال والأقوالِ

وانظر لأمّتك الضعيفة إنّها***أضحت مصيد الذئب والرئبالِ

دامت عليك صلاة ربّك والسلا***م مباركًا أبدًا وكلّ الآلِ

وقال الأديب سالم بن سليمان البهلاني عن كتاب عمّه المذكور: "وما هي إلا كنوزٌ جُمِعت من معاجزه عليه الصلاة والسلام من مبدأ نشأته المباركة إلى منتهاها ما أتى فيه بالعجب العُجاب من كلّ معنىً مستطاب، ولا غرو فهو -رحمه الله- المبرّز في هذا الشأن المولع بالحبّ المحمّدي حبًّا ملك عليه مشاعر الوجدان".

ويوجد للكتاب العديد من النسخ، منها نسخة بخطّ مؤلّفه في دار المخطوطات/سلطنة عمان؛ برقم (2477)، وتاريخ النسخ 20 ذي الحجة 1336هـ، وتقع في تسعةٍ وخمسين صفحة. كما توجد نسخة أخرى بخطّ: صالح بن علي الخلاسي؛ بتأريخ 2 ربيع الأول 1334هـ، وعلى هذا يكون تأريخ تأليف أبي مسلم للكتاب قبل هذا التاريخ الأخير، وتوجد نسخةٌ ثالثةٌ في مكتبة السيّد محمد بن أحمد؛ برقم (840)، وهي بخطّ سالم بن سليمان البهلاني الذي انتهى من عرضها على نسخة المؤلِّف يوم 25 شوال 1367هـ، ولكن بينها وبين النسخة الأولى التي بخطّ المؤلِّف اختلاف؛ إذ النسخة الأولى أتمّ وأشمل، بينما هذه فيها اختصارٌ في العبارات، واختلافٌ في بعض الألفاظ، وتخلو من عددٍ من النصوص الواردة في الأولى، فلعلّها كانت منسوخةً عن نسخةٍ أوّليّةٍ للمؤلِّف زاد عليها فيما بعد ونقّحها. وأشار إليه الشيخ سعيد بن ناصر الغيثي في كتابه (إيضاح التوحيد)، وسمّاه "المعجزات".

تعليق عبر الفيس بوك