أيّها العرب.. العودة إلى الأصل فضيلة

حمد بن سالم العلوي

أيّها العرب لقد مضى عليكم دهر بل دهور، وأنتم تتعاملون مع بعضكم البعض بالمكر والغدر والدهاء، وأنتم جميعاً تفعلون ذلك إلا ما رحم ربيِّ، فماذا جنيتم غير التخلّف والقهر والخسران، أنظروا إلى العالم من حولكم كيف يتقدم، ويُبني اقتصاديات ضخمة، وصناعات متنوعة، تفي بكل احتياجاتهم الوطنيّة، وليس ذلك فحسب بل لديهم المقدرة على التصدير، فالعرب قاطبة ماذا أنتجتم بالله عليكم، إلا بعض الحمضيات من بلاد الشام، وهذه خلقة ربّ العالمين، ومع ذلك لا تجد طريقها إلى كل بلاد العرب، وذلك بسبب الحروب والتهاوش بين الأخوة الأعداء، فلولا أخشى أنّ يقال إنني داعشي، فهم الذين يبدأون الكذب على الله بحلف الإيمان الغليظة قبل بداية أحاديث للتضليل، لأقسمت بالله إنّ النفط ليس صناعتكم، وإلى اليوم لا تستطيعون أن تصنعوا المحبس الذي يفتح على بواخر النقل، هذا من حيث المبدأ، أمّا من حيث الاعتماد عليه كاقتصاد وطني، فهو ليس كذلك، لأنه إن لم تتوافر له عوامل كثيرة، فلن يظل يدر على الخزينة ما لا يشبع البطون، فما تعيشه الدول العربية النفطية مجرد حلم، وقد ينتهي بكابوس مرعب في أية لحظة من اللحظات.

إذن لا بد من العودة إلى الأصل، وهو الاعتراف بالواقع المُرّْ، ومن ثم العمل على تصحيحه بما يتناسب والعصر الراهن، افيقوا من غفلتكم.. وأول شيء تعملوه، أوقفوا الحروب والدسائس على بعضكم البعض، أنظروا إلى الواقع كما هو وليس كما تريدوه، بأنكم لديكم مال النفط الزائل، كزواله بالاحتراق، وخذوا العبرة من الدول المتقدمة، واقتدوا بها.

إن العودة إلى الأصل تفضي إلى كتاب الله، وسنة نبيه المرسل، وأقصد محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم) الذي لا نبيٌّ بعده، ولا ولد يرثه أو يخلفه، فتلك حكمة ربانية عظيمة، حتى لا أحد يزعم (باطلا) إنه سليل محمد خاتم الأنبياء المرسلين، والعرب ينتسبون إلى الأبناء الذكور، وليس إلى البنات، ونكتفي بهذه المعلومة القاطعة الجازمة، وأما من حيث العقيدة والسلوك فإن القواعد القرآنية تقول: (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) النساء (86) وأيضا قال تعالى:(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فصلت (34) وقال تعالى كذلك:(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران (159) أليس هذا الدستور الذي يجب أن يتبع، وهو المنهج القويم الذي يفرض علينا فهمه، والتمسك بأهدابه، وعدم النظر إلى أراء البشر، وخاصة عندما لا تتوافق ونهجه السليم المستقيم.

إذن عندما نعود للأصل فإننا سنجد الحلول سهلة وممكنة، وذلك بتوفر النوايا الصافية الحسنة، فعلى سبيل المثال، العراق وليبيا دولتان غنيتان، ووضعهما يُحل بالبصيرة والحكمة، فقط يُنتزع فتيل الفتنة الدينية والمذهبية، وتكفير البعض للبعض الآخر، فيُعقد صلح عربي بين الشعوب مع بعضها بعضا، على أن يجري الصلح العرب أنفسهم دون تدخل الغرباء، ولكن من قبِل دول عربية لم تكن قد تدخلت في الشأن الداخلي لأي من البلدين، أمّا بالنسبة لسوريا فيوقف التدخل الخارجي، ويمنع السلاح عن الناس المؤتمرين بأمر الخارج، ويستعيد كل بلد مُقاتليه، والاعتراف بأنكم من ألفتم أكذوبة، إن النظام يقتل شعبه، وهو الذي لم يقتله قبل انبلاج الخريف العربي، وكلنا كنُّا نعلمُ التضييق الأمني الذي تنتهجه سوريا على شعبها، ولكن معظم الدول العربية تفعل ذلك، وليست سوريا وحدها.

أما اليمن فقد كانت تحتاج إلى مشاريع إنمائية، دونما نظر إلى الدِّين والمذهب، فكلهم يمنيون في وطن واحد، ولا يمكن إقصاء فئة بسبب توجهها العقائدي، أو الديني أو المذهبي، وهم أناس لهم نفس الرَّب الذي يعبده غيرهم من البشر، وهو الكفيل بمحاسبتهم إن هم قصروا في حق عبادته، أمّا سياسة القهر أو الإكراه على التبعية، فليس هناك من شعب في الكون يقبل بذلك، واليمنيون إذا ما تحولوا إلى الزراعة فقط، فإن تصدير الفواكه والبن يكفي معيشتهم، دونما نظر إلى النفط الكامن تحت أرضهم، وقد يكون سبباً في شقوتهم الحالية. أمّا داعش المحروسة من الغرب، وبعلم البعض في المنطقة وإسنادهم وحمايتهم ضمن بقعة وسطية آمنة، وبيئة حاضنة رغدة، إنّما القصد من ذلك يهدف إلى تحقيق وخلق عدو وهمي للغرب، لتوفير الحجة لعودته عسكريا لاحتلال منابع النفط..

safeway-78@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك