◄ الكلُّ مطالب بالتعاون على إحقاق الحق ونصرته ودفع الباطل
◄ معطيات الحضارة إن لم تخدم الوفاق والألفة فإنها تؤدي إلى الدمار
قال سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة، أنَّ شهرَ رمضان محطَّة لمحاسبة النفس والرجوع إلى الله تعالى، والتغلب على أهواء النفوس ومؤالفة الناس والقرب منهم والارتباط بهم حتى لا يبقى في النفوس شيئا من الضغائن والأحقاد التي تفصلهم بعضهم عن بعض.
وأضاف بأن السلف الصالح كانوا يعكفون في شهر رمضان على محاسبة النفس، ومراجعة الأعمال التي يعملونها، وكذلك تكييف الحياة بأسرها وفق توجيه الله سبحانه وتعالى، وكانوا من خلال عبادة الصيام يحرصون على قطع دابر الفساد بأسره.. وقال سماحته إنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبيِّن لنا أنَّ الصيام مدرسة أخلاقية يتدرَّب فيها الإنسان على الأخلاق الفاضلة.
حوار - أحمد الجرداني
◄ في البداية، أصْبَح للإعلام -خاصة في هذه الأيام- سلطة قوية، وله تأثير من خلال بث الأخبار ونقلها حول العام إن كان مرئيًّا أو مسموعًا أو مقروءًا، هل لكم من وقفة حول هذا؟
- الحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد. أمَّا بعد؛ الإعلام هو مسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى عن كل ما يقدِّمه، فإنْ أيَّ إنسان مسؤول عن كل كلمة يقولها كما جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في وصيته لمعاذ -رضى الله عنه- "ألا أدلك على ملاك هذا كله، احفظ عليك هذا" (أي لسانك)؛ فقال أئنا لمؤاخذون بما نقول يا رسول الله؟ فقال: "ثكلتك أمك، وهل يُكب الناس في النار على وجوههم -أو على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم".
فكلُّ واحد مسؤول عما يقول، وإن كان ما يقوله الإنسان في مجتمع محدود أو في إطار محدود يُسأل عنه يوم القيامة، فكيف بما يقوله وينتشر في أصقاع الأرض ويتناقله الناس، وكيف بما يكتب ويدون ويحفظ وينشر فيما بين الناس، فإن ذلك بما يسألون عنه يوم القيامة.
وعلى كل أحد ألا يروج لباطل وألا ينتصر لظالم وألا يقف ضد مظلوم، وعلى الكل أن يتعاون على إحقاق الحق ونصرته ودفع الباطل.
محاسبة النفس
◄ كيف كانت حال السلف الصالح في رمضان؟
- السلف الصالح كانوا يعكفون في شهر رمضان على محاسبة النفس، ومراجعة الأعمال التي يعملونها، وكذلك تكييف الحياة بأسرها وفق توجيه الله سبحانه وتعالى. وشهر رمضان محطة لمحاسبة النفس والرجوع إلى الله تعالى والتغلب على أهواء النفوس ومؤالفة الناس والقرب منهم والارتباط بهم حتى لا يبقى في النفوس شيء من الضغائن والأحقاد التي تفصل بعضهم عن بعض، وكانوا من خلال عبادة الصيام يحرصون على قطع دابر الفساد بأسره.
كما يُوحي القرآن الكريم بأن الصوم سببٌ للتقوى عندما يقول: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ".
والإنسان بصيامه يعتاد على تقوية إرادته ضد شهواته ورغباته، وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- يدلُّ على ذلك عندما يقول عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". ويقول أيضا: "لا صوم إلا بالكف عن محارم الله". ويبِّن صلى الله عليه وسلم أنَّ الصيام مدرسة أخلاقية يتدرَّب فيها الإنسان على الأخلاق الفاضلة؛ إذ يقول عليه الصلاة والسلام: "الصوم جنة، فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهد، فإن أحدا سابه أو قاتله فليقل إني صائم".
الوفاق والألفة
◄ علاقة الإنسان بجاره هذه الأيام يُوجد فيها بَوْن شاسع مع توسُّع المدنية بعد أن كان الجيران لُحمة واحدة يُساعد بعضهم بعضًا، وكانت أجواء رمضان لها معانٍ عظيمة. أما الآن فيكاد الجار لا يسأل عن جاره إلا من رحم، هل لكم من رسالة للجار مع توسع المدنية، خاصة ونحن نعيش نفحات رمضان؟
- نعم، كلُّ معطيات الحضارة إن لم تخدم الوفاق والألفة والاجتماع فإنها تؤدي إلى الدمار والعياذ بالله تعالى.
فهي إن لم توافق لا تغني شيئا؛ لذا يجب أن يُحافظ على هذه الأخلاق وهي الصلة بين المسلمين وبين الأسرة والجيران، وكذلك بين المجتمع مع مختلف شرائحه.