وقفات11

 

بدر العبري

الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ

نأخذ اليوم ونحن على اعتاب منتصف شهر رمضان المبارك؛ نأخذ بعضا من صفات المؤمنين المتقين، والذين من أهم صفاتهم المواظبة على طاعة الله، واستمرارية العبادة بلا ضجر؛ خاصة وقد خرجوا من شهر القرآن والصيام، ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.ويبدأ الله تعالى في سورة المعارج بذكر أول صفات هؤلاء المتقين، قال تعالى:{الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}، أي لا ينقطعون عن صلاتهم بأي حال، يقيمونها بخشوع وإخلاص له سبحانه، يقيمونها في رمضان وبعد رمضان، ويركعون بها مع الراكعين، فيؤدونها مطمئنة نفوسهم، فهم ليسوا كالمنافقين، الذين {إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}.ومن صفات هؤلاء المؤمنين المتقين أيضا: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}، فالمؤمنون يشكرون الله على نعمة المال، ويخرجون حق الله تعالى فيه، فإن أكثروا من الصدقة في رمضان، إلا أنهم لا ينقطعون عن البذل بعد رمضان، لذا كان للسائل الذي يطلب من الناس المساعدة، والمحروم الذي يتعفف عن السؤال، كان لهؤلاء نصيب من مال المؤمن في رمضان وغير رمضان.ومن صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين أيضا: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}، أي يحفظون فروجهم عن الحرام، {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}، وهم يراقبوان الله في كل زمان ومكان، ويخافون أم ينتهكوا ما حرم الله، ويتجاوزوا حدود الله في رمضان وبعده.

والسؤال هنا: لماذا المؤمنون الصادقون لا ينقطعون عن العبادة بعد رمضان؟ الله تعالى يبين لنا لماذا لا ينقطعون عن العبادة بعد رمضان، وذلك لأنهم: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ، إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ}، فهم يخافون الله، ويخشون عذابه، ويدركون أنّ ملك الموت قد يأتيهم في كل لحظة، لذا يخافون أن تمر عليهم ساعة ولا يتوبون فيها إلى الله سبحانه وتعالى.من هنا يطمئن الله عباده المخلصين، والذين يرغبون ما عنده من الثواب، ويخافون ما أعده من عقاب، فيستمرون على الطاعة حتى يلقونه سبحانه، يبشرهم بقوله تعالى: {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ}، أي منعمون.فاستمروا عباد الله على طاعة الله تعالى، حتى تلقونه سبحانه، ولا تجعلوا ساعة تمر من وقتكم دون ذكره والاستغفار له سبحانه، لا إله إلا هو، لا شريك له جل جلاله.

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة