رقائق(19)

عبدالله الحجي

الخاتمة خاتمتان: حسنة أو سيئة، والأعمال بالخواتيم، فكل من فارق الدنيا إنما فارقها بإحدى حالتين، إمّا حالة السعداء حيث حسن الخاتمة، ختم الله حياته بخير، فوفد إلى ربه سليما معافى، وإما أن تكون حالة الأشقياء التعساء - والعياذ بالله - حيث سوء الخاتمة، ختم الله حياته بشر ينوء بحمله (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)(الشعراء: ٨٨ - ٨٩).

والأجدر بمن تتوق نفسه إلى نيل رضوان الله تعالى ألا يفتر لسانه عن الدعاء: اللهم إني أسالك حسن الخاتمة، وأعوذ بك من سوء الخاتمة. فحسن الخاتمة قنطرة لحسن العاقبة.

وليجهد المرء نفسه حتى ينال حسن الخاتمة، فمن عاش على شيء مات عليه، فمن دأبه الصلاة والصيام، والبر والإحسان، يوجد حيث أمره الله، ويُفقد حيثما نهاه؛ وفقه المولى لحسن الخاتمة، فـــــــــ (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)(الرحمن: ٦٠). وليظن العبد بمولاه ظنا حسنا، يتزلف إليه بصنوف القربات؛ ويظن ظنا حسنا أنه ستناله أجدى الهبات.

وأمّا من عاش مبارزا للرحمن، متبعا لخطوات الشيطان، أعمى بصيرته عن كل قول نافع، متَّبعا لهواه، مغترا بدنياه، لا يلوي على شيء إلا على ما يجلب له شهواته، ويحقق مآربه ونزواته، وإن كان في ذلكانتهاك للحرمات، واقتراف للمنكرات، فكيف تكون خاتمته؟ وما عسى أن يكون حاله عند الغرغرة؟ فكم راحل من هذه الدنيا متلطخ بأوحال معاصيه، لم يمهله القدر حتى يراجع نفسه، ويحاسبها على ما أسلفت مما اقترفت، فويل لكل منتهك أثيم.

الموتُ بابٌ وكلُّ الناسِ داخلِه *** فليتَ شعريَ بعد الموتِ ما الدارُ

الدارُ جنةُ عدنٍ إن عملتَ بما *** يُرضي الإلهَ وإنْ خالفتَ فالنارُ

تعليق عبر الفيس بوك