العمل التطوعي وأهميته ( 1-2)

التطوع بذل الخير بدون مقابل ..ومشروعيته مثبتة بالكتاب والسنة والإجماع

  • العمل التطوعي ينشر الألفة والتعاون على الخير والبر بعيداً عن الفردية والأنانية والسلبية


جمعة بن خلفان البطراني

مهما تعاظمت موارد الدول وقدراتها الاقتصادية فهي لن تستطع وحدها أن تلبى طموحات شعوبها وترتقي بكيانها في غمار تلك التحديات الدولية المتزايدة ، الأمر الذي يشير إلى أهمية العمل التطوعي ودوره الفعال فى تحقيق الأهداف التنموية والنهوض بالأمة الإسلامية. وإزاء ذلك وفي محاولة منّا لبيان أهميّة العمل التطوعي في الإسلام وخاصة ونحن نعيش أيام ونفحات هذا الشهر الكريم شهر رمضان شهر العمل والبر شهر التطوع، يتعيّن علينا بيان المقصود بالعمل التطوعي، وبيان أهميّته في تحقيق الأهداف التنموية المختلفة، وحتمية تفعيل دور التطوع .

المقصود بالعمل التطوعي:

التطوع لغة: لاَنَ وتَنَفَّلَ، أي تَكَلَّفَ الطاعة. يقال : قام بالعبادة طائعاً مختاراً دون أن تكون فرضا لله (1). وفي التنزيل الحكيم: ( فمن تطوع خيراً فهو خير له) (سورة البقرة/ آية 184).

ولقد أورد الفقهاء مسألة العمل التطوعي ضمن مسائل الهبة في باب المعاملات، حيث إن العمل التطوعي من عقود التبرعات التي تفيد تمليك العين بلا عوض، ولذا اعتبر ضمن عقود الهبة، مع أنّ لفظ التطوع أشمل بحيث يضم مفردات الهبة، إلا أنّ الفقهاء لم يذكروا التطوّع كنوع من أنواع العقود لما بينهما من اتصال في المعنى وبالتالي يمكن تعريف العمل التطوعي في الاصطلاح بأنه: البذل للخير بدون مقابل. وبهذا المعنى ثبتت مشروعية العمل التطوعي في الكتاب والسنة والإجماع.

أمّا الكتاب: فيقول الله تعالى: (ومن تطـوع خيراً فإن الله شاكر عليم) (سورة البقرة/ آية 158).

أي فمن أتى بشيء من النوافل فإنّ الله يشكره، وشكر الله للعبد إثابته على الطاعة.

وأما السنة: فقد وردت أحاديث كثيرة تدل على مشروعية العمل التطوعي منها:-

ما روى عن أبى موسى الأشعرى أنّ النبى - صلى الله عليه وسلم- قال: "على كل مسلم صدقة "قيل أرأيت إن لم يجد؟ قال: " يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق " قال: قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف "قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير " قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: "يمسك عن الشر فإنّها صدقه".

وروى عن همام بن مُنَبِّه. قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر أحاديث منها. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة " والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة". فالتطوع من باب التصدق ونشر الألفة بين الناس والتعاون على الخير والبر بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية. أما الإجماع، فقد انعقد على استحباب العمـل التطوعي باعتباره نوع من أنواع الهبة التي تَعَامَل بها الناس من زمن المصطفى - صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا. يقول الله سبحانه: ( وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (سورة المائدة / آية 2). وبديهي أن العمل التطوعي سبب للتعاون ونشر الخير والمودة بين الناس.

ما هو العمل الطوعي؟

العمل الطوعي هو عمل حر نقوم به بكامل رغبتنا ومن دون إكراه، وذلك لتطوير أنفسنا وتطوير مجتمعاتنا. وهو عمل نقوم به لأسباب تتجاوز الربح المادي. فالعمل التطوعي هو ذلك الجهد أو الوقت أو المال الذي يبذله الإنسان بصفة اختيارية في خدمة مجتمعه دون انتظار عائد مادي والهدف منه هو تطوير المجتمع بصورة فردية أو جماعية، ويقوم بصفة رئيسية على الرغبة والدافع الذاتي. ويمكن تعريف العمل الأهلي التطوعي بأنّه: ممارسة إنسانية وسلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه وإرادة، ولا يبغي منه أي مردود مادي. ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية، وغايته لا تقتصر فقط على المساعدات المادية، بل يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلك من الأمور الاجتماعية التي تهم الإنسان بصورة عامة، كالحفاظ على البيئة والاهتمام بالثقافة والتعليم والصحة ورفع مستوى المواطنين مادياً ومعنوياً ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.

من هو المتطوع؟

المتطوع هو كل من يعطي من وقته (أو بعضاً من وقته)، خبراته، مهاراته، ليقوم بعمل يفيد تطوير المجتمع المحلي أو العالمي ، كما أن المتطوع هو شخص يعطي أكثر مما يأخذ، ويمكن الاستفادة من خبرات ومهارات المتطوع على الصعيدين الشخصي والإنساني، فالتطوع يزيد من القدرات التنظيمية والإدارية، ويطور مهارات التواصل مع الآخرين.

وللموضوع بقيّة..


تعليق عبر الفيس بوك