" الصلاة والصلة" كتاب للمعقدي لمعالجة التهاون في أمر الفريضة

فهد بن علي السعدي

تزخر عمان بل والعالم الإسلامي بعلماء ومفرين لهم باع طويل في نشر العلم والمعرفة من خلال مؤلفاتهم،ونقدم اليوم كتابافي الصلاة، لمؤلِّفه أبي سعيد عمر بن علي بن عمر بن علي المعقدي، من فقهاء القرن السادس الهجري؛ من بلدة وبل من أعمال الرستاق. له العديد من الآثار العلميّة، منها: كتاب زهرة الأدب، ومسائل في كتب الأثر.

وكتاب الصلاة ألّفه مؤلِّفه لِما رأى من التفريط في الصلاة والتهاون بأمرها مع مكانتها وعظيم منزلتها، يقول المعقدي في مقدّمة كتابه: "فلمّا تصوّرتُ من أمر الدين ما تصوّرتُ، وتدبّرتُ من أمر العبادات ما تدبّرتُه، فلم أرَ في العبادات وسائر الطاعات أفضل ولا أجزل ولا أعظم إثمًا ولا أوقر أجرًا ولا أكثر ثوابًا وأشدّ عقابًا من الصلاة؛ إذ لم يتقرّب إلى الله بقربانٍ ولا بخدمة ولا طاعةٍ أفضل منها بعد معرفة الله تعالى وتوحيده ومعرفة نبيّه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم والتصديق بما جاء به عن الله عزّ وجلّ؛ إذ هي أوّل عابدةٍ وأفضل قربةٍ وأوجب خدمةٍ وطاعةٍ وأوّل حساب به العبد يحاسب وعليه يثاب ويعاقب، ومن أجله يكرم أو يعذب ... فمن أجل هذا بعثني على إحيائها لمّا رأيت اضمحلالها مع ذهاب فرعها وأصلها والتفريط فيها والاستخفاف والتهاون بأمرها جعلت لها حظًّا من عبادتي ورفعة من التقى وتصنيفي ... وإن كانت الصلاة لا يمكن استيعابها، ولا يقدر على تقدير ثوابها ولا ما يقام بواجباتها وتأدية مفترضاتها ... غير أنّي سأذكر من كلّ شيءٍ منها ما حضرني ذكره مع ما بلغه وسع طاقتي مع اعترافي بقلّة بصيرتي وضعف درايتي من ذكر فضائلها وذكر ما جاء فيها من المحافظة لها والحثّ عليها والاجتهاد لأول أوقاتها وذكر ما جاء فيها وما لا يقوم ويصلح إلا به من قولٍ وعملٍ واعتقادٍ ونيّةٍ وذكر أسمائها واشتقاقها وذكر أوقاتها وكيف كان سبب صلاتها وبدوّ فرض نزولها وأوّل كلّ صلاة صلاها من الأنبياء وغيرهم وغير ذلك ممّا يتعلّق بها ويجري مجراها وهو ادخلٌ في معناها وسأذكر كلّ شيءٍ من ذلك في موضعه إن شاء الله".

ألّف المعقدي كتابه في الأساس لمعالجة موضوع الصلاة، ولكنّه أضاف إليه شيئًا من الآداب والمواعظ والأمثال والأدعية، والنيّات، وخلق الإنسان وتقلّب أحواله، وذكر النساء وما لهنّ وما عليهنّ، والنكاح، والإخلاص، والرياء، والعُجب، وما يحبط به العمل، يقول المعقدي في مقدّمة كتابه: "وقد أضفتُ إليها من فضل صلاة الجماعة وصلاة الضحى وفي شيءٍ من الآداب والمواعظ والأمثال والأدعية وذكر شيءٍ في الدنيا وبدوّ خلقها واشتقاقها وما جاء فيها من الذمّ لها وذمّ من وثق بها ... كثرة خلفها وغدرها ومواعيدها وذكر الاستعانة عليها بما يزهد المغترّ بها المحبّ لها ... وذكر ما يتعلّق به إلى درجة الأبدال وذكر شيءٍ من النيّات وذكر خلق الإنسان وتقلّب أحواله من درجةٍ إلى درجةٍ وذكر شيءٍ من السلالة والنطفة والرحم والجماع وذكر شيءٍ من السلالة وذكر ما يستعان به عليه من الأدوية لمن احتاج إلى ذلك وذكر شيء من النساء وما لهنّ وما عليهنّ والمحمود منهنّ والمذمومة وذكر شيءٍ في النكاح، وذكر شيء في إخلاص العمل لله وذكر شيءٍ من الرياء والإعجاب وذكر ما يحبط العمل وغير ذلك من الروايات والأخبار التي تستحسن داخلة في هذا المعنى من كلّ شيءٍ بنفسه، وجعلت على ذلك برهانًا وإيضاحًا وتبيانًا".

وقد رتّب المعقدي أبواب كتابه كالتالي، حيث بدأ بموضوع خلق السماوات والأرض والإنسان، ثم تحدث عن التوحيد، وشيء من النيات، ثم دخل في الصلاة والمحافظة عليها، وفصّل الحديث في مسائل الصلاة، وختم كتابه بالحديث عن الإخلاص وشيء من المواعظ، والنكاح.

وأمّا منهج المؤلِّف في كتابه فقد صرّح عنه في مقدّمته حيث يقول: "واستعملتُ فيه الإيجاز والاختصار، واعتمدتُ في ذلك على حذف الأسانيد، وشرح الأخبار" التي من القرآن والسنّة، كما اعتمد إيضاح الآثار، ومنها ما أثّره بنفسه على ما أداه إليه نظره، وجعل كتابه -كما يقول- في فصولٍ وأبواب، ومسائل وآداب.

اعتمد المؤلِّف في تأليف كتابه على كتب الروايات والأخبار، وكتب الفقه والأثر، ولكنّه لم يصرّح بواحدٍ منها، وبعد التتبع تبيّن أنّ من أهمّ المراجع التي اعتمدها: كتاب الضياء للعوتبي.

توجد نسخة منه بمكتبة السيد محمد بن أحمد في السيب؛ برقم (907)، تقع في 222 صفحة.

ويذكر الشيخ سيف البطاشي أنّ النسخة المذكورة كأنها الجزء الأول من الكتاب، وأنّه يقع في عدّة أجزاء، والذي يترجّح لي أنّ الكتاب إنّما هو جزءٌ واحدٌ فقط؛ لأنّه نصّ في مقدّمة كتابه على أنّ موضوع كتابه هو الصلاة مع ما أضافه إليه من جزئياتٍ أخرى، وقد أتى عليها جميعًا في الجزء المذكور.

تعليق عبر الفيس بوك