"البرازيل" .. ماضٍ مشرق وحاضر مُقّلق!

بقلم: حسين بن علي الغافري

لم يُحْدِثّ سقوط البرازيل فجر الأمس أمام براغواي في دور الثمانية تلك صدمة الفاجعة والدموع الحزينة مثلما رأيناها بعد سُباعية ألمانيا في نصف نهائي كأس العالم الأخيرة، ولم يتعجّب البرازيليون خصوصاً وعامة محبي السامبا على وجه البسيطة من سقوط جديد يحدث في بطولة تُصنّف بعد بطولة كأس العالم وفي تنافس يُختصر على القارة الأمريكية الجنوبية فقط! .. ولا يمكن لهذا السقوط أن يُصنّف أيضاً بأنه جاء بسبب غياب أهم راقصي السامبا "نيمار"؛ إطلاقاً ليس كذلك، فمن اعتاد على البرازيل وسحرة البرازيل يعلم أنّ هذا المُنتخب ولاّد ولا يقف عند اسم مُعين ولا يرتبط نجاحه بتألق أحد نجومه؛ فالبرازيل مجموعة متراكبة ومترابطة تضم أجود المواهب وأطربها في مختلف المواقع. إذاً ماذا حدث؟! وأين برازيل الأمس؟! وهل لهذا السقوط تداعيات مستقبلية مُنتظرة؟!.

.. المُتابع لمُنتخب البرازيل قبل نهائيات كأس العالم يعلم أن بالأمر (حلقة فارغة) أحس بها كُل العالم -إن لم أبالغ- بأن المنتخب البرازيلي غير مهيأ بشكل كامل للتنافس والذهاب بعيداً في البطولة رغم وصوله إلى نصف النهائي. والسقوط الحُر بسباعية من المنتخب الألماني الرصين كشف العيوب واضحة لكل الشارع بأنّ هُناك ما سيمنع - مع التركيز على النظرة المستقبلية- نجاح المنتخب البرازيلي على المستوى البعيد خلال السنوات المُقبلة، وهو ما شاهدناه جلياً مرةً أخرى في بطولة كوبا أمريكا!. البرازيل فقدت بريقها وفوتها، ولم تعد ذلك البعبع المخيف، وإنما أصبحت مترنحة ومتخبطة وذلك لعدة أسباب منها ما هو واضح ومنها قد لا نعلمه ولا يبدو ظاهراً للعيان ولعل أبرز هذه الأسباب الواضحة تتركز في ثلاث محاور:

1- أسلوب اللعب: من تابع نجاحات المنتخب البرازيلي وتحقيقه لنتائج قوية وعروض ملفتة في خمسينات وسبعينات وتسعينيات القرن الماضي مروراً بنهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين يعلم جيداً بأن أسلوب وطريقة أداء السامبا اختلفت شكلاً ومضموناً مما عليه اليوم. البرازيل عُرفت بنمط لعب مختلف يدمج تطويع كُل مهارات النجوم البرازيلية في بوتقة واحدة ومنظومة منسجمة تتسم بالصلابة الدفاعية العالية والهجوم الضارب والمتعة المضمونة؛ ولذلك كانت المجموعة يغلب عليها إرهاق الخصوم والسرعة والمفاجأة والسيطرة على الكرة طيلة المباراة. وهو ما يغيب اليوم عن المُنتخب البرازيلي المتحفظ دفاعياً وذي الهوية المفقودة والشكل غير المستقر بين مباراة وأخرى، حتى أصبحت المنتخبات الأخرى تجاريه تارة وتتفوق عليه تارةً أًخرى!.

2- ضعف المواهب الحالية: بعد جيل رونالدو ورونالدينيو وكاكا وربرتو كارلوس ولوشيو وخوان وأدريانو والحارس ديدا والبقية .. أي بعد جيل عام 2006م في نهائيات كأس العالم بألمانيا، لم تعد الأسماء البرازيلية تجد الصيت والسمعة ضمن أفراد الجيل الحالي نظير خفوت -إن صح التعبير- في جودة المواهب. فلا يبرز حالياً سوى "نيمار" ذو الثلاثة وعشرين ربيعاً ليقود كتيبة عريقة كروياً بتاريخ يثقل كاهله!. وهنا لا أقلل أو انتقص من موهبة نيمار وإنما هو برهان واضح على عدم وجود أسماء برازيلية كالتي عُرِفت بها البرازيل على مر الأجيال.. فالجيل الحاضر يمر بمرحلة عجاف لم تضرب البرازيل سابقاً!.

3- ضبابية في عمل المنظومة ككل. مُنتخب البرازيل الأول ليس المعني الوحيد بالنتائج الهزيلة في الوقت الحاضر، فهناك ضعف كذلك في المنتخبات الأخرى التي أصابها الخلل، فمنتخب الشباب تحت 20 سنة خسر النهائي أمام صربيا منذ فترة قصيرة في نيوزلندا وهو الآخر لم يقدم الشكل المنتظر رغم الوصول إلى النهائي، الأمر مشابه لمنتخب السيدات في نهائيات كأس العالم الذي وصل إلى دور 16 بأداء متواضع ولم يسجل سوى أربعة أهداف من أصل ثلاث مباريات ولا يعطي تنبؤات بالذهاب بعيداً.

من هذا كُله، تظهر الانطباعات بأن تراجع أداء المنتخب الأول يحتاج إلى علاج طويل جدا يبدأ من نقطة الصفر لصناعة جيل يعيد للبرازيل اسمها ورونقها السابق، وحقيقة لست متفائلا بأن أرى الشكل البرازيلي يستعيد بريقه ولا توجد بوادر أصلاً لذلك .. على الأقل في الخمسة أعوام المقبلة!.

تعليق عبر الفيس بوك