العزري: تحقيق التكافل الاجتماعي وتطهير النفوس من البخل وإثرة المال .. من حكمة مشروعية الزكاة

 

الرؤية - مالك الهدابي

تصوير/ زكريا العامري

قال فضيلة الشيخ ناصر بن يوسف العزري أمين الفتوى ومدير دائرة الفتوى بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية أنّ المسلم الحق عندما يتبين حكمة مشروعية الزكاة والمقصد الشرعي منها، فإنه سيزيل الكثير من العوائق والعراقيل في سبيل إخراجها وإعطائها للفقير، مضيفا انه لا بد أولا من تبيين نظرة الإسلام إلى الزكاة ومقصدها الشرعي. حيث إنه من المعلوم أن الفقر آفة خطيرة وآثاره واضحة للعيان يدل عليه الواقع وتشهد به القضايا، وأنّ انتشاره بين الناس يؤدي إلى الانحراف والسلوكيات الاجتماعية الخطيرة من السرقة والنهب والظلم وفقدان الأمن، لذا كان من الأولويات التي سعى إليها الإسلام تبيان خطورة الفقر وبيان أثر الزكاة في النفوس والمجتمعات كما يدل على ذلك كثير من النصوص الشرعية في كتاب الله عز وجل وفي سنّة نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم.

وتابع العزري: لقد أوضح القرآن الكريم أهمية المال وأثره على النفوس وتلك المحبة التي طبع عليها كل إنسان، في قوله تعالى: "وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا"وقوله تعالى "وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ" ولخوف أن تطغي هذه المحبة على الإنسان فتنسيه حب الله وتبعده على أداء ما عليه من واجبات جعل في المال حقوقًا كثيرة ومنها الزكاة حيث إن إيتاء الزكاة إزالة لهذه الأثرة وبعدًا عن مواطن الريب والغفلة يقول المولى عز وجل: "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا"(3).

واستطرد: إنّ كثرة المال وتزاحمه بيد الإنسان وتكاثره يزيد من جانب القدرة والقوة في قلبه فيسعى إلى تحصيله بأي قوة دون النظر إلى الطرق والوسائل الممكنة في تحصليه فلا فرق بين أن يصل إلى يديه عن طريق الحلال أو الحرام فحتى تصرف النفس عن هذا الأمر جعل في المال حق الزكاة على الإنسان ليصل به إلى رضوان الله وليصرفه عن الذات والمتع المشغلة التي لا آخر لها.

وقال: إنّ التواصل بين الناس أمر محمود به تقوم المجتمعات وعليه يصلح أمرهم وتقوى شوكتهم ويعم الخير فيهم والمال أهم الروافد في هذا السبيل فهو يحبب بين الناس ويصل بين قلوبهم ويقطع الحقد والحسد وتحصل به المودة والألفة لهذا فرضت الزكاة بغيّة الوصول إلى هذا الأمر.

وأضاف: إنّ الغنى نعمة من نعم الله تعالى الواسعة فلا بد للإنسان أن يشكر الله على هذه النعمة وشكرها بإخراج ما أمر الله فيها من حقوق ومن حقوقها أداء الزكاة، كما إنّ الغني بمثابة خازن على المال مؤتمن عليه والمال مال الله عز وجل فلا بد أن يوصل جزء من المال إلى غيره من الفقراء وهذا الجزء يدخل فيه الزكاة إذ أمر الله بإخراجها.

واختتم: إنّ الحكمة من خلق المال الانتفاع به وصرفه في الحاجات مما يؤدي إلى استهلاكه فلا بد من تنميته للحفاظ على جريانه ويدخل في معنى التنمية الزكاة إذ بإخراجه يُلجأ المرء إلى طرق تنميته، وبالنظر في هذا المعنى اللطيف نجد الارتباط الوثيق بين جزيئات العبادة فالله حين أمر بإخراج الزكاة أمر بالعمل على تنميتها ولذلك كان من مدلول الزكاة اللفظي النماء بغية تثمير الزكاة وتنميتها ومشاركة الناس بعضهم البعض في الاقتصاد الإسلامي فهذا الانسجام التام إذا وعاه الإنسان المسلم بجميع حيثياته استطاع أن يخلق مجتمعًا إسلاميًا اقتصاديًا قويًا وهو ما يريده الإسلام من أتباعه لذلك يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "إلا من ولي يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة).

 

 

(3)

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة