الحسد من أمراض النفوس لا يسلم منه إلا القليلون وعلاجه التقوى والصبر

جمعة بن خلفان البطراني

أخي الصائم ؛ اعلم هداني الله وإياك أن الحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها، بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط، وهو نوعان:أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقاً فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضاً في قلبه، ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها، والنوع الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسداً في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال:(لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق) وفي رواية (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار فسمعه رجل فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: يا ليتني أوتيت ما أوتي هذا فعملت فيه ما يعمل هذا)، فهذا الحسد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في موضعين هو الذي سماه أولئك الغبطة، وهو أن يحب مثل حال الغير ويكره أن يفضل عليه،وقد يشكل هنا تسميته حسداً ما دام همه أن ينعم الله عليه بمثل ما أنعم على صاحبه؟ فيقال: مبدأ هذا الحب هو نظره إلى إنعامه على الغير وكراهيته أن يفضل عليه،ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك، فذلك كان حسداً لأنه كراهة تتبعها محبة. وأما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس فهذا ليس عنده من الحسد شيء. ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثانيوالعياذ بالله فعليك أخي المسلم- بارك الله فيك - أن تحذر منه.

حكم الحسد :

أخي الصائم: يامن تنعم بنعم مولاك سبحانه وأنت ترفل هذه الأيام في هذا الشهر الكريم شهر رمضان، تذكَّر أنّالحسد مرض من أمراض النفوس وهو مرض غالبٌ فلا يخلص منه إلا القليل من الناس؛ ولهذا قيل: ما خلا جسد من حسد، لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه، والحسد ذميم قبيح حيث إنّ الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من شر الحاسد كما أمر بالاستعاذة من شر الشيطان يقول سبحانه (ومن شر حاسد إذا حسد) وناهيك بحال ذلك شراً، فبالحسد لُعن إبليس- لعنه الله - وجُعل شيطاناً رجيماً، ومن أجل أن الحسد بهذه الدرجة ورد فيه تشديد عظيم حتى قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) ، وإن قوي ذلك الحسد فيك حتى بعثك على إظهاره بقول أو فعل بحيث يُعرف ذلك من ظاهرك بأفعالك الاختيارية فأنت حسود عاص أما الفعل فهو غيبة وكذب وهو عمل صادر عن الحسد وليس هو عين الحسد ويجب التخليعن الأسباب التي توصل إلى الحسد،واعلم أخي الصائم - عافاك الله- بأن الحسد هو أول ذنب عُصي الله به في السماء يعني حسد إبليس- لعنه الله- لآدم -عليه السلام - وهو أول ذنب عُصي الله به في الأرض وذلك عندما حسد أبن آدم لأخيه حتى قتله ،فعليك أخي المسلم أن تبعد نفسك عن ذلك كله وأن تحارب الشيطان الذي يؤجج نار الفتنة والحسد بين الناس.

عالج نفسك من الحسد:

أخي الصائم إن أردت أن تدفع عن نفسك الحسد فعليك بما يلي :

1- التقوى والصبر: فمن وجد في نفسه حسداً لغيره فليستعمل معه الصبر والتقوى فيكره ذلكفي نفسه.

2- قمع أسباب الحسد: فأما الدواء المفصَّل فهو تتبع أسباب الحسد من الكبر وغيره وعزة النفس وشدة الحرص على مالا يغني.

3 -أن تعلم بأن الحاسد معترض على قدر الله الذي قدره عليه، ومن كان هذا حاله فهو خاسر في الآخرة والعياذ بالله إلا أن يتوب.

4- الإخلاص في توجهه لله .

5-قراءة القرآن وتدبره.

تعليق عبر الفيس بوك