استراتيجيات رمضانية(24)

استراتيجية الإحساس بالمساكين

سالم بن سعيد البوسعيدي

أنت على ظهر سفينة حين يعترضها موج أو إعصار يجب أن تساهم مع طاقمها في إنقاذها يقول عليه الصلاة والسلام: ((مَثَلُ القَائِم في حُدُودِ اللَّه والْوَاقِع فيها، كَمثل قَومٍ اسْتَهَموا على سَفِينَةٍ فَأَصابَ بَعْضُهم أعْلاهَا، وبعضُهم أَسْفلَهَا ـ فكان الذين في أَسفلها إذا استَقَوْا من الماء مَرُّوا على مَنْ فَوقَهمْ، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا في نَصِيبِنَا خَرقا ولَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنا؟ فإن تَرَكُوهُمْ وما أَرَادوا هَلَكوا وهلكوا جَميعا، وإنْ أخذُوا على أيديِهِمْ نَجَوْا ونَجَوْا جَميعا ))

لا بد إذن من التعاون وإلا غرقت السفينة فإذا علمت قيمة الإصلاح علمت أن في طليعته الإصلاح الاجتماعي خاصة في السفينة الرمضانية وأي سفينة لا تبحر ولا تنجو إلا بتعاون أهلها فالإسلام يُريد من خلال السفينة الرمضانية أن يخلق مجتمعًا اجتماعيًا مثاليًا خاليًا من عيوب المجتمع الأنانية والكراهية والاستغلال والغيبة والنميمة والكذب والزور رمضان الذي تتحقق فيه معاني الإنسانية وتكون المساواة بين الناس..

فلا يجوع واحد ويتخم الآخر، بل يشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع، غنيّهم وفقيرهم،

ليحس الغني بألم الجوع، ليذكره من بعد إذا جاءه من يقول له : أنا جوعان، ويعرف الفقير نعمة الله عليه، حين يعلم أن الغني يشتهي على غناه رغيفاً من الخبز أو كأساً من الماء، ويعلم الجميع حين يجلسون إلى مائدة الإفطار أن الجوع يسوّي بين المطاعم كلها، وليس الذي يطيب الطعام غلاء ثمنه، ولا جودة صنعه، ولا حسن مائدته، ولكن الجوع الذي يشهّيه، والصحة التي تهضمه، وأرخص طعام مع الصحة والجوع ألذّ من موائد الملوك لمن كان مريضاً أو شبعان.

أمتُنَا تتفردُ بعباداتٍ تربط قاصيها بدانيها لتذكر الجميع بتوحدهم مع كلِّ توجهٍ نحو الإله الواحد والقِبلَة الواحدة والشعائر الواحدة، وحتى وحدة الإمساك عن الشهوات المباحة والعودة لها، فيتحول مبدأ الوحدة من فعلٍ سياسي محكوم بالمصالح والنفعية إلى قاعدةٍ يفرضها الإسلام فرضًا، ويعتبرها جزءًا أساسيًّا في حياة المجتمع الإسلامي لا تساهل فيه، إنه يعتبر الوحدة قرينَ الإيمان ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ كما يعتبر الخلاف والفرقة قرين الكفر، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِين} أي تعودون بعد وحدتكم متفرقين.

وهذا الشهر، يمثل جامعة روحية، توحد مشاعر المسلمين، وتجمع قلوبهم، منيبة، مخلصة لله وحده، بالطاعات والحسنات، وتمنعهم ـ جميعاً ـ في أوقات مماثلة، عن رغبات البطن والجنس، منذ بزوغ الفجر حتى المغرب، ثم تسمح باستعادة حياتهم السابقة، والاستجابة لحاجات الجسد... وتشجيعهم على الانطلاق، للتنافس في خير، والتسابق إلى المعروف، والبِّر بالوالدين، وصلة الأرحام، وتفقد الجيران والأخوان، وإعانة الضعيف، والإنفاق على الفقير، وتوفير الحقوق، والتواصل، والتحابب، والتواد...

استراتيجية الإحساس بالمساكين

üلم لا تجعل لك مقدارا من الصدقة تعاهد نفسك على أن تخرجها كل ليلة وتداوم عليها؟

üثم أيضاً تنوعها فتارة مالاً وتارة طعاماً وليلة ثالثة لباساً وليلة رابعة فاكهة أو حلوى؟

üلم لا تتحسس بيوت المساكين والفقراء بنفسك لتوصلها إليهم وأنصحك أيضاً بألا يعلم عن هذا العمل أحد غيرك فإنك بحاجة إلى عمل السر بينك وبين الله فكم من الأجر العظيم ينالك بهذا الفعل ولا يخفى عليك أن من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله "رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه

üالساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله " فهل تفعل ذلك وتحرص على هذه العبادة العظيمة في السر بينك وبين الله؟.

salem2226@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك